المتطوعون السوريون.. يسجلون بدمائهم ملاحم البطولة والفداء على أرض العراق آمنوا بالأرض ولم ترهبهم الأساطيل.. رافضين الخنوع والذل..وفلسفات الجبناء

■ رأيت استواء الموت والحياة حين تقابل الشجاعة حديد الدبابات والمصفحات وآخر ما توصلت إليه تكنولوجيا العدوان، رأيت المقاتلين يقفزون إلى الدبابات وينتزعون أغطية الفتحات ويفجرون من في الدبابة بالقنابل اليدوية أو الصدور المفخخة بالغضب والبارود والإيمان..

■ مقاتِلَين فقط، أحدهما سوري والآخر عراقي، أوقفوا كتيبة دبابات وتابعا المعركة حتى دمرا وأحرقا ستة عشرة دبابة في معركة واحدة..


■ رأيت استواء الموت والحياة حين تقابل الشجاعة حديد الدبابات والمصفحات وآخر ما توصلت إليه تكنولوجيا العدوان، رأيت المقاتلين يقفزون إلى الدبابات وينتزعون أغطية الفتحات ويفجرون من في الدبابة بالقنابل اليدوية أو الصدور المفخخة بالغضب والبارود والإيمان..

■ مقاتِلَين فقط، أحدهما سوري والآخر عراقي، أوقفوا كتيبة دبابات وتابعا المعركة حتى دمرا وأحرقا ستة عشرة دبابة في معركة واحدة..

■ في القرن السابع للهجرة قاتل «العيارون» هولاكو رغم نفيهم وملاحقتهم واضطهادهم على أيدي أجهزة الخليفة والآن سيفتح الشعب العراقي صفحته  الجديدة في قتال هولاكو الجديد.. ومن جورج واشنطن إلى جورج بوش كان الخراب الذي امتد الآن إلى أرض بابل وآشور وسومر وآكاد إلى أرض الكتابة والموسيقى، ومجد بني العباس..
           
الشهيد سعيد خميس الاستيفان     الشهيد أنس محمد زياد شنن     الشهيد حمزة سيد علي بن محمد     الشهيد نبيل تامر الدخيل وابنتاه

الصوت العنيد في زمن السكوت، والبرهان الجديد على نسغ الحياة الذي يجري في عروق الأمة والقرار..

إنهم فتية آمنوا بالأرض ولم ترهبهم الأساطيل وجاؤوا رافضين الخنوع والحسابات الصغيرة، وفلسفات الجبناء، وحدوا الأمة والضمير في قول واحد وأمنَّت عليه الجماهير أخيراً، وعلموها طريقها الجديد القديم، طريق السلاح...

إنهم الفدائيون العرب الذين أجابوا بالشهادة حين سألهم العراق.. آلاف مؤلفة عبروا المسافات زاهدين في الدنيا والأحلام الصغيرة ليحفظوا آخر ماتبقى من كرامة...

جاؤوا إلى العراق ليرفعوا السلام للحق والإنسان بعدما أيقنوا «بأن الله لايقبل إلا بالبواريد السلاما»...

بإمكاناتها المتواضعة استطاعت «قاسيون» تسليط بعض الضوء على قلة من الشهداء الأبرار في العراق، وهم كثر، واستطاعت إجراء بعض اللقاءات مع بعض العائدين ممن قاتل بشرف وشجاعة في العراق ولم تكتب له الشهادة..

وكانت هذه اللقاءات..

شهيد «طين موحسن»

في إصرار عينيك حرية الصقور عند الأعالي.. شموخ الفرات والنخيل والسماء وطيبة التراب.. ولم تتعلم من هذه الدنيا التي فتحت أبوابها الرحبة لشبابك الميمون إلا الرحيل ولم أواسِ دموع أخوتك الكبار النشوانة بالعز إلا بالوفاء لذكراك وذكرى الطين الذي أنجبك.. طين بلدة أدمنت حب الوطن وقدمت الكثير ولم تزل طين المسماة بـ (موسكو الصغرى) «طين موحسن»...

