في ندوة «هل للاشتراكية مستقبل في الوطن العربي؟!» نعم... الاشتراكية حِلمٌ وعِلمٌ!!

ضمن فعاليات أسبوع المدى الثقافي، عقدت في دمشق يوم الاثنين في 26/3/2001 ندوة تحت عنوان «هل للاشتراكية مستقبل في الوطن العربي؟!»... شارك فيها كل من الرفيق د. قدري جميل والأستاذ كريم مروة، د. أحمد برقاوي، الأستاذ حسين عبد الرازق، والأستاذ مصطفى الحسيني، أدار الندوة د. رفعت السعيد.

عنوان ملتبس!!

وقد توقع الحشد الكبير من الحضور أن عنوان الندوة الملتبس الذي يطرح التساؤل عن مستقبل الاشتراكية هو من قبيل التحريض على إثبات هذا المستقبل... ولكن بالنتيجة تبين أن صيغة السؤال في العنوان حمل غالبية المفكرين والباحثين المشاركين للوصول إلى فقدان اليقين بمستقبل الاشتراكية... بل وصل الأمر عند البعض اعتبارها مصطلحاً طوباوياً لا يمت للعلمية بأية صلة... إذ هي مجموعة أحلام وأفكار أثبتت الوقائع عدم قدرتها على الحياة، ومن خلال سلبيات الممارسة التي أسقطت التجربة في الاتحاد السوفيتي وبلدان أوربا الشرقية.. توصلوا إلى الاستنتاج بأن جذر المشكلة يكمن في النظرية الماركسية ذاتها!!... ليدخلوا في حلقة مفرغة تبدأ من البحث عن الذات ولا تنتهي بالبكاء على الأطلال... لتصبح آراء المفكرين والباحثين مجرد فاكهة (على حد تعبير د. رفعت السعيد)، منها التفاح ومنها برتقال (أبو صرة) وكأن المسائل الفكرية مجرد بضائع تعرض على أرصفة سوق الهال... ولا تمس مستقبل الإنسان الذي هو في مستقبل الاشتراكية!!...

وتحدث د. رفعت السعيد عن التاريخ والتعامل مع النصوصية السابقة، وأنه قرأ لينين ولم يقرأ كاوتسكي مع أسفه الشديد، كما تحدث كريم مروة عن تجاوز الرأسمالية!!..

وحاول د. برقاوي جاهداً إثبات عدم علمية الاشتراكية،وأنها مجرد أيديولوجية وأفكار لا تمت للعلمية بصلة، مع اعترافه بأنه كان أحد المتورطين بهذه الأفكار الطوباوية... وقال: أن فكرة الحتمية التاريخية مشكوك بصحتها، بل هي تصور في الذهن لا يعبر عن واقع الحال...

منهجية علمية وواقعية

وضمن هذه الطروحات، جاءت مداخلة الرفيق د. قدري جميل متميزة بمنهجيتها العلمية والواقعية، تحمل عنوان «الاشتراكية حِلمٌ وعِلمٌ» عبر من خلالها عن موقفه من مستقبل الاشتراكية... مبتدئاً حديثه بالتساؤل: أين تكمن المشكلة؟!... هل هي في فكرة الاشتراكية نفسها أم في الاشتراكيين الذين تبنوها ومارسوها، الذين لم يستطيعوا في بعض الأحيان الارتقاء إلى مستوى هذا العلم... مضيفاً: بل قام بعضهم بمحاولات لكبحه أو نسفه بحجة الأمانة العلمية أحياناً، وبحجة التطوير في أحيان أخرى...

وأوضح الرفيق د. جميل أن لا تناقض بين الحلم والعلم في الاشتراكية. فقوة الحلم وضرورة الواقع حولت الفكرة الاشتراكية من حلم إلى علم، والذي هو اليوم علم التحكم الواعي بالعمليات الاجتماعية لصالح الإنسان. وأكد أن كون هذه الفكرة قد أصبحت علماً، لا ينفي بل يتطلب الحفاظ على الحلم فيها، ولكن اختصار هذه الفكرة اليوم إلى حلم فقط بعد ما جرى، يعني العودة مئات السنين إلى الوراء رغم ما حققه الفكر البشري من إنجازات في هذا المجال...

