يا أعداء الإمبريالية الأمريكية اتحدوا!!

يشير كارل ماركس الى أن «الرأسمال يخاف من غياب الربح والربح التافه جداً، كما تخاف الطبيعة من الفراغ. ولكن ما إن يتوفر ربح كاف حتى يصبح الرأسمال جريئاًيكفي ربح 15% يشتغل الرأسمال في أي مجال كان، و30% ينشط، و50% تمتلكه جرأة مجنونة، و100%، يدوس بالأقدام جميع القوانين البشرية، و300% ليس ثمة جريمة لايجازف بارتكابها حتى لو قادته إلى حبل المشنقة».


تدرك الإمبريالية الأمريكية خطر تناقص موارد الطاقة وخاصة النفط والغاز، وهذه الموارد هي المحرك الرئيس لحياة النظام الرأسمالي والاقتصاد الرأسمالي والمجتمع الرأسمالي، وهذه حقيقة موضوعية يدركها اللوبي اليهودي الأمريكي، وقادة المجمع الصناعي ـ الحربي، وإن مشروعهم اللاديمقراطي واسع وكبير وجوهر هذا المشروع اللاشرعي يكمن في أن قيادة العالم لايمكن أن تتم إلا من خلال الهيمنة الكاملة على أهم منابع النفط في العالم كله، وعليه فالحرب الرابعة التي بدأت في آذار من عام 2003 ماهي إلا بداية حقيقية لتنفيذ هذا المشروع غير العادل. وإن تنفيذه قد بدأ بشكل غير شرعي، فأمريكا وبريطانيا ضربت بعرض الحائط مجلس الأمن ومنظمة الأمم المتحدة واختارت أسلوب الحرب غير العادلة لتنفيذ مشروعها الأسود القاضي بالهيمنة على نفط العالم وبالتالي قيادة العالم.

تشير بعض المصادر أن كلفة الحرب الإمبريالية ضد الشعب العراقي تتراوح ما بين 100  إلى 200 مليار دولار إلا أن الربح المتوقع من هذه الحرب غير العادلة والظالمة هو 3 تريليون دولار، فسحق الشعب العراقي وإبادته بالكامل، وحرق أرضه وتخريب البنية التحتية لاقتصاده وهجرة الملايين من أبنائه الى خارج العراق.. كل هذا يتم وفق «منطق اللامنطق» ألا وهو «تحرير الشعب العراقي» و «بناء الديمقراطية»، وذلك عبر صواريخ باتريوت وتوماهوك والقاذفات B-1, B-2, B-52 والأسلحة الأخرى المحرمة دولياً، وبهذا الخصوص كان ماركس محقاً، إن الرأسمال ليس له حدود في ارتكاب الجريمة، فهو يسحق البشرية من أجل تحقيق الربح وتعظيمه. يترك ذلك فوضى عالمية وستكون نتائجها خطيرة وعليه فليس من باب الصدفة أن يعلن بوش الصغير بوجود أكثر من «زاوية مظلمة» أي دولة لابد من تقويضها لأنها «تساند، تدعم» مايسمى بالإرهاب الدولي!!

أمريكا ـ دولة الإرهاب الدولي.. الدليل والبرهان

إن أمريكا هي دولة إرهاب رقم1 على الصعيد الدولي وفي سياستها العدوانية والمخالفة لكل القوانين الدولية والشرعية، تريد ترويض الشعوب وتقويض جميع الأنظمة المعادية لها والرافضة لسياسة القطب الواحد، وتعتقد الإدارة الأمريكية أن صواريخ باتريوت وتوماهوك.. و القاذفات الحربية من نوع B-1, B2, B52 والشبح و F-16, F-15، وغيرها من الأسلحة الحديثة أن تروض وتقوض الشعوب والدول إلا أن هذه السياسة العدوانية مصيرها الفشل، فعلى سبيل المثال خلال النصف الثاني من القرن الماضي قامت أمريكا «الديمقراطية» و «دولة القانون» بـ24 حرباً عدوانية وغير عادلة ضد الشعوب نذكر منها على سبيل المثال: الحرب العدوانية ضد الصين 1945 ـ 1946، وعام 1960، وضد الكونغو عام 1965، والبيرو 1865، وضد لاؤوس 1964 ـ 1973، وضد الشعب الفيتنامي 1961 ـ 1973، وضد غواتيمالا 1967 ـ 1969، وضد كمبوشيا 1969 ـ 1970، والسلفادور 1980، ونيكاراغوا 1980، وغرينادا 1983، وبنما 1989، وضد العراق سواء بشكل مباشر أو غير مباشر 1980 ـ 1988، وعام 1991، والحصار الاقتصادي الذي يعتبر أسوأ من أي حرب 1992 إلى أواسط آذار 2003، وحرب الإبادة للشعب العراقي التي بدأت في 20/3/2003 ولغاية اليوم، الحرب ضد البوسنة 1995، الحرب ضد السودان 1998، الحرب ضد أفغانستان 2001 ولغاية اليوم، الحرب ضد الشعب اليوغسلافي عام 1995، وعام 1999. فمن يعلم أي بلد سوف تعلن الحرب عليه بعد العراق، فعلى ما يبدو فإن القائمة طويلة تشمل العشرات من البلدان، فسورية وإيران وليبيا والسودان والجزائر وحتى أصدقاء وحلفاء أمريكا سينالون جزاءهم، وكما يتوقع أن كوريا الشمالية وبيلاروسيا.. ضمن هذه الحرب غير العادلة.

