مؤتمر منظمة التجارة العالمية في قطر ومصالح البلدان النامية
أعلن الشيخ حمد بن آل ثاني، مساعد وكيل وزارة المالية والاقتصاد والتجارة في قطر أن المؤتمر الوزاري الرابع لمنظمة التجارة العالمية سيعقد في الدوحة ما بين التاسع والثالث عشر من شهر تشرين ثاني القادم.
وقال: إنه من المتوقع أن توجه المنظمة الدعوات إلى أكثر من 170 دولة، بينها 141 دولة من الأعضاء في المنظمة، ونحو 30 دولة أعضاء مراقبين ، يفاوضون للحصول على العضوية، وسيبلغ عدد المشاركين نحو 4500 شخص بالإضافة إلى نحو 1000 صحفي.
والجدير بالذكر أن هذا المؤتمر يأتي انعقاده بعد فشل مؤتمر «سياتل» في إطلاق جولة جديدة من المفاوضات التجارية، كما يأتي انعقاده في فترة يواجه فيها النظام التجاري العالمي أزمة صدقية، وخصوصاً من قبل الدول النامية التي تطالب بتنفيذ الاتفاقات السابقة أي اتفاقات جولة «أورغواي».
وأضاف المسؤول القطري: إن هذا المؤتمر لا يختلف عن غيره من المؤتمرات الوزارية السابقة أو الرئاسية للمنظمات الدولية، كمنظمة الأمم المتحدة، وصندوق النقد والبنك الدوليين حيث تلتزم الدولة المضيفة «بالسماح لجميع ممثلي الدول الأعضاء في هذه المنظمات وإن كانت لا تقيم علاقات دبلوماسية مع دولها» وأشار إلى أن جميع الدول الأعضاء في المنظمة بما فيها إسرائيل ستشارك في المؤتمر القادم. وقال لا فض فوه: فهذا الحدث هو مؤتمر اقتصادي لا سياسي!! وجميع الدول المشاركة سيمثلها وزراء اقتصاد واختصاصيون في أمور اقتصادية وفنية، وأن جميع الدول العربية تعي أن قوانين المنظمات والتجمعات الاقتصادية تفرض «عدم الخلط بين السياسة والاقتصاد»!!! وكأن هناك سوراً صينياً يفصل بينهما ، مع أنهما وجهان لعملة واحدة. إنه مؤتمر الأغنياء ضد الفقراء، مؤتمر الأقوياء ضد الضعفاء.
إن مشاركة إسرائيل في مؤتمر الدوحة المقبل، يعد خطوة إضافية من جانب قطر تؤكد فيها خروجها على القرار العربي بمقاطعة الاتصالات بإسرائيل، وكانت توصيات لجنة المتابعة في جامعة الدول العربية قد دعت في أيار الماضي إلى وقف الاتصالات السياسية مع الحكومة الإسرائيلية، ما دام العدوان والحصار على الشعب الفلسطيني مستمراً، كما أن منظمة المؤتمر الإسلامي التي تتولى قطر رئاستها حالياً دعت بدورها إلى مقاطعة أي شكل من أشكال الاتصالات مع العدو الصهيوني.
كما أن الإعلان القطري جاء في وقت يتصاعد فيه القمع الإسرائيلي الدموي للفلسطينيين وتهديدات حكومة شارون الوقحة ضد سورية ولبنان.
أما عن المشاركة العربية في المؤتمر فقال المسؤول القطري: (إن 11 دولة عربية عضواً في منظمة التجارة العالمية ستشارك في المؤتمر) وهذه الدول هي: البحرين والكويت والمغرب وتونس وجيبوتي وموريتانيا ومصر وقطر والإمارات والأردن وعمان، وأشارت الصحف إلى أن خمس دول عربية بدأت إجراءات الانضمام وهي: الجزائر والسودان والسعودية ولبنان واليمن، وتبقى ست دول عربية، لم تسع للعضوية فيه وهي: سورية والعراق وليبيا وجزر القمر والصومال وفلسطين.