التفاصيل:

في ساعة من الساعات تحلقت حوله العائلة الكبيرة، الأم الحبيبة والأخوة والأب وكان القرار اليافع الذي اختزل عزيمة الكبار «إني ذاهب إلى العراق» ببساطة لخص الواجب الكبير وكان ما أراد وكما قرأت في رسالته التي كتبها قبل يوم من استشهاده مع رفاقه الذين دفنوه وعادوا ليسلموا الخبر والسطور الشجاعة:

«أمي لاتخافي إني هنا في العراق لإعلاء كلمة الله»..

ولم تكن كلمة الله إلا كلمة الإنسان والوطن.

الشهادة:

وذكر الرفاق بأنه قاتل بشجاعة مدهشة في معارك مختلفة وفي الواقعة الأخيرة في منطقة العامرية وعلى مدخل أحد الجسور كمن سعيد ورفاقه لرتل دبابات معادٍ، فجر سعيد إحداها واستشهد وتمكن الرفاق من دفن الجثمان الطاهر كما تمنى سعيد في ثرى بغداد... سعيد خميس الاستيفان المولود في موحسن 1985.. لك البقاء...

لقاءات مع بعض العائدين

■■ خ ـ م موظف ـ أب لطفلين ـ من دير الزور:

■ في حالة الإحباط التي يعانيها الشعب العربي، وبعد تسليط كاميرات الصحفيين على مناظر السلب والنهب..  ماذا تقول:

■■  إنها شرذمة قليلة ولقد رأينا العراقيين وعايشناهم لأسابيع أثناء المعارك لقد كانوا مستميتين في الدفاع عن بغداد.

■ الجيش أم الشعب؟

■■  الجيش والشعب معاً، لقد رأينا تناغماً هائلاً في أداء القوات العراقية المحيطة ببغداد، نعم لقد  كانت الدبابات تملأ بساتين النخيل والجنود ليل نهار في تفان وإخلاص يقومون بواجباتهم حتى ترسخت عندي قناعة باستحالة دخول الأمريكان رغم القصف الهائل ومحاولات الإنزال.

■ والشعب؟

■■ نعم، والشعب لقد قابلونا بترحاب مذهل، وأذكر أننا أقمنا في مدرسة بحي الإسكان في بغداد وكانوا يغرقونا وبإسراف بكل ما نحتاج إليه، وأينما ذهبنا في الشارع، في الأسواق، في وسائط النقل وعندما يعرفون بأننا فدائيون عرب يقابلوننا بالدعاء والثناء والشكر، ولا أذكر أن عراقياً أخذ مني ليرة واحدة مقابل أي شيء يقوم به لنا..

■ ولكن ماذا حدث؟

■■ حتى مساء الاثنين بل صباح الثلاثاء كان كل شيء على مايرام، كنا نتناقل أخبار المعارك والانتصارات الكبيرة التي سمعنا بها أو رأيناها وشاركنا فيها حتى صباح الثلاثاء أذكر أنني كنت أقف أمام أحد الأفران في حوالي السادسة صباحاً سمعنا هدير طائرة تقترب وظهرت في السماء وراحت تنخفض بسرعة حتى خيل إلينا أنها أصيبت بطلقة مضادة واستمرت بالهبوط ثم صعدت فجأة وتلاحقت الطائرات الأمريكية تحلق في السماء بلامبالاة وارتياح وعندها أدركت أن شيئاً ما قد حدث.

■ ما هو هذا الشيء؟

■■ لاأدري بالضبط ولكنها خيانة ولاشك بهذا..

■ خيانة..؟

■■ نعم، لأن من كان هناك قبل ذلك وكما قلت لك يوقن باستحالة الهزيمة، فمن شاهد معارك الكوت والناصرية والإنزالات الفاشلة فيها ومن شاهد مئات القتلى الأمريكيين في الكوت فقط ومن شاهد مئات الفدائيين يندفعون للشهادة في كل عملية يدرك هذا، ومن شاهد مقاتِلَين فقط إثنان أحدهما سوري والآخر عراقي أوقفوا كتيبة دبابات وتابعا المعركة حتى دمرا وأحرقا ست عشرة دبابة في معركة واحدة وهما كما قلت إثنان...

■ تابع أرجوك فقلة يعلمون هذا...

■■ نعم قلة يعلمون كيف يقفز المقاتل إلى الدبابة الأمريكية المحصنة ضد كل شيء إلا شجاعة العربي وكيف ينتزع غطاء فتحتها العلوية ويلقي بقنبلة يدوية تفجرهم وهم فيها.. وقلة يعلمون ببطل من سورية من اللاذقية...

