الشعب العراقي ينهض للنضال من أجل: عراق موحد، مستقل، ديمقراطي

ماكان في تصور أحد أن يتطور النهوض الوطني في العراق ويتصاعد ضد الاحتلال الأمريكي لدرجة قيام أعمال مسلحة على شكل كمائن ضد الجنود الأمريكيين في كل من تكريت وبغداد، ونحن على يقين بأن أعمالاً مسلحة قامت ضد جنود الاحتلال تكتم أجهزة الإعلام التي تتحكم بها القيادة الأمريكية أخبارها. ومن هنا ندرك لماذا تشتد التهديدات الأمريكية الموجهة لكل من سورية وإيران بأن لايتدخلا في شؤون العراق وكأن هذا البلد صار ملكاً لهم ولاشأن لأحد فيه.


عوامل التصعيد ضد الاحتلال

إن تصاعد النضال الشعبي العراقي ضد الاحتلال الأمريكي يعود إلى السلوك المعادي للغزاة، فماذا فعل الأمريكيون حتى الآن؟

■ ادعى الأمريكيون أنهم جاؤوا لتحرير العراقيين من حكم صدام حسين الديكتاتوري، بينما لمس العراقيون أعمالهم المغايرة لأقوالهم وقد تبين لهم أنهم جاؤوا لاستعباده، وأن الأذى والضرر الذي أصابهم لايقل عما أصابهم من الحكم السابق.

■ استخدم الأمريكيون جميع أنواع الأسلحة المجربة سابقاً، وغير المجربة بعد لقتل العراقيين وتدمير بيوتهم على رؤوسهم وتشويه أجساد الأطفال والنساء والرجال، فضلاً عن أنهم هدموا عن قصد المؤسسات والوزارات الحكومية باستثناء وزارة النفط، كما دمروا البنية التحتية، مثل شبكة المياه والكهرباء والاتصالات وغيرها، وألقوا القنابل والصواريخ على المشافي والمساجد والمدارس والجامعات وغيرها وغيرها.... لقد خلفوا دماراً هائلاً وجروحاً غائرة لن تندمل زمناً طويلاً.

■ قام جنود الاحتلال بأعمال نهب وسلب وشاهد العالم بأنفسهم على الشاشات الفضائية كيف كانوا يحملون ما ينهبون من القصور والمتاحف والجامعات.

وقد أكد البرفسور ليون دومييه مدير التنقيبات الأثرية البلجيكي في العراق أن عمليات السلب والنهب التي استهدفت التراث العراقي كانت منظمة من قبل المافيا الدولية بتواطؤ مع الأمريكيين، وقد تم العثور بعد ثلاثة أيام من حدوثها على رقم أثرية وعملات نقدية أثرية في كل من زيوريخ وباريس ولندن،وعليها أرقام مناطق العراق، واسم المناطق التي تم العثور عليها أثناء التنقيب.

■ ترك المدن العراقية بلا إدارة تنظم شؤونها، وتعيد الحياة الطبيعية لها ولم تسع القيادة الأمريكية إلى حل المشكلات التي نتجت عن القصف الأمريكي مثل محطات الكهرباء والماء وشبكة الاتصالات.

■ تجميع الأسلحة في أحياء بغداد الكثيفة السكان وتفجيرها، رغم تحذير الناس لهم، مما سبب في المرة الأولى بتدمير أكثر من خمسين منزلاً ومقتل وجرح الكثير من أصحابها وكانت المرة الثانية هي تفجير مستودع أسلحة في جنوب بغداد يوم 26 نيسان أدى إلى مقتل أكثر من خمسين مدنياً وعدداُ كبر من الجرحى. ماعدا التدمير الذي حصل للمنازل، وقد أثارت هذه الأعمال الإجرامية غضب المواطنين وزادت نقمتهم على البرابرة الجدد.

■ قيام الجنود الأمريكيين بإساءة معاملة الأسرى العراقيين، وقد نشرت صحيفة «داغبلاديت» النرويجية يوم 25 نيسان صورة لجنود أمريكيين يقتادون ثلاثة أسرى عراقيين بعد اعتقالهم وتجريدهم من ملابسهم وتركهم عراة، مما كشف أمام العالم الأساليب المروعة التي تستخدمها الولايات المتحدة في معاملة الأسرى والمخالفة للقوانين الدولية.

■ ذكرت صحيفة «الفيغارو» الفرنسية أن القوات الأمريكية تقوم باعتقال الشخصيات العراقية السابقة وتجري تحقيقات معهم وتزمع تقديمهم إلى المحاكم. وتضيف الصحيفة المذكورة أن هؤلاء الأشخاص لم يعتدوا على الولايات المتحدة. ولم يسببوا أي أذى لها وهذا خارج عن نطاق مسؤوليتها. ونحن نضيف إلى ماقالته الجريدة، بأن مساءلة هؤلاء  القادة السابقين ومحاكمتهم هي من شؤون الشعب العراقي، والسلطة الديمقراطية التي ستنبثق وبحسب القوانين العراقية المرعية.

■ تدخل المحتلين الأمريكيين في شؤون الشعب العراقي، وذلك بتعيين عملاء لهم في مناصب حكومية أو وزراء، خلافاً لرأي الغالبية الساحقة من العراقيين الذين يعتبرون القادمين إلى العراق تحت وصاية حراب جنود الاحتلال هم عملاء، ومرفوضين رفضاً باتاً، وفي المظاهرات التي جرت في بغداد وكربلاء تعالت الأصوات ضد العميل الأمريكي أحمد الجلبي وغيره.

