دورة مجلس اتحاد الأحزاب الشيوعية ـ الحزب الشيوعي السوفييتي الانقلاب المضاد للثورة في الاتحاد السوفييتي ومهام الحركة الشيوعية
■ الحركة الشيوعية والحركة العمالية العالميتان تشكلان القوة الأعظم المناهضة للإمبريالية
ننشر فيما يلي مقتطفات من كلمة الرفيق أوليغ. س. شينين رئيس مجلس اتحاد الأحزاب الشيوعية ـ الحزب الشيوعي السوفييتي. في دورة مجلس اتحاد الأحزاب المنعقدة بتاريخ 25/1/2003:
■■ ... وقد تبين أن الصهيونية كانت منذ البداية عدو الثورة وعدو الشعب الخفي السري الذي لا يظهر نفسه علناً إلا قليلاً جداً ـ سواء أكان آنذاك أم الآن ـ ولذا فهو خطر جداً. وهذه المسألة جديرة بأن نفرد لها وقفة خاصة.
إن الصهيونية التي وصفها المؤتمر الصهيوني المنعقد في بال 1897 بأنها حركة تعمل على حصول اليهود على دولة لهم في وطنهم التاريخي في فلسطين، إنما تعود بجذورها إلى الأساطير التوراتية في العهد القديم حول فرادة الشعب اليهودي الذي اختاره الرب. وقد استغل أيديولوجيو هذه الحركة واستراتيجيوها وقائع الاضطهاد التي حدثت فعلاً واستطاعوا أن يضعوا ـ أو بتعبير أدق ـ أن يطوروا الممارسة القديمة التي استمرت قروناً، ممارسة إخضاع شعوب بكاملها ـ بما فيها الشعب اليهودي ـ وتسخيرها لخدمة مصالحهم المغرقة في الأنانية. وبحكم الكوسموبوليتية التي تسم حتماً «عابري القوميات» الطامعين في السيطرة على العالم، تلتحم البرجوازية اليهودية الكبرى بممثلي أمم أخرى وتأتي في مقدمة هذه الأمم في المرحلة المعنية، الإنكليز والأمريكيون. ولهذا السبب بالذات علينا أن نتحدث عن المناوأة أو الصراع، ليس مع أمة ما أو مع حركة قومية ما، بل مع تيار سياسي طبقي اقتصادي وعنصري أيديولوجي متستر بدقة وإتقان. ولذا فإن مثل هذه المناوأة تلقى مقاومة ضارية وسيلا ًمن العداء والافتراء اللذين يستسلم لهما أحياناً أشخاص شرفاء ونزيهون موضوعياً.
ولكن علينا أن ننطلق من الوقائع ومن نتائج الدراسات العلمية حقاً. لايجوز في هذا الصدد بالذات أن ننسى كارل ماركس وتحليله المقنع لليهودية البرجوازية بصفتها تجسيداً للجوهر الرأسمالي الذي اتسم به المجتمع المعاصر له. كمالا يجوز أن نغفل تلك الأساليب التي اتبعتها ولاتزال تتبعها لتحقيق التوسع واكتساب المزيد من الرسوخ والمتانة، وهي تتمثل في التغلغل خفية في جميع بنى المجتمع والدولة وزرع عملاء مباشرين ومن يسمون بـ«عملاء نفوذ» وهم أشخاص واقعون تحت تأثير أيديولوجيات تبدو للوهلة الأولى تقدمية كمثل أيديولوجية «القيم الإنسانية العامة» و «حقوق الإنسان»، وتحت تأثير عدوان نفسي، ينفذ بوسائل خاصة كمثل خرافة الهولوكوست «المحرقة» التي تظهر اليهود بمظهر النخبة «المختارة» بين الشعوب الأخرى التي تعرضت للإبادة الفاشية كالسلاف والغجر، كمثل الانطباعات العاطفية التي تحدثها منتجات فنية ذات توجه معين. كما تتمثل في تلك الأساليب بإنشاء «طابور خامس» ولكن ليس من أجل الاستيلاء على البلد عن طريق الغزو العسكري المباشر، كما كان يخطط الفاشيون، بل من أجل إخضاع الشعب أيديولوجياً واقتصادياً. إن المقارنة مع الفاشية لاتستند فقط إلى تشابه الأفكار حول سيطرة «العرق الأسمى» على العالم، بل تستند أيضاً إلى أساس متين يتمثل في تشابه الممارسات التطبيقية. فمن المعروف للجميع أن قادة الحركة الصهيونية قدموا لهتلر مساعدة جوهرية في تنظيم عملية «استبعاد» الأناس الذين لالزوم لهم وذلك في مركبات وزنزانات الإعدام بالغاز بمن فيهم الشغيلة اليهود. وهم يبيدون السكان «الزائدين» الآن في بلدان الاتحاد السوفييتي بطرائق أخرى، ولكنها ليست أقل فعالية من تلك. وهكذا فإن الصهيونية هي أيديولوجيا البرجوازية اليهودية الكبرى وممارستها الفعلية. وأغلب الظن أن مراكز إدارتها هي ناديا «بيلديربيرغ»«1» و «روما» «2» وملتقى «دافوس»«3». أما ممثلوها المحليون فيجرى تجنيدهم عن طريق شراء الضمائر والإغراء بوظائف مريحة. وإذا كان هؤلاء الممثلون ينتمون إلى قومية أخرى أو هم من أبناء طبقة أو فئة اجتماعية مغايرة فإن هذا سيعود على القضية بفائدة أكبر. كما أن مبدأ تقسيم السلطات هو نعمة حقيقية من الرب للصهاينة. إذ أنهم بهذه المناورة يتمكنون من الإشراف على نشاط رؤساء الجمهوريات والحكومات والبرلمانات والقضاء. ولاشك في أن هذا الموضوع يتطلب من العلماء الماركسيين مزيداً من الدراسة المعمقة والبحث الدقيق. وللأسف ليس هناك أي حزب شيوعي يعالج مشكلة الصهيونية، وبدون هذه المعالجة لن نتمكن أبداً من الكشف عن حقيقة العدو الرئيس للثورة الاشتراكية...
