«إسرائيل لا تحترم الأحياء. ربما تحترم الأموات»!!

أيتها الأحزاب، أيتها الاتحادات، أيها الرجال والنساء المحبون للسلام، أين أنتم؟

لا أسمعكم تصيحون «كفى!»...

في كلّ يومٍ يمرّ، يسمح صمتكم لإسرائيل وللولايات المتحدة بتجاوز درجاتٍ جديدة في الفظاعة. أين هم المدافعون عن حقوق الإنسان، والمستعدون لمكافحة العنصرية الجاهزة دائماً لاتهامنا بمعاداة السامية؟

مساء البارحة، كنت أشاهد أخبار الحادية عشرة على الـ BBC. كنت منهارة أمام تلك الصور التي تتكرر دون توقّف، والتي تظهر الرجال الذين يتسلى الطيارون الإسرائيليون بقتلهم في غزة بالصواريخ.

لم يعد الفلسطينيون يستطيعون حتى أن يشعروا بالانسجام مع سمائهم. أصبحت السماء مرادفاً للرعب بالنسبة لهم. الرعب الذي ينشره الطيارون الإسرائيليون باستمرار، أثناء تحليقهم ليل نهار فوق غزة. كيف يستطيع العالم الاستمرار في تحمّل قيام دولٍ بإبادة البشر على هذه الصورة؟

كنت هناك، يسحقني الرعب والألم، أفكّر بعائلات ضحايا هذا العنف الأعمى، حين  ظهر على الشاشة السفير دان جيلرمان، السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة في نيويورك.

أثار دان جيلرمان دهشتي حين تحدّث عن الفلسطينيين مرّتين قائلاً: «إنّهم حيوانات، إنّهم حيوانات...». قال ذلك بقرف، بعنف، برضى، في ذلك الوقت الذي كان فيه الفلسطينيون المرعوبون في غزّة يجمعون جرحاهم وجثث قتلاهم وهم يصيحون ألماً.

دان جيلرمان سفير أحد أرفع ممثّلي الدولة اليهودية. إذا كان يقول ذلك كما فعل، فهذا يعني أنّ مواطني إسرائيل موافقون، في معظمهم، على كلامه الجنوني.

الإسرائيليون جميعاً مقتنعون في دواخلهم بأنّ الفلسطينيين، والعرب، هم «حيوانات تمشي على قدمين». لقد أُعلنت الكلمة رسمياً، في هذا اليوم، الرابع والعشرين من شهر آب. هذا يعني أنّ العرب هم «حيوانات»، وأنّ إسرائيل تستطيع إبادتهم جميعاً، وأنّه لا يجدر بنا نحن أن نسكب دمعةً واحدة على أناسٍ من هذا النوع. هذا ما يحضّرنا له سفير إسرائيل. إنّه يحضّرنا لسحقهم. لقد شعرنا بذلك من قبل.

لو أنّ سفير فلسطين أعلن، بعد مجزرة القدس، ومن أجل التقليل من أهميّتها، أنّ الإسرائيليين «حيوانات»، لوقف العالم وقفة رجلٍ واحد كي يدينه.

ما الذي تنتظرونه، يا رجال العالم ونساءه، كي تنتفضوا ضدّ العنصرية الصاعدة التي تمارسها إسرائيل؟ أنا لا أريد مثل هذا العالم. سوف أحارب هذا العالم بكلّ قواي.

البشر الذين يقولون عن بشرٍ آخرين إنّهم حيوانات ليسوا جديرين بهذا العالم. طالما أنّ إسرائيل لا تعتذر، ولا تعتبر كلّ كائنٍ بشريّ كائناً بشرياً، فإنّ هذا البلد غير جديرٍ باحترامنا، غير جديرٍ بالعيش إلى جانب البشر. سوف أحاربهم...

25 آب 2003

 

■ سيلفيا كاتوري