كوبا وفنزويلا مثلان في الحفاظ على السيادة الوطنية كاسترو: إنّ سيادة شعبٍ وكرامته لا يُناقَشان مع أحد شافيز: لا يهمني ما تقوله واشنطن، نحن لسنا مستعمرة!
في وقت تزداد فيه الضغوط الأمريكية والأوربية على كل من كوبا وفنزويلا والبرازيل بغية حرف قياداتها وشعوبها عن أنماط التنمية الاقتصادية الاجتماعية التي تبنتها خرج الزعيمان الكوبي فيدل كاسترو والفنزويلي هوغو شافيز بتصريحات لشعوبهما وللقارة الأمريكية اللاتينية وللعالم تؤكد تمسكهما بخيار مقاومة الهجمة الإمبريالية الشرسة وأن الكرامة والسيادة الوطنية تأتي قبل أي اعتبار.
كاسترو يدافع عن الثورة الكوبية
فضمن فعاليات توجت احتفالات وطنية استمرت أياماً ثلاثة، وجّه الرئيس الكوبي فيدل كاسترو في السابع والعشرين من الشهر الماضي، وأمام عشرات الآلاف من أبناء شعبه ووفود تضامنية من عشرين بلداً، وجه خطاباً نارياً ضد الاتحاد الأوروبي، في وقت دافع فيه وبالأرقام الإحصائية عن مكتسبات الثورة الكوبية اجتماعياً وإنسانياً، وذلك في نفس المكان الذي بدأت فيه انتفاضة السادس والعشرين من تموز الكوبية ضد ديكتاتورية باتيستا منذ خمسين عاماً مدشنة آنذاك الطريق أمام انتصار الثورة الكوبية وإسقاط الحكومة العسكرية المرتبطة أمريكياً في عام 1959.
كرامة الوطن فوق كل اعتبار
الزعيم الذي يتمتع بشعبية واسعة في جزيرة الحرية كما يسميها الكوبيون اتهم الاتحاد الأوربي بالوقاحة وبالثمالة النرجسية، معلناً أن «حكومة كوبا، وبحسّ الكرامة الذي لديها، تتخلّى عن أية مساعدةٍ أو بقايا مساعدةٍ إنسانية يمكن أن تقدّمها المفوضية الأوربية وحكومات الاتحاد الأوروبي التي تتوهم مواصلة الحوار السياسي». وأوضح كاسترو: «إنّ بلادنا لن تقبل مساعداتٍ من هذا النوع، على تواضعها، إلاّ من سلطاتٍ مستقلة إقليمية أو محلية، أو من منظماتٍ غير حكومية وحركاتٍ تضامنية لا تفرض على كوبا شروطاً سياسية».
«مساعدات» مشروطة
وكان الاتحاد الأوروبي ربط في الحادي والعشرين من تموز استمرار تقديمه للمساعدات بأن تؤدي هذه الأخيرة إلى تقديم «فائدةٍ مباشرة» للشعب وبأن تشكّل «مساهمةً ذات قيمة في الانفتاح والإصلاحات الاقتصادية»، معرباً في الوقت نفسه عن رغبته في مواصلة الحوار السياسي مع كوبا.
وفي الخامس من حزيران، ورداً على اعتقال 75 منشقاً وتنفيذ حكم الإعدام بثلاثة أشخاصٍ حاولوا اختطاف مركبٍ إلى الولايات المتحدة، اتخذ الاتحاد الأوروبي عقوباتٍ دبلوماسية ضدّ كوبا وبدأ يستقبل منشقين كوبيين في الحفلات التي تقيمها حكوماته في حين توقف ممثلو كوبا الرسميون عن حضورها. كما قرر الاتحاد الأوربي إعادة النظر في شروط المساعدة التي يقدّمها، والتي تبلغ 15-20 مليون يورو سنوياً، لم يصل منها سوى 400 ألف بالفعل في العام 2002. وقد أكّد فيدل أنّ كوبا ليست بحاجة للاتحاد الأوروبي للبقاء على قيد الحياة والتطور والوصول إلى ما لن يحصل عليه الأوروبيون أبداً.
كوبا تواجه الحقد
الرئيس الكوبي الذي هاجم بصورةٍ خاصة رئيس الحكومة الإسبانية خوسيه ماريا أزنار واصفاً إياه بالشخص ذي الطبيعة والفكر الفاشيين أكد «أن سيادة وكرامة شعب لا يناقشان مع أحد، فكيف بالأحرى مع مجموعةٍ من القوى الاستعمارية القديمة، المسؤولة تاريخياً عن تجارة العبيد، ونهب وإبادة شعوبٍ بأكملها؟» وأضاف أنّ الاتحاد الأوروبي، «بارتباطاته بحلف شمالي الأطلسي والولايات المتحدة، كان عاجزاً عن إجراء تبادلٍ بنّاء» ووصف البلدان الثمانية التي كانت في الماضي شيوعية والتي ستنضمّ إلى الاتحاد الأوروبي في العام 2004 بـ«أحصنة طروادة» للولايات المتحدة في أوروبا، «يملؤها الحقد على كوبا بعد أن تركتها
وحدها، والذين لم يغفروا لها أنّها قاومت».
لا يهم ما تقوله واشنطن
من جانبه، وفي اجتماعٍ حاشد للاحتفال بإعادة انتخابه في العام 2000، أنذر الرئيس الفنزويلي هوغو شافيز في الحادي والثلاثين من الشهر الماضي المسؤولين في واشنطن بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلاد، وذلك في وقت يحضّر فيه معارضوه السياسيون أنفسهم ليطلبوا إجراء استفتاءٍ عامّ حول ولايته حيث يسمح الدستور الفنزويلي بالتصويت على ولاية رئيسٍ في منتصف مدة ولايته، والتي ستحلّ بالنسبة لشافيز في التاسع عشر من الشهر الجاري.
وبينما أعلن المعارضون أنّهم جمعوا العدد الضروري من التواقيع للقيام بمثل هذا الاستفتاء بما يمثل بحسب مصادر المعارضة 20% من مجموع الناخبين، ترى منظمة الدول الأمريكية في هذا الاستفتاء وبعد التأكد من عدد الموقعين، وسيلةً لإخراج فنزويلا من الأزمة السياسية بين الحكومة والمعارضين المدعومين من واشنطن والذين فشلوا في محاولتين انقلابيتين على امتداد عامين.
وكان رتشارد باوتشر، الناطق باسم وزارة الخارجية الأمريكية، أعلن مؤخراً أن قرار تأييد الاستفتاء قد صدر عن «بعض المحاكم، والمجلس الوطني الانتخابي والشعب الفنزويلي»، وليس عن الرئيس.
وردّ شافيز بوضوح أنه «ليس من حق الولايات المتحدة إعطاء رأيها حول ما يجري» في فنزويلا، مضيفاً : «لا يهمني ما يمكن أن يقوله ناطقٌ باسم وزارة الخارجية... ينبغي احترام هذا البلد. نحن لسنا مستعمرة».