ماهو المطلوب من الحكومة الفلسطينية؟

قال أحد قادة الطبقة العاملة الألمانية: «إذا وجدت عدوي يبتسم لي، فيجب أن أفكر أية حماقة ارتكبت».


وقد ذكرني بهذه العبارة الترحيب الذي لقيه تشكيل الحكومة الفلسطينية برئاسة محمود عباس ـ أبو مازن من قبل واشنطن وتل أبيب ومصر وباقي عواصم البلدان الأوروبية التي تصر على إيجاد حل للقضية الفلسطينية واستتاب الأمن في المنطقة.

وأشارت الأخبار إلى أن الاتفاق تم بين الرئيس عرفات ومحمود عباس، بعد أخذ ورد، دام عدة أيام وبعد ضغوط أمريكية مكثفة على ياسر عرفات،وبوساطة مصرية، بل بالأحرى بسمسرة مصرية لصالح أعداء الشعب الفلسطيني.

مهمة الحكومة الفلسطينية

فماهي  المهمة الموضوعة أمام حكومة أبو مازن؟

إن كل الدلائل، ومجريات الأحداث تشير إلى أن حكومة أبو مازن وضعت أمامها مهمتان خطيرتان،وهما مرتبطتان ببعضهما ارتباطاً وثيقاً وهما:

■ إيقاف الانتفاضة الفلسطينية والقضاء على المقاومة.

■ المصادقة على المشروع الأمريكي المسمى بـ«خارطة الطريق» لحل الصراع العربي الإسرائيلي.

لنأخذ كل مهمة على حدة.

القضاء على الانتفاضة:

هناك عدة جهات لها مصلحة في القضاء على الانتفاضة:

إسرائيلياً: فالانتفاضة الفلسطينية المستمرة منذ ثلاث سنوات قد أثرت على إسرائيل تأثيراً كبيراً:

1. كشفت وجه إسرائيل القبيح، العنصري الدموي وعزلتها دولياً. بعد أن أخذت الاحتجاجات تتوالى على إسرائيل للتوقف عن أعمالها الإجرامية والانسحاب من الأراضي الفلسطينية المحتلة.

2. أدخلت الانتفاضة الدولة الصهيونية في أزمة اقتصادية عميقة لم تر لها مثيلاً منذ خمسين عاماً، ولايمكن أن تتخلص من أزمتها إلا بإيقاف الأعمال العداونية اليومية ضد الشعب الفلسطيني والاعتراف بحقوقه المشروعة المعترف بها دولياً.

3. كلفت الانتفاضة إسرائيل خسائر مادية وبشرية، فضلا ًعن فقدان الأمان مما أدى إلى زيادة إنهاكها وتعميق أزمتها لأن الانتفاضة كما تبين لايمكن القضاء عليها.

أما أمريكياً: فإن الدعم الذي تقدمه واشنطن لإسرائيل المعتدية وتقديم المساعدات المالية والعسكرية والسياسية، وحمايتها في المحافل الدولية، وقلب الحقائق بوقاحة لا حد لها أمام العالم أجمع ـ حين وصف بوش المجرم شارون بأنه رجل سلام!! وأن المقاومة المدافعة عن  الحقوق هي عمل إرهابي إلى كل ذلك جعل الولايات المتحدة تنعزل عن شعوب العالم،وبخاصة الشعوب العربية التي أخذت ترى فيها العدو  الأول للأمة العربية ومصالحها. وقد برز هذا العداء بشكل جلي في حملة التطوع الذاتية من جميع البلدان العربية، للقتال بجانب الشعب العراقي ضد العدوان الأمريكي.

وأما عربياً: فإن الحكام العرب السائرين في ركاب واشنطن ويغضون الطرف على ما يجري في فلسطين من أعمال قتل وتدمير وسجن، وغيرها قد وجدوا أنفسهم في عزلة عن شعوبهم بسبب سكوتهم وتواطئهم مع الدولة المعتدية إسرائيل، ويتمنى هؤلاء الحكام أن تنطفئ شعلة الانتفاضة الفلسطينية ويتخلصوا من هذا الكابوس الثقيل.

والغريب في الأمر هو أن الدعوات توجه إلى الشعب الفلسطيني لإيقاف انتفاضته ضد الاحتلال والظلم، بينما لايطلب أحد من إسرائيل المعتدية أن تتوقف عن عدوانها.

المصادقة على خارطة الطريق

والمهمة الثانية التي تقع على حكومة محمود عباس هي تمرير الخطة الأمريكية المسماة «خارطة الطريق» والتي طرحها بوش منذ أكثر من عام،و هذه المهمة في الواقع مرتبطة بتحقيق المهمة الأولى.

والجدير بالذكر فإن هذا المشروع الأمريكي قد جاء رداً على المشروع العربي لحل قضية الصراع العربي الإسرائيلي ووصول الشعب الفلسطيني لنيل حقوقه، والذي ردت عليه إسرائيل باجتياح المناطق الفلسطينية وإعادة احتلالها.

ماذا في «خارطة الطريق»؟

طرحت الولايات المتحدة مشروعها هذا لتحقيق الأهداف الآتية:

1. الالتفاف على مبادرة السلام العربية المقرة في مؤتمر القمة العربية ببيروت.

2. لاتقدم حلاً شاملاً يفضي إلى تحقيق السلام العادل والشامل.

3. لاتتضمن أي إشارة إلى القرارات الدولية ذات الصلة بالقضية الفلسطينية.

4. تتجاهل الخارطة مسائل أساسية كقضية القدس وعودة اللاجئين وإزالة المستوطنات الإسرائيلية.

5. تتجاهل مسألة قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس.

6. الخارطة لاتعالج أي مشكلة جوهرية في الصراع على الأرض، وهي مشكلة الاحتلال وتصاعد العدوان على الشعب الفلسطيني.

7. سبعون بالمئة من محتوى خارطة الطريق يتعلق بالإصلاحات  الداخلية الفلسطينية، وكأن حل الصراع يأتي من خلال ذلك، وليس بإنهاء الاحتلال ونيل الشعب الفلسطيني حقوقه.

الثوابت الفلسطينية

إن الشعب الفلسطيني قد توصل إلى إقرار ثوابت وطنية لن يفرط بأي واحد منها مهما كانت الظروف ومهما اشتدت الصعاب وهذه الثوابت هي:

1. الانسحاب الإسرائيلي الكامل إلى حدود عام 1967 وحسب القرارات الدولية.

2. قيام دولة فلسطينية عاصمتها القدس.

3. عودة اللاجئين إلى وطنهم وديارهم حسب القرار 194.

4. إلغاء جميع المستوطنات التي بنتها إسرائيل في الأراضي الفلسطينية منذ عام 1967.

وإن أي حكومة ستخرج عن هذه الثوابت لن يكتب لها الاستمرار لأن الشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة مصممان على استعادة الحقوق كاملة، وهما على استعداد لتقديم التضحيات حتى جلاء الاحتلال.

■ وحيد الشامي