خطر العدمية والأصولية

وأشار إلى أن الفكرة الاشتراكية تطورت خلال تاريخها من خلال النضال ضد تيارين يتجليان حتى اليوم وهما: التيار العدمي والتيار الأصولي، وأن مشكلة هذين التيارين أنهما لا يتعاملان مع الاشتراكية كعلم، وهي كأي علم فيها الثابت والمتغير، فالتيار الأول العدمي وتحت ضغط الواقع، يعتبر كل شيء متغير في الفكرة الاشتراكية، أما التيار الثاني الأصولي فهو على النقيض، فيعتبر كل شيء ثابتاً في الفكرة نفسها، ورغم العداء الظاهري بين هذين التيارين، فكل منهما يتطلب الآخر...

وتوصل الرفيق د. جميل إلى المسألة الأهم في تحديد خط الفصل في معرفة حدود الثابت والمتغير في الاشتراكية، وذلك يتطلب جهداً معرفياً وممارسة واقعية، أي ربط النظرية بالممارسة، بينما نجد أن التيار العدمي يقدس الممارسة والتيار الأصولي يقدس النظرية.

«هل للرأسمالية مستقبل؟!»

وحول عنوان الندوة «هل للاشتراكية مستقبل…» قال الرفيق د. جميل: يجب أن نطرح العنوان السؤال بشكل عكسي: «هل للرأسمالية مستقبل؟!» وأكد الصيغة المشروعة لهذا السؤال من خلال ما برهنته الحياة على أن الرأسمالية في العقد الماضي، بعد تحولها إلى منظومة شاملة تلف الكرة الأرضية بكاملها، لم تبرهن على أنها قادرة على حل أية قضية من القضايا التي تطرحها الحياة، بل على العكس زادتها تعقيداً وهي تنمو على حساب الإنسان والطبيعة، وبالنتيجة فالمستقبل للاشتراكية، شرط أن يكون الاشتراكيون على مستواها لأنها ليست عملية عفوية بل يلعب فيها وعي البشر دوراً عالياً...

الاشتراكية ليست فكرة مستوردة

وأكد الرفيق د. جميل على أن الاشتراكية ليست فكرة مستوردة، بل على العكس، لقد صدرناها سابقاً، ولنا كامل الحق فيها اليوم وبإنجازاتها التي حققتها في أي مكان من الكرة الأرضية... وأضاف: يجب ألاَّ ننسى قضيتين جوهريتين وهما المُلك والحُكم، وهي حقيقة قديمة قدم البشرية. فمن يملك يحكم، ومن لا يملك لا يحكم. لذلك فإن الحديث عن إزالة الملكية الخاصة كأمر توتاليتاري شمولي وغير ديمقراطي هو غير صحيح، لأن سيادة الملكية الخاصة لا تعني إزالة الملكية العامة فقط، بل تعني إلغاء الملكية الفردية، فسيادة الملكية العامة هو الذي يؤمن تطور الملكية الفردية.

كاوتسكي.. وتجاوز الرأسمالية

وقال د. جميل: إن حديث الأستاذ كريم مروة عن تجاوز الرأسمالية يعيدنا إلى نفس كلام كاوتسكي في أوائل القرن الذي قال في حينه: أن الإمبريالية ستنهار بذاتها... وهذا يعني الافتراض أن تناقضات الرأسمالية ستفعل فعلها التدميري فيها عفوياً دون تدخل الوعي، أي دون تدخل الطليعة.... إن مصطلح التجاوز يُقصد منه الابتعاد عن مصطلح انهيار وتدمير الرأسمالية، وهو ما رد عليه لينين في مؤلفه «التحريفية والمرتد كاوتسكي»، وأضاف: إذا كان بعضنا تذكر الآن أنه قرأ لينين ولم يقرأ كاوتسكي، فهذا ليس ذنب لينين!!...

 > إعداد ومتابعة: كمال مراد

 

للأسف... دعاة علم يقولون إن الماركسية ليست علماً!!

* د. نايف سلوم

لا أعتقد أن مستقبل الاشتراكية تحدده مجموعة من المداخلات كردة فعل عن فشل التجربة...

* حمزة منذر

الماركسية ليست علماً، والاشتراكية ليست علماً، وعلينا أن نميز بالمنهج للوصول إلى الحقائق التاريخية...!!

* د. أحمد برقاوي

الماركسية علم، والعلم نور...

* د. قدري جميل

مهمتنا التاريخية للحقبة القادمة تجاوز الرأسمالية باسم الاشتراكية أو بأسماء أخرى...

* كريم مروة

ما هي مرجعيات الماركسية؟!... هذا السؤال الذي يبدو غبياً هو عقدة الموقف!!...

 

 * د. رفعت السعيد