أبو دجانة.. ووميض النار

■ مااسمه؟

■■ أبو دجانة، لم أعرفه من قبل ولكني شاهدته عندما كنا مجموعة من ستة فدائيين بالقرب من دجلة، مقابل أحد الجسور، كنا مكشوفين لنيران العدو من الأرض والسماء، ولذنا بسور أحد المنازل للحظات، وفجأة قفز أبو دجانة  السور وراح يزحف، وانتصب واقفاً أمام دبابة ورماها بقذيفة (أر. بي. جي) وتفجرت محترقة، ثم زحف من جديد في النار تماماً، في النار التي أحاطت به من كل صوب حتى وصل لضفة دجلة ووقف من جديد بعد أن جهز قذيفة جديدة ورمى دبابة أخرى وأحرقها واحترق كل شيء من حولنا وحوله.. وسمعنا صراخه:

«اذهبوا»..

ولا أدري هل تابع المعركة وحده في صد الدبابات والطيارات والقذائف أم أنه احترق مع كل شيء حوله وتفتت..

■ هل شاركت بمعركة المطار؟

■■ كلا، ولكن الأرقام التي وصلتني تتحدث عن أرقام مذهلة للقتلى من الأمريكان..

■ والآن وبعد سقوط بغداد وفي بداية عهد جديد من الاحتلال وفي ظروف داخلية مخيفة للعراق متى ستظهر المقاومة الشعبية..؟

■■ بعد أن يصحو الشارع من هول الصدمة.. وبعد أن تولد منظمات عراقية وطنية شريفة قادرة على قيادة هذه المقاومة.. عندها نقول بأن طريق التحرير قد بدأ..

■ وهل من بوادر شاهدتها هناك؟

■■ نعم شاهدت الكثير فالأسر العراقية التي غامرت بإخفائنا ومساعدتنا على الخروج من بغداد ستعلّم شبانها وأطفالها قيم المقاومة لطرد المحتلين...

■الفدائي و ـ م ـ أعزب ـ مواليد موحسن 1975:

حين زرناه كان طريح الفراش تحلق حوله لفيف من الأهل والأصدقاء يباركون سلامته بعد إصابته بجرح خطير في الحوض في إحدى معارك بغداد وكان لنا معه هذا اللقاء:

■ سمعت أنكم خيرتم بين الدفاع المدني أو القتال مع الفدائيين العرب فماذا اخترت؟

■■ نعم هذا صحيح واخترت القتال مع الفدائيين وكان تسليحنا بأسلحة فردية خفيفة، الرشاشات والبنادق وقذائف الأر. بي. جي.

■ والأحزمة الناسفة..؟

■■ نعم الأحزمة الناسفة في العمليات الخاصة.

■ سمعت أنك شاركت في معارك المطار..؟

■■ نعم لقد تشرفت بهذا وكثير من الأخوة العرب والسوريين، حيث تمكنت القوات الأمريكية من احتلال المطار وتوجهنا كما أذكر عصراً إلى هناك واستطعنا دحرهم بعد معارك طاحنة واستطعنا رفع علم العراق هناك من جديد..

■ ماذا رأيت هناك..؟

■■ رأيت استواء الموت والحياة حين تقابل الشجاعة حديد الدبابات والمصفحات وآخر ما توصلت إليه تكنولوجيا العدوان، رأيت المقاتلين يقفزون إلى الدبابات وينتزعون أغطية الفتحات ويفجرون من في الدبابة بالقنابل اليدوية أو الصدور المفخخة بالغضب والبارود والإيمان، ورأيت مجموعة من الفدائيين تظاهرت بالاستسلام لإحدى كتائب المارينز، وكانوا قد أخفوا سيوفاً خاصة بين أكتافهم، وحين اقتربوا وصاروا بينهم أشرعوها لتعمل في قلوب وأعناق الأعداء الذين قُتلوا بأعداد هائلة في معارك المطار..

■ أرقام كبيرة..؟

■■ ليست كبيرة مع جبن المارينز الذين يتغطرسون أمام الكاميرات ويتحولون إلى فئران مذعورة في المعارك الطاحنة...

