قصة بوليسية لمسؤول في المخابرات المركزية الأمريكية عملية الخليل.. بين الرواية والواقع!!

هذه هي المرة الأولى التي يكتب فيها مسؤول كبير في المخابرات المركزية الأمريكية عمل في المنطقة العربية تحديداً شيئاً عن تجربته في العمل السري، فقد كتب الكثيرون غيره ولكن «إريك جوردان» كتب دون القيود التي كانت مفروضة سابقاً بما يمكن نشره من الوقائع. فالكاتب هنا لا يصوغ من الخيال رواية بل من الحقيقة خيالاً، ويأخذ من الواقع كل تفاصيله. هو هنا لم يأبه كثيراً بمدى سرية هذه المعلومات.

وهي المرة الأولى التي تكون فيها إسرائيل وسياساتها ووسائلها في تنفيذ هذه السياسات موضوع كتاب حتى لو كانت رواية حيث خرقت الحظر على أن كل ما يتعلق بإسرائيل مكتوم محجوب.

وكاتب هذه الرواية هو «إريك جوردان» الذي عمل في الستينات مسؤولاً للمخابرات الأمريكية في ليبيا في عهد الملك «إدريس السنوسي»، عندما كانت الولايات المتحدة تفرض قواعدها العسكرية على ليبيا كقاعدة «العظم» وقاعدة «هويلس» لحماية المواقع والبترول والقواعد.

وعمل مستشاراً لأحد المليارديرات العرب في أوروبا معمقاً صلاته بهذا المجتمع العربي في أوروبا الذي له تأثير ونفوذ على صناعة القرارات عموماً في العالم العربي.

وبعد ذلك ظهر في واشنطن مستشاراً للرئيس «رونالد ريغان» لشؤون الإرهاب.

وبعد ذلك وفي نيويورك وبعض العواصم الأوروبية والعربية أطل كرجل أعمال لحسابه الخاص.

أطل «إريك جوردان» بعدها كمؤلف لقصة روائية ظهرت في لندن تحت عنوان «عملية الخليل» وهي المرة الأولى التي يكتب فيها جوردان عملاً روائياً وقد صدرت عن دار نشر «مجموعة الإعلام الدولي» في لندن هذا العام.

تدور الأحداث في محور رئيسي هام وهو الانتخابات الأمريكية حيث تقترب كثيراً، وتتفتق عن أذهان السياسيين الكبار صانعي القرار في إسرائيل فكرة خطيرة مفادها أن الوقت قد حان كي لا يكون الاكتفاء بالدعم والتعاطف الأمريكي هو أقصى الطموح، بل هو رجل مع إسرائيل قلباً وقالباً وبكل جوانحه في أهم كرسي أمريكي، أي أن يكون الرئيس الأمريكي ذاته عميلاً للموساد. وبذلك لا داعي للاعتماد على طابور طويل من الداعمين والمشجعين من أصحاب محطات البث التلفزيوني والإذاعي والفضائيات والصحف وشركات السينما فالدعم هو ممن يجلس على رأس الهرم شخصياً .

ويدعو رئيس الوزراء الإسرائيلي «أهارون إيشيل» بالتعاون مع مدير الموساد «بنيامين شتيرن» إلى إطلاق هذه العملية المسماة «عملية الخليل» رغم تحفظات شتيرن على خطورة الإنفضاح وبالتالي انكشاف الأمر أمام الرأي العام الأمريكي مما لا يجدي بعده أي رتق أو ترقيع لهذا الموقف.

ويظهر وسط هذه العملية الكبرى وضمن وقائع القصة عملية فرعية يرى فيها الموساد ضرورة تصفية أحد السفراء الأمريكيين جسدياً وهو «ريتشارد سورنسون» ممثل الولايات المتحدة في «بروكسل» عاصمة الاتحاد الأوروبي. لأنه كما يبدو ليس صديقاً لإسرائيل ومشاعره نحوها ليست جلية بما فيه الكفاية ولأن تأثيره على الرئيس «دوجلاس» ـ الرئيس الحالي زائد. مما سيضعف موقف إسرائيل في العملية القادمة وتصفيته سهلة نسبياً لأنه «زير نساء» لا يستطيع المقاومة.

ووجدت الموساد المواصفات المطلوبة للقيام بهذه المهمة في فاتنة صربية تدعى «جاكي ماركو فيتش».

ونلاحظ هنا أن مخابرات الدول الكبرى حين تقرر التصفية الجسدية لشخص لا تمارس القتل بعملائها بل تلجأ إلى فئة من «القتلة الدوليين» المأجورين طبقاً «لعقود عمل» يصعب عادة تتبع أثارهم وحين تكلف قاتلاً محترفاً لا تفعل ذلك مباشرة بل تفضل أن يصدر التكليف عن غيرها أو أن يبدو الأمر على الأقل كذلك. وهذا ما حدث بالضبط في تلك العملية حيث تصرف الموساد بحيث تظن ماركوفيتش بأن المخابرات الإيرانية هي من كلفها. وبعدما قامت ماركوفيتش بالعملية فعلاً لم تجد قيمة عقدها كما هي العادة في حسابها في البنك. وراجعت ممثلي الموساد فأنكروا. وأحست بالخديعة لأنهم يريدون «أكل حقها» فضلاً عن استغلالها وقررت بجرح امرأة عرفت ألم الجراح «الانتقام».

ويوم إعلان نتائج الرئاسة الأمريكية كانت جاكي ماركوفيتش على موعد مع الانتقام من «تيرون» مسؤول الموساد في واشنطن وهو الذي أنكر عليها قيمة عقدها بحجة أن الإيرانيين وليس الإسرائيليين من كلفها وليلتها تعقبت «تيرون» إلى موعد سري ذهب إليه (ولم تكن تعرف) أنه مع «الخليل» وهو العميل السري الذي ساندته إسرائيل ليصل إلى المكتب البيضاوي في البيت الأبيض.

وتفاجئ «جاكي» مدير الموساد في واشنطن «تيرون» في لحظة انتصاره الأعظم بعد نجاحه في وضع عميل لإسرائيل في البيت الأبيض، وتصوب المرأة إليه رصاصة امرأة مجروحة مصممة على الانتقام وتقتله، وتقتل معه رجلاً أخر يتضح فيما بعد أنه رجله المختار «الخليل» وهو في نفس الوقت الرئيس الأمريكي المنتخب الجديد.

أي أن إسرائيل وفي ذروة تحقيق أوسع أحلامها خسرت بمجرد مصادفة عميلها الجاهز للرئاسة الأمريكية (في ظروف حاسمة ونهائية) في البيت الأبيض.

 

** قد تبدو هذه القصة كغيرها من القصص البوليسية التي تعتمد خلفية سياسية ولكنها في الواقع ليست كذلك..