«العَلَم الوطني يبقى يرفرف.. وعَلمك إسرائيل بالنار» رغم مؤامرات الـ « سي آي إيه» لهيب الانتفاضة لن يخمد
على الرغم من الهدنة التي تم الإعلان عنها بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، وعلى الرغم من الزيارة التي قام بها كل على حدة المبعوث الأمريكي وليام بيرنز، والروسي أندريه فيدوفين، والأوربي ميغل أنخيل موراتينوس، إلى المنطقة داعين «الأطراف« إلى ضبط النفس ومنع التصعيد واللجوء إلى الحلول السياسية، متباينين فيما بينهم بخصوص المرجعيات الدولية، ورغم ما تدعيه واشنطن من رفض لبعض الإجراءات الإسرائيلية لا يزال جيش الاحتلال الصهيوني يواصل اعتداءاته الوحشية بحق الشعب الفلسطيني مع طلعاته الاستفزازية فوق الأجواء اللبنانية وتوجيه التهديدات ضد سورية.
سلسلة عدوانية..
اقتحام مدن خاضعة للسلطة الفلسطينية مع مواصلة سياسة فصلها عن بعضها، الاستيلاء على الأرض واحتلال المنازل وتحويلها إلى مواقع عسكرية لمراقبة المستوطنات الإسرائيلية وحمايتها، تدمير المناطق السكنية الفلسطينية بحجة إيواء المقاتلين، والحصيلة دائماً عشرات الضحايا الفلسطينيين، سياسات تصاعدت وتيرتها مؤخراً فيما تواصل إسرائيل التنسيق مع حلفائها في واشنطن وأنقرة جنباً إلى جنب مع سياسة التصفية الجسدية واغتيال نشطاء فصائل المقاومة الفلسطينية في الداخل وكوادر الانتفاضة التي قدمت أكثر من 600 شهيد منذ اندلاعها في أواخر أيلول الماضي.
شارون في عنق الزجاجة
وتندرج التحركات الميدانية الإسرائيلية ضمن محاولات شارون توسيع دائرة عدوانه واستفزازه المباشر بغية الخروج من مأزقه الداخلي لأنه عجز عن توفير الأمن لإسرائيل وقطعان مستوطنيها في وجه شباب اختاروا المقاومة والشهادة، وبغية التشويش على رفع مستوى الاختراق الدبلوماسي السوري للعمق الأوربي في مدريد وباريس وبرلين توضيحاً للموقف الوطني السوري وثوابته من عملية التسوية السلمية في المنطقة ومقتضياتها.
ألاعيب أمريكية مكشوفة
غير أن التحركات الإسرائيلية، ولاسيما الاغتيالات، هي أيضاً ترجمة عملية وغير معلنة لنتائج زيارة رئيس وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية جورج تينيت ولقائه بمسؤولي الأمن لدى إسرائيل والسلطة الفلسطينية.
وقد قيل إن تينيت تعهد بأن لا يقوم شارون بقتل أفراد السلطة الفلسطينية أو طردهم من مناطقهم في حال موافقتهم على وثيقته التي تضمنت عدة نقاط خطيرة منها:
* تأمين الحماية اللازمة لعناصر الأمن الإسرائيليين بتحركهم في مناطق السلطة، وهو ما كان محظوراًَ في السابق!
* أن يبذل رجال الأمن الفلسطينيون والإسرائيليون جهوداً مشتركة لتحديد مصادر الأسلحة «غير القانونية» ومصادرتها مع منع تهريبها إلى داخل المناطق الفلسطينية.
* اتخاذ الطرفين لكل الخطوات الكفيلة لتحديد مناطق يحظر فيها التظاهر.
* السماح للجيش الإسرائيلي باستخدام وسائل «غير قاتلة» في قمع «المشاغبين« أي كل ما يمكن أن يصيب الأفراد بالشلل أو العاهات الدائمة والمؤقتة، ومعنى ذلك أن ما كان فضيحة قبل أشهر بحق الإسرائيليين تحول إلى حق مكتسب لهم ومثبت بالوثائق ويحظى بموافقة السلطة الفلسطينية ذاتها..!