■ أعلن الأمريكيون عن نيتهم بالبقاء في العراق زمناً طويلاً، ويعلنون حالياً، كما ذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» بأن وزارة الدفاع الأمريكية تود بناء أربع قواعد عسكرية في أماكن مختلفة في العراق لحماية المنشآت البترولية التي وضعت اليد عليها من أجل استغلالها لصالح الاحتكارات النفطية وغيرها.

إن كل ماورد ذكره جعلت العراقيين يفتحون أعينهم على حقائق جديدة ويدفعهم يوماً بعد يوم إلى تصعيد مقاومتهم للاحتلال الأمريكي والمطالبة برحيل جنوده بأسرع وقت.

ردود الشعب العراقي وقواه الشريفة

خلال الفترة القصيرة الماضية برزت أشكال متنوعة للرد على الاحتلال:

■ المطالبة بخروج قوات الاحتلال الأمريكية من البلاد أصبحت مطلباً أساسياً لجميع القوى الوطنية والتقدمية والدينية باستثناء مَن وضع أوراقه بيد المعتدين، ظناً منه، وإن بعض الظن إثم، أنه عن طريقهم سينالون حقوقه وإن الفترة القادمة ستخيب ظنه.

■ الحفاظ على الوحدة الوطنية، وسد أي ثغرة يمكن أن تدخل منها لبث الفرقة والاقتتال بين قوى الشعب المختلفة، وأن جميع البنادق يجب أن توجه نحو قوات الاحتلال لا إلى صدور المواطنين ولذلك ارتفعت شعارات تنبذ أي فرقة سواء أكانت دينية أو قومية أو طائفية. فالعراق للعراقيين جميعاً، فلا ثغرات دينية أو قومية بين العرب والأكراد والتركمان والآشوريين وغيرهم.

■ تحول المناسبة الدينية في كربلاء، والتي شارك في  أكثر من مليوني شخص إلى تظاهرة سياسية ضد قوات الاحتلال وحمل العديد من المشاركين لافتات كتب عليها شعارات بالعربية والإنكليزية مثل: «بوش = صدام» و «فلتسقط أمريكا» بينما هتف المتظاهرون «لا لأمريكا، لالإسرائيل، لا للاستعمار، لا للاحتلال».

■ استمرار المظاهرات الشعبية المعادية للوجود الأمريكي في بغداد  والاحتجاج على اعتقال الشيخ محمد الفرطوسي وخمسة من إخوانه، وقد اضطرت قوات الاحتلال إلى إطلاق سراحه.

■ رد القيادات الدينية بالرفض على الدعوة التي وجهتها الإدارة المدنية الأمريكية  المؤقتة لعقد اجتماع موسع ببغداد يوم 28 نيسان للبحث في مستقبل البلاد السياسي. والدعوة إلى حشد مضاد للتعبير عن رفض تشكيل حكومة عراقية تابعة للاحتلال.

■ تظاهر مئات المواطنين البغداديين قرب فندق فلسطين مطالبين بإصلاح شبكة إمدادات المياه، وخطوط الكهرباء والاتصالات والوقود وغيرها إلى أنحاء المدينة.

■ عودة النشاط السياسي إلى العراق بزخم وقوة، ويأتي في طليعة هذه القوى الحزب الشيوعي العراقي  الذي يعد من أقدم الأحزاب حيث تأسس عام 1934 وأكثرهم تضرراً من حكم صدام حسين. وكانت جريدته «طريق الشعب»، أول صحيفة تصدر في العراق ووزعت مجاناُ وتخاطفها المارة. وفي صدر صفحتها الأولى كتب مانشيت عريض: سقوط الديكتاتورية، وجاء في عنوان آخر للصحيفة: شعبنا يريد عراقاً ديمقراطياً فيدرالياً مستقلاً موحداً.

■ بروز تكتلات سياسية تضم العديد من القوى الوطنية و التقدمية والدينية، مثل «إئتلاف القوى الوطنية العراقية» كالحزب الشيوعي العراقي وحزب الدعوة الإسلامية ولجنة التنسيق القومي الديمقراطي والحزب الإسلامي العراقي، والتجمع الديمقراطي العراقي، وحركة المجاهدين والحزب الاشتراكي ـ العراق،و الاتحاد الإسلامي لتركمان العراق.

وقد أصدر هذا الإئتلاف بياناً تضمن المطالب التالية:

1 ـ الانهاء السريع للاحتلال  العسكري الأجنبي.

2. تسليم السلطة إلى إدارة دولية مؤقتة بإشراف الأمم المتحدة، تمهد لتشكيل حكومة إئتلاف وطني عراقي تتولى الحكم لفترة انتقالية وصولاً إلى إقامة نظام ديمقراطي دستوري تداولي.

3. حماية ثروات العراق الوطنية وبخاصة النفط الذي  هو ملك الشعب العراقي وله وحده الحق في التصرف عبر مؤسساته الدستورية المنتجة.

4. مناشدة الجميع لتعزيز قيم التعاون والتآلف والتسامح.

5. حذر البيان من اللجوء إلى أعمال الثأر الفردي والانتقام.

6. المطالبة بوضع حد لأعمال السلب والنهب وحماية الممتلكات العامة باعتبارها ملكاً للشعب العراقي.

7. نبذ الفرقة والولاء للوطن العراقي.

تلك هي الظواهر التي برزت في الفترة المنصرمة منذ سقوط بغداد، والتي تؤشر إلى تصاعد المقاومة للاحتلال الأمريكي والمطالبة بخروجه بأسرع وقت، وإن الأيام القادمة ستكون حبلى بأشكال جديدة وأعلى للنضال لايعرف أحد مداها وقوتها.

■ عادل الملا

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.