اقتصاد الحرب تقاسم السوقين الأفغانية والعراقية

على الرغم من أن إدارة بوش تحاول الحفاظ على سرّيةٍ فائقة بالنسبة لعقود إعادة الإعمار المقدّمة للشركات الأمريكية في أفغانستان وفي العراق، فقد جرى تعيين أهمها. هناك ثماني شركاتٍ، يرتبط مديروها بزمرة بوش أو كانوا ضالعين سياسياً في اندلاع هاتين الحربين، قد استفادت من العقود العامة بقيمة تتجاوز 500 مليون دولار. وتعود حصّة الأسد لشركة نائب الرئيس ديك تشيني، هاليبورتون/KRB.

تحاول إدارة بوش الحفاظ على سرّية العقود المثيرة للغاية، والتي جرى توقيعها مع شركاتٍ خاصة بهدف إعادة إعمار أفغانستان والعراق. غير أنّ مركز النزاهة العامة قد نجح في تعيين أهمّ هذه الصفقات، وذلك بعد ستة أشهر من التحقيقات وعدّة إجراءات قضائية للحصول على الوثائق الرسمية.

في هذا اليوم، يعتقد بأنّ القيمة الكلّية لتلك العقود ثمانية مليارات دولار على الأقل، موزعة بين 70. غير أنّ العديد من العقود هي من نمط ID/IQ (تسليم غير محدد/كمية غير محددة): إنّها «صفقات وفق الطلب»، تحدد عبرها سلطات التحالف المزوّدين الحصريين دون أن تحدد مسبقاً الكميات التي ستحتاجها، ولا تواريخ التسليم. وفي المحصلة، ستكون قيمة هذه الصفقات أكبر.

حتى هذا اليوم، حصلت ثماني شركات على عقودٍ تتجاوز قيمتها 500 مليون دولار:

 ● شركةKRB/Halliburton:

أكبر شركة تجهيزاتٍ نفطية في العالم، وقد أدخلت عناصر جديدة على أنشطتها. أهمها إنشاؤها لشركة فرعية، هي شركة (Kellogg Root & Brown (KRB، لضمان أمنها. أصبحت شركة KRB إحدى أهم الجيوش الخاصة في العالم، واليوم، وبغض النظر عن إعادة إعمار أفغانستان والعراق، فقد أصبحت هاليبورتون المزوّد الثامن عشر للبنتاغون بالأسلحة.

كان ديك تشيني رئيساً لشركة هاليبورتون KRB حتى توليه منصب نائب رئيس الولايات المتحدة. وعلى الرغم من أنّه لم يعد يمارس أيّة وظيفةٍ فيها، فإنّه سوف يستمر في الحصول على 165 ألف دولار سنوياً منها حتى العام 2005.

وقّعت هاليبورتون عقداً بقيمة 316 مليون دولار لتأمين الاحتياجات اللوجستية للقوات في أفغانستان وإعادة بناء سفارة الولايات المتحدة في كابول، وعقداً آخر بقيمة ملياري دولار لإعادة تأهيل حقول النفط العراقية. وبصورةٍ مستقلة، قامت هاليبورتون ببناء أجنحة عقاب إضافية في معسكر غوانتانامو.

● مجموعة بكتيل Bechtel Group Inc.

 بكتيل هي أهمّ شركة أمريكية في مجال البناء والأشغال العامة، كما أنّها مرتبطة بتجارة الأسلحة. وبهذه الصفة، كانت إحدى 24 شركة في الولايات المتحدة تزوّد عراق صدّام حسين بالأسلحة أثناء حربه ضدّ إيران. يدير شركة بكتيل كاسبار واينبرغر (وزير الدفاع الأمريكي الأسبق) وجورج شولتز (وزير الخارجية الأسبق) ودبليو كينيث ديفيس (الرئيس الأسبق للجنة الطاقة النووية). كما استخدمت رتشارد هيلمز (المدير الأسبق لوكالة المخابرات المركزية CIA) كمستشار.

كانت قريبة رتشارد هيلمز ممثلةً لإمارة الطالبان في الولايات المتحدة، في الوقت الذي كان فيه جورج شولتز يترأّس مجلس توجيه لجنة تحرير العراق. وقد وقّعت بكتيل عقوداً لإعادة إعمار البنى التحتية (موانئ، مطارات، طرق، مستشفيات، مدارس، إلخ.) في العراق بقيمة مليار دولار.