التناقضات

يعيش المجتمع الرأسمالي الأمريكي تناقضات وصراعات عميقة شملت كافة ميادين حياته، وفشل النظام الأمريكي في إيجاد حلول سلمية لهذه التناقضات ولم يبق أمام الإدارة الأمريكية سوى افتعال سيناريوهات الحروب غير العادلة كأسلوب أو «دواء شافٍ» لمعالجة هذه التناقضات الاجتماعية والاقتصادية. فعلى سبيل المثال في الجانب الاجتماعي: يلاحظ أن من أصل 190 مليون مواطن أمريكي فإن 50% منهم لايجيدون القراءة والكتابة بشكلها السليم و الصحيح، وأن 37 مليون شخص ليس باستطاعتهم توفير الضمان الاجتماعي، وأن أكثر من 4 ملايين شخص يسكنون تحت الجسور وفي محطات المترو ومحطات القطارات، وتشكل أمريكا 55 من سكان العالم إلا أنها تستهلك أكثر من 50% من المخدرات في العالم، وتحتل أمريكا «رائدة حقوق الإنسان ودولة القانون» المرتبة الأولى في العالم في عدد السجناء حتى وصل في بعض السنوات إلى 5.5 مليون نسمة، وبالمتوسط 2 مليون نسمة، وسنوياً يحدث في أمريكا ما بين 13 إلى 14 مليون جريمة، ناهيك عن التحلل الاجتماعي وتفشي البطالة والجريمة وخاصة وسط الشباب، وكما يلاحظ أيضاً في دولة «القانون والعدالة» فإن 400 عائلة أمريكية تستحوذ على حصة الأسد من الدخل القومي.

أما في الجانب الاقتصادي: يلاحظ أن الاقتصاد الرأسمالي الأمريكي يعاني من تباطؤ في معدلات النمو الاقتصادي وهبوط إنتاجية العمل، وكما يلاحظ نمو العجوزات المالية والتي أصبحت صفة ملازمة للاقتصاد الرأسمالي الأمريكي، ويشكل العجز في الميزان التجاري الأمريكي 3% من الناتج المحلي الإجمالي، ويشكل العجز في ميزان المدفوعات الأمريكي 23% من الناتج المحلي الإجمالي، وتبلغ المديونية الداخلية والخارجية 33 تريليون دولار، وهي تعادل أكثر من 4 مرات قيمة الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي. فعلى سبيل المثال في عام 2002، بلغ الدين الخارجي لأمريكا 3.2 تريليون دولار، ويتوقع أن يصل في عام 2005 إلى 4.5 تريليون دولار، وكما يلاحظ أيضاً أن الاقتصاد الأمريكي يعاني من قلة الاستثمارات الأجنبية ويعود السبب الرئيس لذلك إلى غياب المناخ الاستثماري السليم والمضمون وخاصة بعد أحداث 11 أيلول عام 2001، بل والأكثر من ذلك، بدأت رؤوس الأموال الأجنبية تهرب من أمريكا لغياب الاستقرار السياسي والاقتصادي ـ الاجتماعي، وأن الاقتصاد الأمريكي يتطلب شهرياً مليار دولار كاستثمار, أي سنوياً مالايقل عن 365 مليار دولار، في حين بلغت الاستثمارات الأجنبية لعام 2002 46 مليار دولار، وكما هو معروف فإن 96% من النقد الأمريكي المتداول غير مغطى وفق القواعد المالية.

