التصعيد الإسرائيلي والضوء الأخضر الأمريكي
لم توجه الإدارة الأمريكية أي لوم أو نقد للحكومة الإسرائيلية على عودتها إلى سياسة اغتيال القيادات الفلسطينية وخصوصاً قيادات حماس والجهاد الإسلامي، وفي الوقت ذاته أوقفت إسرائيل الاتصالات مع حكومة محمود عباس متهمة إياها بأنها لا تبذل أي جهد للقضاء على «المنظمات الإرهابية» على حد تعبيرها، كما أعلنت أنها توقفت عن تنفيذ بنود خارطة الطريق التي لم تلتزم بها قط.
وقد ظهرت بوادر الصمت الأمريكي منذ اغتيال إسماعيل أبو شنب أحد قادة حماس، كما أن كولن باول وزير خارجية بوش لم يوجه أي رسالة خفيفة اللهجة أو شديدتها إلى إسرائيل على ارتكابها هذه الجريمة الشنعاء. وقال إن من حق إسرائيل الدفاع عن نفسها! بل أكثر من ذلك، فقد وجه باول رسائل إلى الحكومات العربية العميلة بدءاً من مصر مبارك إلى أردن عبدالله الثاني، والتي تدور في فلك واشنطن وتأتمر بأمرها للضغط على من وصفهم بـ «الجماعات المتشددة» لوقف العنف، أي المقاومة للاحتلال الإسرائيلي، كما طالب عرفات والذي تجاهلته واشنطن طويلاً بأن يضع القوات الأمنية التي يسيطر عليها تحت إمرة رئيس الوزراء محمود عباس، وهددت واشنطن وتل أبيب من أي محاولة لعزل محمود عباس.
إن موقف الإدارة الأمريكية يتسم بالازدواجية والخداع واللؤم. فعندما فشلت محاولة إسرائيل في اغتيال الرنتيسي، وقعت واشنطن في حرج واضطرت إلى التعبير عن أسفها على هذا الحادث. أما عندما نجحت إسرائيل في اغتيال إسماعيل أبو شنب صمتت صمت القبور. ومن المعروف أن الساكت عن الحق شيطان أخرس، بل عملت أكثر من ذلك إذ ضغطت على القيادة الفلسطينية وطلبت منها القضاء على حركة المقاومة فالقاتل في رأي قادة واشنطن يدافع عن نفسه، أما القتيل فقد نال جزاءه لأنه يأبى التسليم لإرادة أعدائه الصهاينة مغتصبي أرضه وقاتلي أبناءه.
وعلى الرغم من أن الإدارة الأمريكية تكرر باستمرار، زوراً وبهتاناً بأنها ملتزمة بـ«خارطة الطريق» فإنها تعلم حق العلم أن هذه الخارطة قد انهارت أو على وشك الانهيار الكلي، بسبب الأعمال العدوانية الإسرائيلية المستمرة على الشعب الفلسطيني وقيادات مقاومته، وخاصة بعد إصرار إسرائيل على مواصلة بناء الجدار العازل والأنشطة الاستيطانية واعتقال نشطاء المقاومة التي أدت إلى عملية القدس وبالتالي اغتيال إسماعيل أبو شنب، كل ذلك دفع حركتي حماس والجهاد إلى الإعلان بأنهما في حِل من الهدنة التي التزمت بها.
إن المنطقة تشهد تدهوراً خطيراً ولايعلم أحد إلى أين ستصل الأمور، ولايبقى أمام الشعب الفلسطيني وقوى مقاومته إلا رص الصفوف وتوحيد جميع الجهود لمتابعة النضال الشاق والدامي، للوقوف أمام العدوانية الأمريكية، والعنجهية والبربرية الصهيونية من أجل استعادة حقوق الشعب الفلسطيني التي يناضل من أجلها منذ أكثر من نصف قرن.
إن المقاومة هي السبيل الوحيد ولاشيء غير المقاومة.
■ عادل الملا
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.