■ مثل ماذا..؟

■■ كل من قاتلهم علم بأنهم جبناء وسأخبرك بأحد الإنزالات في معارك المطار أيضاً، أذكر أنهم استسلموا فور وصولهم الأرض كانوا حوالي 400 مظلي استسلموا فوراً وأقسم على هذا وقد جُزت أعناقهم جزاً ومباشرة في ساحة المعركة، لأن القوات العراقية النظامية لم تستطع حينها نقلهم إلى الخطوط الخلفية وغير ذلك من قصص جبنهم الكثير ومن مآثر بطولاتنا كثير...

عبد الرحمن الجزائري

كنا نسميه عبد الرحمن الجزائري واسمه عبد الرحمن فعلاً ومن الجزائر.. عبر آلاف الأميال إلى العراق، أذكر أننا كمنا لرتل دبابات كان يقترب باتجاهنا وسألني حينها ماذا تريد أن ترى: النصر أم الشهادة؟ قلت له النصر ياعبد الرحمن، فقال: الشهادة وأخرج صورة حبيبته وتملاها  بعيون فرحة ثم وضعها جانباً وهب كأسد يحمل القاذف ودمر دبابة، احترقت فور إصابتها وبعدها بأقل من ثانية تفتت جسد عبد الرحمن، نعم تفتت لعله صاروخ من طائرة أولا أدري، ولكنه انتثر أشلاء صغيرة وبقي ساعده  الأيمن كاملاً بالكف والأصابع كان حاراً وكانت السبابة تنتصب، أُقسم لك على هذا، كانت سبابته تنتصب وساعده حار كأنه يتصل بجسد حي، وتمكن أحد الأخوة العراقيين من العودة به إلى بغداد وأخبرني أنه دفنه في جامع أبي حنيفة النعمان في بغداد...

■ سمعت عن تقنيات هائلة للدبابات الأمريكية..؟

■■ كل دبابة أمريكية كانت مضادة لقذائف الأر. بي. جي العادية، فالدبابات ممغنطة تحيد عنها القذيفة قبيل وصولها إلى جسم الدبابة، ولكننا تغلبنا على هذه المشكلة بحل بسيط، أخبرنا به في بداية المعارك، وهو أن نطلي مقدمة القذيفة بطبقة رقيقة من الوحل ثم نلفها بلاصق بلاستيكي ونجحت هذه الحيلة البسيطة في تدمير مئات من الدبابات في العراق..

■ هذا كثير مئات من الدبابات..!!

■■ صدقني الأرقام الحقيقية هكذا، والقتلى، قتلاهم بأعداد لاتحصى.. وستدرك هذا من تواتر الأخبار التي وصلت وستصل، ولابد لهذه الأرقام أن تظهر في يوم ما للجميع...

■ كيف أُصبت؟..

■■ قبل هذا أود أن أقول بأن المعارك الشرسة استمرت في بغداد ثلاثة أيام بعد دخولهم ساحة التحرير والفردوس والساحات الأخرى التي لاتشكل إلا جزءاً بسيطاً لايذكر من مساحة مدينة بغداد المترامية الأطراف، ويبدو أن الإعلام  ركز اهتمامه على ماحصل هناك ولم يذكر المعارك المستمرة في بقية المناطق والأحياء، وأذكر أننا دمرنا جسراً في حي تونس وتعطل هجوم الدبابات ورحنا نتصيدها وأجهزنا عليها جميعاً وكانت خمس دبابات بمن فيها، وكانت إصابتي في معارك حي الأعظمية حيث دارت سجالات عنيفة بين المقاومين وقوات العدوان وأذكر أنني رميت إحدى الدبابات...

■ تتحدث دائماً عن  دبابات، أين المشاة من الجنود؟

■■ هم جبناء أكثر مما يعتقد الناس، لايجرؤون حتى على السير خلف الدبابات حين يهاجمون دائماً يحشرون في ناقلات الجند المصفحة والدبابات... وأكثر من قتل منهم قتل وتفحم في داخلها..

وأتابع لأقول بأنني رميت دبابة بقذيفة ثم أحسست بخدر بارد من الخلف وقلت بأنني استشهدت ولم أصحُ إلا في مشفى النعمان حيث أنقذني عراقيون ظلوا معي وأخرجوني من بغداد بسيارتهم حتى الحدود..