حروب التدخل

لقد تدخلت أمريكا 14 مرة في المكسيك، و11 مرة في كوبا، و11 مرة في بنما، و14 مرة في الصين، و15 مرة في نيكاراغو، و6 مرات في الدوميناكان، و4 مرات في الأرجنتين، و3 مرات في هايتي، و مرتان في باراغواي، و مرتان في أوروغواي، ومرتان في جواتيمالا، ومرة واحدة في كل من السلفادور، تشيلي، البرازيل، بورتريكو، 5 مرات في اليابان، 4 مرات في كوريا، وفي فيتنام عدة مرات،  مرتان في تركيا، ومرتان في أندونيسيا.

أما في البلدان العربية فأمريكا «رائدة الديمقراطية وحقوق الإنسان ودولة القانون والمجتمع المدني..»!

تدخلت: 3 مرات في لبنان ( 1903، 1958، 1982)، وفي ليبيا 5 مرات (1801،، 1805، 1815،1985،1986)، وفي الجزائر مرة واحدة عام 1815، وفي المغرب مرة واحدة عام 1904.

من خلال هذا الاستعراض لنهج أمريكا اللاشرعي واللاديمقراطي تبين أن «الولايات المتحدة الأمريكية مارست إرهاب الدولة (إرهاب، عدوان، إلقاء قنابل نووية، حرب شاملة، إسقاط حكومات شرعية، مساندة منظمات معارضة للحكومات الشرعية..) ضد 29 دولة وقد قدرت الإحصائيات عدد الجنود الذين استخدمتهم الولايات المتحدة الأمريكية في ممارسة إرهاب الدولة، بما يزيد عن 3.2 مليون جندي».

يطالع الرئيس الأمريكي بوش الصغير «رائد الديمقراطية وتحرير الشعوب»!! بوجود «زوايا مظلمة» في العالم ويجب القضاء علي هذه «الزوايا المظلمة لأنها تشكل مصدراً للإرهاب الدولي»!! ففي 1/6/2002، وفي الأكاديمية العسكرية الأمريكية «فست ـ يونتي» خاطب بوش الصغير العسكريين الأمريكان إذ قال: «من أجل ضمان أمننا (المقصود أمن أمريكا) يتطلب منا القيام بتشكيل قوة عسكرية وأنتم تكونون قادة لها، ويجب على القوة العسكرية أن تكون متهيئة ومستعدة وبشكل سريع للزحف على أي زاوية مظلمة في العالم»!!

لقد حدد بوش عدد الزوايا المظلمة في العالم بأكثر من 65  زاوية مظلمة، أي دولة بما فيها بلدان ما يسمى بمحور الشر وهي معروفة للجميع وحصة الأسد منها، سورية ولبنان، اليمن،  السودان، ليبيا.. إيران، كوريا الشمالية، بيلاروسيا...، هذا هو جوهر ما يسمى بالعولمة المتوحشة، إذ يؤكد البروفسور ألكسندر زينوفييف أن «عملية العولمة ـ تعني إعلان الحرب العالمية الجديدة..

هل يمكن انهيار إمبراطورية الشر بدون حرب؟

هناك حقيقة موضوعية يجب أن تدركها القوى السياسية العربية بكل اتجاهاتها السياسية المختلفة، وكذلك على الشعوب العربية أن تعي وتدرك الخطر الذي هي فيه اليوم، فالحقيقة هي: أن موت أو انهيار الإمبريالية الأمريكية واستمرارها هي في يد الشعوب العربية، وإن الشعوب العربية تستطيع أن تعيش وتطور اقتصادها ومجتمعها بدون أمريكا ـ بريطانيا، ولكن أمريكا ـ بريطانيا لايمكنهما أن يعيشا بدون  البلدان العربية وبدون السوق العربية، فهما لايمكنهما أن يعيشا دون النفط العربي ولابدون السوق العربية من حيث التصدير ـ الاستيراد، بالنسبة لجميع السلع الغذائية والكمالية والمعمرة السلاح..، فانفقت البلدان العربية خلال عقدي السبعينات ـ الثمانينات أكثر من 3 تريليون دولار على شراء السلع الغذائية والكمالية والمعمرة وبناء المشاريع الخدمية وشراء المعدات العسكرية الحديثة، إضافة إلى ذلك فإن الودائع المالية العربية في البنوك الغربية وخاصة في البنوك الأمريكية قد تجاوزت تريليون دولار، هذا ما هو معلن رسمياً..؟! وإن 3% من هذه الودائع تعمل بالدرجة الأولى في ميدان المضاربات المالية وجزء قليل جداً في ميدان الخدمات، أما بقية الودائع فهي تشكل ودائع جارية تتآكل بفعل التضخم النقدي، وهذه خسارة كبرى للشعوب العربية وفائدة كبيرة »للديمقراطيات الكبرى» وحلفائها. وإن المستفيد الأول من كل هذا الإنفاق الهائل والودائع هو اللوبي اليهودي الأمريكي، والمجمع الصناعي ـ الحربي الأمريكي والماسونية والصهيونية العالمية.