* التزام الطرفين بمواصلة التعاون الأمني بينهما حتى لو استؤنفت الأحداث «السلبية».
فخ.. وإرادة مقاومة
موافقة السلطة الفلسطينية على وثيقة تينيت تعني استمرار السماح لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية بمزاولة نشاطها العلني والرسمي في المنطقة وهي التي غالباً ما كانت تضطر، قبل سابقة إدخالها رسمياً إلى المنطقة، لتنفيذ سياساتها ومؤامراتها سراً. ولكن أيضاً وكما كانت الحال مع تقرير لجنة السيناتور الأمريكي ميتشل الذي ساوى بين الضحية والجلاد فإن الإقرار بهذه الوثيقة والوقوع في فخها يعني «الاعتراف« بأن ما يمارسه الفلسطينيون يومياً من أعمال نضالية وبطولية وعمليات استشهادية دفاعاً عن حقوقهم المشروعة ما هو إلا «إرهاب وعنف« ينبغي وقفه حتى وإن لم تتوقف إسرائيل عن إجراءاتها التصعيدية المتغطرسة.
ويبدو من الواضح تماماً إلى الآن أن الشارع الفلسطيني، الذي ليس لديه ما يخسره، لن ينصاع ولن يوقف انتفاضته قبل تحصيل بعض من حقوقه وكرامته.
سورية لن تركع!
إلى ذلك، قوبل التصعيد الإسرائيلي في المنطقة، مساء الثاني من تموز الجاري، باحتجاج شعبي في دمشق، كان رصيف البرلمان مسرحاً له..
«سورية لن تركع» عبارة نُسخت بوضوح على طبق متواضع من الورق المقوى وتجمّع تحت ظلها وظل النسر السوري المنتصب على واجهة مجلس الشعب السوري، أحد أهم رموز الجمهورية العربية السورية، العشرات من السوريين الشباب غداة القصف الإسرائيلي الذي طال للمرة الثانية أحد مواقع القوات السورية العاملة في لبنان في الأول من تموز.
هتاف الحناجر
تظاهرة العشرات التي رفعت اللافتات والأعلام السورية واللبنانية والفلسطينية داعية للنضال وهاتفة للصمود السوري ووحدة القضية الوطنية العربية في وجه العدو الصهيوني مؤكدة أن الشعوب لا تنسى وأن شارون مجرم حرب وأن الولايات المتحدة حليفة إسرائيل في اعتداءاتها سرعان ما توسعت مع تحول المتفرجين في الطريق إلى محتجين انخرطوا مع من سبقوهم ينادون ملء حناجرهم معاً، وعلى اختلاف أعمارهم الواضح والكبير: «شعبك سورية جبار.. أبداً أبداً ما بينهار، الشعب السوري ما بينذل وبيناضل ضد الصهيوني المحتل، شعب وجيش.. وجيش وشعب..، وجندينا ع خط النار جندي عنيد وجبار»... وتتقارب الأعلام السورية اللبنانية الفلسطينية مرفرفة عالياً في مشهد حقيقي معبّرٍ، مرة أخرى ومن جديد، تحت سماء دمشق..
النار تلتهم النجمة السداسية والصليب المعقوف
هتافات بضع مئات من المحتجين تحولت أهازيج علا معها الهدير قبل إحراق الأعلام الإسرائيلية بشعارها النازي والتي داستها أقدام من أكدوا استعدادهم لبذل دمائهم فداءً لسورية ولبنان وفلسطين تلبية لنداء الواجب الوطني عند الضرورة..
«واسمع اسمع اسمع اسمع.. وخلّي الدنيا كلها تسمع.. الشعب السوري ما رح يركع..»
«العلم الوطني فوق جبال وعَلمك إسرائيل بالنار»...