■ الفدائي (رـ ع) مواليد موحسن  1979 ـ  طالب:

■ في أي مدينة كنت؟

■■ في الأيام الأولى كنا في كركوك ثم نقلنا حسب رغبتنا إلى بغداد وتوضعنا في منطقة خان بني سعد شمال بغداد..

■ ما هي المعارك التي شاركت بها..؟

■■ لقد استطعت المشاركة بمعركة واحدة فقط وذلك في بداية أيام الفوضى والتخبط..

■ أي يوم بالتحديد؟

■■ لاأستطيع تحديد ذلك على وجه الدقة لأننا فعلاً لانستطيع تمييز الأوقات والأيام هناك والمهم أننا انتقلنا إلى حي المساكن قريباً من أحد الجسور وتحصّنا في أحد البيوت ثم قصف وانتقلنا إلى حديقة وهاجمتنا دبابتان، استطعنا تفجير إحداهما ثم حاصرتنا سبع دبابات من كل الجهات ولا أدري كيف استطعنا النجاة بعد أن نفدت ذخيرتنا واستشهد أغلب من كان معي في المجموعة.

■ وبعد ذلك؟

■■ بعد ذلك ساعدنا الأهالي في التخفي، كنا نبات عندهم أحياناً، وأحياناً أخرى في خنادق ولقد تهنا كثيراً حتى استطعنا الخروج من بغداد بمساعدة بعض الأخوة العراقيين..

تتالت قوافل الشهداء

■ تتالت قوافل الشهداء إلى مدينة الرقة، ومن أوائل الشهداء الشهيد حمزة سيد علي بن محمد الذي استشهد في معركة المطار في السادس من شهر نيسان، المعركة التي قادها ونفذها واستبسل فيها المتطوعون العرب، الذين شهد الأعداء قبل الأصدقاء ببسالتهم وثباتهم.

ومن شهداء الرقة المهندس المدني نبيل تامر الدخيل من مواليد حمص 10/3/1961 الذي استشهد في معركة حي المنصور يوم 4/4/2003  في مواجهة الطغاة..

وقد شهد أصدقاؤه على إصراره على المقاومة وطلب من المتطوعين الذين كانوا برفقته أن يبدأ هو أولا بالهجوم وبعد أن تمكن من العدو وعطب عدداً من دباباته وقتل عدداً من جنوده، أصيب بجرح غائر في صدره  نقل على أثرها إلى المشفى لكنه فارق الحياة  قبل الوصول، ظل مبتسما وسعيدا حتى اللحظات الأخيرة  تاركا ً زهرتين وهما مريم وايمان وزوجة تنتظر مولودا جديدا ً.. ودفن شهيدنا بأرض العراق مثله مثل بقية الشهداء..

وأخيراً...

إنها بغداد تسقط مرتين وبنفس الحبكة والتخطيط...

في القرن السابع للهجرة قُتل الخليفة وفر قادة الجند والعسس والآن يفر القادة والضباط وأجهزة الأمن.. بما استطاعوا من الذهب والدولارات وبقي الشعب الجائع المقموع المفجوع بالاحتلال الغاشم..

في القرن السابع للهجرة قاتل «العيارون» هولاكو رغم نفيهم وملاحقتهم واضطهادهم على أيدي أجهزة الخليفة والآن سيفتح الشعب العراقي صفحته  الجديدة في قتال هولاكو الجديد..

ويتشابه المحتل.. فمن جنكيز خان إلى هولاكو كان الخراب الذي ملأ الدنيا..

ومن جورج واشنطن إلى جورج بوش كان الخراب الذي امتد الآن إلى أرض بابل وآشور وسومر وآكاد إلى أرض الكتابة والموسيقى، ومجد بني العباس..

ودجلة الذي تلون بالدم والحبر أيام المغول يشهد مرة أخرى تدمير التراث والفكر والفن وسرقة عشرات الآلاف من الكنوز الأثرية والمخطوطات ونهب الجامعات والمكتبات وكل ما يتعلق بقيمة الإنسان..

ولكنه الأمل يبقى وتبقى الشعوب.. وتبقى بغداد دار السلام.. ولها السلام..

■ جعفر عواد