والسؤال: ما العمل؟

نحن ندرك جيداً، أن غالبية الحكام العرب هم «حلفاء» و «أصدقاء» لأمريكا وحلفائها، وليس صدفة أن يعلن العقيد معمر القذافي من أن غالبية الحكام العرب هم: «من صنع أمريكا وبريطانيا» وقال ذلك باللغة الإنكليزية وبابتسامة محرجة وقاهرة، لأنه يدرك جيداً ما يقوله ولأنه أحد أقدم الرؤساء العرب اليوم، وهو يقول ذلك لأنه من «داخل المطبخ العربي»!!

مهام لابد منها

إن حملة التضامن والاحتجاج والاستنكار ضد الحرب الأمريكية على الشعب العراقي هي هامة وضرورية وهي تعبير عن عمق الصلة الوطنية والقومية بين الشعب العراقي وبقية الشعوب العربية، ولكن يجب علينا أن ندرك مخاطر وأبعاد هذه الحرب فهي سوف لن تنتهي عند العراق، بل سوف تعم وتشمل غالبية البلدان العربية، ويجب أن يتغلب وعينا السياسي والطبقي على عواطفنا بالرغم من أهمية ذلك، ومن أجل إحباط وإفشال المخطط الماسوني ـ الصهيوني الأمريكي على البلدان العربية يتطلب من الأحزاب السياسية العربية القومية والوطنية والإسلامية واليسارية أن توحد نشاطها وأن تضع لها برامج واضحة ولكل الميادين وحسب ظروف كل بلد، ولكن هناك مسائل يمكن تنفيذها من قبل اعضاء الأحزاب السياسية والمواطنين غير السياسيين من أجل إلحاق الهزيمة بالإمبريالية الأمريكية وحلفائها ومنها على سبيل المثال:

   1. التخلي الفوري عن التعامل بالدولار والباوند وتحويله إلى أي عملة وطنية أو دولية.

   2.  مقاطعة كاملة لشراء السلع الأمريكية ـ البريطانية الغذائية والمعمرة والكمالية.

   3. على الطبقة العاملة العربية أن تمتنع عن تقديم الخدمات والتسهيلات للخطوط الجوية الأمريكية والبريطانية، وأن تمتنع عن تعبئة النفط العربي للبواخر الأمريكية والبريطانية وحلفائهما حتى لو كلفها ثمناً باهظاً.

   4. على الأحزاب السياسية العربية كافة أن تقوم بحملة توعية وتثقيف للجماهير من الشباب والطلاب والنساء والعمال حول فضح المخطط الإمبريالي العالمي ومخاطره على مستقبل الشعوب العربية.

   5. على وسائل الإعلام الحكومية (عام ـ خاص) في البلدان العربية، (تلفزيون، راديو، صحافة، سينما) أن تعمل على توعية الشعوب العربية بمخاطر قدوم الفاشية الجديدة تحت غطاء  ما يسمى بالعولمة والقيام بشن حملة إعلامية وأيديولوجية ضد دولة  الإرهاب الدولي وحليفتها إسرائيل.

إن الشعب العراقي اليوم يذبح بأطفاله ونسائه وشيوخه وشبابه في ظل صمت شبه كامل للنظام العربي فأين العروبة يا مصر، وأين الإسلام يا الرياض؟ لماذا هذا الصمت؟ اليوم العراق وغداً أنتم وبعد غد...؟

نعتقد أن هذه الإجراءات وغيرها في حالة تنفيذها يمكن أن تتراجع إمبراطورية الشر وحلفاءها عن تنفيذ مشروعها الإجرامي تجاه الشعوب العربية والإسلامية وغيرها. وسوف تنهار الإمبريالية الأمريكية والبريطانية خلال سنة لحد أقصى، وهذا أيضاً يتطلب دعوة كل القوى السياسية في العالم وشعوب العالم في أن تكون جبهة شعبية عالمية من أجل السلام والعدالة والاستقرار وكبح نزوات الإمبريالية والكف عن نهجها الإجرامي.

■ د. نجم الدليمي