● شركة International American Products

شركة الخدمات الدولية هذه متخصصة في تسيير المعدّات إلى أيّ مكانٍ في العالم، وخاصةً تقديم المساعدة أثناء الكوارث. التركيب الدقيق لهذه الشركة غير معروف، لكنّ البنتاغون يصفها بأنّها «شركة يمتلكها مخضرمون». وقّعت هذه الشركة عقداً بقيمة 18 مليون دولار بهدف إعادة تأهيل محطات الكهرباء في أفغانستان، وعقداً آخر بقيمة 500 مليون دولار لإصلاح شبكة الكهرباء والسكك الحديدية في العراق.

● شركة بيريني Perini Corporation

وهي شركة للبناء والأشغال العامة، كما أنّها أهمّ شركات بناء الفنادق والكازينوهات في الولايات المتحدة. 

أهم مساهمي شركة بيريني هو رتشارد بلوم، وهو زوج النائبة الديموقراطية عن كاليفورنيا في مجلس الشيوخ ديان فنشتاين، التي أعلنت في العام 2002 رفضها للهجوم على العراق، ثمّ بدّلت موقفها فجأةً في 

شباط 2003 بمناسبة خطاب باول في الأمم المتحدة، حين ساندت شنّ الحرب. بعد بضعة أيام من تحوّلها السياسي، وقّعت شركة زوجها عقداً لإسكان القوات الأمريكية في أفغانستان مقابل مبلغ يتراوح بين 5 و 500 مليون دولار. كما وقّعت عقداً مماثلاً في العراق. 

● شركة Contrackt International Inc.

 وهي شركة للأبنية والأشغال العامة والدفاع. يمتلك معظم أسهمها الوجيه المصري نجيب ساويريس. 

وقد وقّعت الشركة عقداً يتراوح بين 5 و 500 مليون دولار لإعادة تأهيل البنى التحتية العسكرية في أفغانستان.

● شركة فلور Fluor Corp.

وهي شركة هندسية. مديرها هو فيليب ج. كارول الابن (الذي كان أيضاً رئيساً لشركة شلّ 

في الولايات المتحدة لمدة 37 عاماً)، استقال مؤخراً ليصبح مسؤول استثمار النفط العراقي داخل سلطة التحالف. وكان نائب الرئيس الجديد للشركة، كينيث ج. أوسكار، معاوناً لوزير الدفاع، مكلّفاً بشؤون الجيش حتى نيسان 2002. أخيراً، مدير الشركة هو الأميرال بوبي ر. إنمان (أهم شخصية في وكالة الأمن القومي NSA والرجل الثاني في وكالة المخابرات المركزية CIA).

وقّعت شركة فلور عقداً لبناء القيادة المركزية الأمريكية في أفغانستان مقابل مبلغ يتراوح بين 5 و 500 مليون دولار، وعقداً مماثلاً في العراق. 

● مجموعة واشنطن الدولية Washington Group International.

 وهي شركة هندسة مدنية وعسكرية، اشترت ورشات شركة Raytheon لتصنيع الأسلحة. مدير الشركة الأميرال ويليام فلاناغان، القائد الأعلى الأسبق لمنطقة الأطلسي.

كشركتي بيريني وفلور، وقّعت مجموعة واشنطن الدولية عقداً لبناء القيادة المركزية الأمريكية في أفغانستان مقابل مبلغ يتراوح بين 0.5 و 500 مليون دولار، وعقداً مماثلاً في العراق. 

● معهد أبحاث ترنغل Research Triangle Institute.

 هذا المعهد ليس شركةً تجارية، بل اتحاد غير نفعي. وهو يستخدم العديد من الأساتذة الجامعيين ويقدّم الخبرات للوكالات الحكومية وللمنظمات الدولية. تترأس المعهد فكتوريا فرانشيتي هاينس، المستشارة السابقة للمختبرات الرئيسية للجيش الأمريكي. وحتى كانون الثاني الماضي، كان نائب رئيسها، آرون س. ويليامز، أحد أهمّ مدراء وكالة USAID، وهي وكالة حكومية مكلّفة بتنظيم طلب العقود لأفغانستان والعراق. ورئيس المكتب، ليون ماغارت، القائد الأسبق لفورت نوكس، خدم في قيادة أركان عاصفة الصحراء، وهو رئيس الاتحاد الرئيسي للمحاربين القدماء في الجيش الأمريكي. 

 

وقّع المعهد عقداً استشارياًً من أجل إعادة تنظيم الإدارات المحلية في العراق مقابل مبلغ بحدود 500 مليون دولار.