■■ من الهام جداً أن نستند في سياق بحثنا إلى ما كتبه لينين في نيسان عام 1917 وهو يستعد لإعادة النظر في برنامج الحزب: «ليس من قوة بإمكانها إخراج البشرية من المأزق الذي خلقته الإمبريالية والحروب الإمبريالية سوى الثورة البروليتارية الاشتراكية». «وأياً كانت صعوبات الثورة وإخفاقاتها المؤقتة أو موجات الثورة المضادة فإن النصر في النهاية سيكون للثورة حتماً». ونشير هنا بصورة خاصة إلى أن هذه الأطروحة ظلت في برنامج الحزب الذي اعتمده المؤتمر الثامن للحزب الشيوعي الروسي «البلشفي» واحتفظت، تالياً، بقوتها النظرية حتى عام 1961. ولايزال الصراع بين الثورة والثورة المضادة مستمراً حتى الآن.
■■ ... عندما يصرح رأس المال الكبير بأن الصهيونية قد أدت مهمتها التاريخية: فقد أقيمت دولة إسرائيل، وهي لاتشكل أي خطر على جيرانها الآمنين ولسائر العالم، فإن هذا ليس سوى كذبة طبقية أخرى من كذب البرجوازية لذا يجب علينا أن نفضح هدف الصهيونية المموه بإتقان وعناية، وهو وضع الأغلبية العظمى من الإنسانية بعد تقليصها عدة مرات في موقع الخضوع التام للشعب ـ السيد. إن مهمة تشديد النضال ضد الشر العالمي المتمثل في الصهيونية التي تتقنع بقناع «محور الخير» تظل مهمة فائقة الإلحاح والآنية وتتطلب ـ ونؤكد هذا مرة أخرى ـ قيام الأحزاب الشيوعية بالكشف عن جوهرها الفاشي وفضح دعاتها وعملائها...
■■ ... بعد وفاة ستالين لم تستطع قيادة البلاد خلق التطابق بين علاقات الإنتاج المتخلفة والقوى المنتجة الجبارة؛ بل جرى العكس وهو أن السياسة الاقتصادية غير الصحيحة التي اتبعتها بدأت بإحياء النزعات المؤدية إلى نشوء رأسمالية الدولة ومن ثم إلى نشوء الرأسمالية الخاصة. وكان لابد لهذا الأمر أن يؤدي إلى حدوث تغييرات في البنية الفوقية، وإلى الوقوع في توهان نظري وارتكاب أخطاء في السياسة الاجتماعية، وانقطاع الحزب عن دعامته: أي الطبقة العاملة والفلاحين الكولخوزيين، مما أدى في نهاية المطاف إلى وصول خونة الاشتراكية المباشرين إلى قيادة الحزب الشيوعي السوفييتي وإلى انتصار الثورة المضادة انتصاراً مؤقتاً.
أما على الصعيد العالمي فقد تقهقرت بنية المجتمع الإنساني المادية والروحية بمجملها تقريباً، وحدث نكوص إلى الخلف لم يسبق له مثيل، ولن يستطيع أحد إيقافه سوى الشيوعيين...
■■ ... إننا نحن ـ أعضاء الحزب والكومسوموليين ـ الذين سلمنا ستالينغراد التي صمدت أمام الجحافل الهتلرية، نحن الذين سمحنا لأشخاص تافهين من أمثال غورباتشوف ويلتسين بخيانة الشعب العظيم وخيانة قضية الشيوعية العظمى. أما الشعب نفسه الذي خدع وأهين، والذي يدرك على نحو غير واضح مقدار مسؤوليته عما جرى فإنه يصمت بارتياب. وفي الوقت نفسه ثمة كثيرون مستعدون أن يؤمنوا بذاك الشعاع الوهمي من الأمل الذي يغريهم به المتلاعبون بالوعي البشري.
وليس بإمكان شيء أن يعطينا القوة للنفاذ إلى هذا الوعي سوى الحركة التي لا تهدأ، وتعاظم قدراتنا التنظيمية والفكرية والإرادية وتنامي أحزابنا كمياً ـ والأهم ـ نوعياً. ولكي لا نغفل تعاظم الوضع الثوري المحتم ولا نسمح بخداع الشعب مرة أخرى، يجب علينا إلزامياً أن نعمل دون كلل، كلنا معاً وكل منا منفرداً، وأن نفعل كل ما بوسع الإنسان أن يفعله، بل وأكثر مما بوسعه فعله. وعندئذ لابد من أن ننتصر.!...
■■ ستنشر «قاسيون» النص الكامل لكلمة الرفيق أوليغ شينين في كراس خاص.. فعلى من يرغب في الحصول عليه أن يطلبه من موزعي الجريدة حتى يستلمه مع العدد القادم من «قاسيون».