لبنان.. حلحلة نحو الاستعصاء

بعد أن «تحلحلت» عقدة لبنان الخاصة بتشكيل حكومته الجديدة بعد أشهر من السجالات والمناورات والمشاورات و«الحرد الحريري» وإيجاد «تخريجة» في صيغة تركيبتها لمطلب المعارضة الخاص بـ«الثلث الضامن» (15 موالاة/ 10 معارضة /4+1 رئيس جمهورية+ مصوت مع المعارضة عند الضرورة) تتجه الأمور هناك فيما يبدو نحو الانتقال بمسلسل الاستعصاء اللبناني إلى مرحلة أخرى عنوانها «سلاح المقاومة» مرة ثانية، مترافقة كالعادة بجملة من التهديدات الإسرائيلية

وبينما يعتقد البعض أن إنجاز البيان الحكومي قد يتطلب هو الآخر أشهراً من المناقشات و«العصلجات»، يرى آخرون أنه «جاهز» وأن موضوع «السلاح» متروك لطاولة الحوار، دون أن يكون هناك جواب شاف حول شكل ومضمون وأبعاد تناول موضوع المقاومة في البيان، الذي لا يمكن له منطقياً ومن حيث المبدأ أن يتجاهل هذا الموضوع، سلباً أم إيجاباً!!
إرهاصات لجوء قوى 14 آذار وإسرائيل لوضع العصي في دواليب الحكومة وبيانها المرتقب والتهويل حول سلاح المقاومة وصواريخها بدأت قبل أسبوع تقريباً من الإعلان عن تشكيلتها، حيث شكل كل من «الكتائب» و«بكركي» وبعض القوى والشخصيات المحسوبة على قوى 14 آذار وتيار المستقبل رأس الحربة في ذلك في حين انسحب جنيلاط من هذه البورصة/ الجوقة مؤقتاً ضمن ما يروج له من انقلاب في مواقفه «حالياً». 
السيد حسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله وفي كلمة يوم الشهيد مر مرور الكرام تلميحاً على موضوع السلاح كي لا يقول خصومه إنه يشترط مسبقاً على الحكومة العتيدة وطاولة الحوار، ولكنه أدرج الأمر تلميحاً أيضاً ضمن القضايا الكبرى التي ترتدي افتراضاً إجماعاً وطنياً. فهل سيقتنع الخصوم وأسيادهم؟ الإجابة المتوقعة هي «لا»! وهذا يستتبع سؤالاً منطقياً آخر حول السيناريوهات المحتملة في أعقاب ذلك، وهي:

التعاطي مع موضوع المقاومة وسلاحها في البيان الوزاري بطريقة إما «ملتبسة» خاضعة للتأويل بما «يلغم» طاولة الحوار مسبقاً.
عدم حسم الموضوع على طاولة الحوار وهذا مرجح ارتباطاً بطبيعة الشروط التي سيحاول كل طرف طرحها
إن أصرت المعارضة على تفسيراتها للبيان بخصوص المقاومة فانقلاب الحكومة على بيانها مجدداً
استفزاز حزب الله لكي يستخدم سلاحه في الداخل (7 أيار مجيد جديد)
السعي لفرض نزعه إما بالعقوبات الدولية أو المغامرات العدوانية الإسرائيلية
يقوم حزب الله بنزع سلاحه علناً ويبقيه سراً، وهذا لا ينسجم مع فكر الحزب وسياساته لأنه يحوله إلى «ميليشيا» وليس حزباً للمقاومة الوطنية
يدمج الحزب سلاحه ضمن الإستراتيجية الدفاعية
ينقلب الحزب على نفسه ومشروعه وينزع سلاحه طوعاً وكاملاً بإستراتيجية دفاعية أو بدونها!!

باستثناء النقطة الأخيرة غير الواردة في كل الأحوال لأنها تقضي على لبنان إن لم يكن بالوجود والتفتيت أكثر فبالقضاء على التوجه والطبيعة والتحول من خاصرة رخوة لسورية إلى خاصرة خطرة بالمطلق عليها، فإن كل هذه الاحتمالات تبقي حالة الاستعصاء في لبنان، وهو ما يمكن أن يستشفه المراقب من دعوة السيد نصر الله السياسيين والمحللين لترك اللبنانيين يتنفسون قليلاً، وهو كغيره يعلم أنه بالأوضاع الطبيعية لا السلاح سوف يسحب، ولا المقاومة كفكر وممارسة سوف تحل نفسها، ولا الأوضاع في كل المنطقة تسمح بهذا الترف الخياني لتقديم خدمة مجانية للكيان الصهيوني في وقت تنتقل فيه بلدان عربية أخرى مثل السعودية واليمن إلى قائمة دول المنطقة المستهدفة تهديداً أم تفتيتاً مثل سورية ولبنان وإيران، بعد العراق وفلسطين، المزدوجة في «كانتوني» الضفة والقطاع.