ويذكر أن اختيار قطر لاستضافة مؤتمر منظمة التجارة العالمية أثار احتجاجات واسعة من منظمات عالمية غير حكومية، وشدد البعض على النقص في الديمقراطية بالبلاد، والقيود المحتملة على حرية التظاهر، غير أن حكومة قطر أكدت أنها تنوي السماح بالتظاهرات السلمية.
ومن المعروف أن المؤتمر الوزاري السابق لمنظمة التجارة العالمية الذي عقد في سياتل عام 1999 قوبل بمظاهرات جماهيرية صاخبة، تمكن المتظاهرون المناهضون للعولمة من إسماع أصواتهم إلى حد إثارة الاضطراب في المؤتمر وتأخير انعقاده وانتهائه بالفشل، لبروز التناقض الواسع بين مصالح البلدان الغنية ومصالح البلدان الفقيرة.
كيف تنظر الدول النامية إلى مؤتمر الدوحة
تنظر الدول النامية إلى المؤتمر القادم بقلق له ما يبرره. وإن الواقع يقول: حتى يكون مؤتمر الدوحة ناجحاً لا بد من خروجه بنتائج تراعي مصالح البلدان الفقيرة، وأن يساعد على تحويل النظام التجاري متعدد الأطراف لأن يكون أكثر استجابة لاحتياجاتها ومصالحها، بعد الصعوبات التي واجهتها في اتفاقات تجارية لم تعكس، في حالات كثيرة مصالحها أو أولوياتها، كما أنها لم تحقق مكاسب من النظام الذي يحوي تمييزاً لغير صالح المجالات التي تتمتع فيها بمزايا نسبية.
ولكي يكسب المؤتمر القادم صفة النجاح لا بد من تركيز المفاوضات التجارية متعددة الأطراف في المستقبل القريب على عدد من العناصر الحيوية للدول النامية:
1 استعراض تجربة «تنفيذ» اتفاقات جولة أورغواي، وما واجهته الدول النامية من صعوبات، والتعديلات الواجب إدخالها لتيسير الامتثال للقواعد والالتزامات وضمان المزايا التي توقعها المشاركون في تلك الجولة.
2 مواصلة المفاوضات المتفق عليها مسبقاً في مجالي الزراعة والخدمات، والتي تعد جزءاً من الناتج النهائي لجولة أورغواي بحيث تشمل بحث المعاملة غير المتساوية للتجارة في السلع الزراعية، مقارنةً بالسلع المصنعة، وأشكال الخدمات ذات الأهمية للدول النامية، كحركة الأشخاص الطبيعيين.
3 المراجعة المقررة سلفاً لاتفاقات مثل الأوجه التجارية لحقوق الملكية الفكرية، وإجراءات الاستثمار المرتبطة بالتجارة، ودراسة أثر الاتفاقين على جهود التنمية في البلدان النامية، أو ما يطلق عليها بلدان العالم الثالث، أو بلدان الجنوب، نتيجة حرمانها من خيارات وأدوات محددة في رسم سياساتها الداخلية.
إن هذا النهج سيلبي احتياجات هذه البلدان ويخفف الضغط على مواردها المحددة في مواجهة موضوعات جديدة لا مصلحة لها فيها.
إن الدول النامية ليست معنية بأي من الموضوعات الجديدة المقترحة للتفاوض لأنها معدة لزيادة فرص دخول شركات الدول الصناعية إلى أسواق الدول النامية.
ولهذه الأسباب فإن العديد من الدول النامية غير متحمس لتأييد عقد جولة واسعة النطاق من المفاوضات التجارية متعددة الأطراف بجدول أعمال شامل، وأساس عدم حماستها قوي، وهو أنه إذا كان النظام التجاري متعدد الأطراف يعمل حقاً لمصلحة الجميع فعلى الأعضاء الكبار في منظمة التجارة العالمية أن يراعوا احتياجات اللاعبين الأضعف، وأن يحددوا جدول أعمال مناسباً لاحتياجاتهم وتطلعاتهم المشروعة.