داسيلفا اليساري يحكم البرازيل.. وواشنطن تتربص!

جاءت نتائج الانتخابات الرئاسية البرازيلية بما لا يروق لواشنطن وسياساتها التي تريد تكريسها في أمريكا اللاتينية حيث أفضت هذه النتائج إلى فوز مرشح حزب العمال البرازيلي ايناسيو لولا داسيلفا بنسبة تجاوزت 60% من الأصوات في حين حصل منافسه مرشح الحزب الاجتماعي الديمقراطي جوزيه سيرا على أقل من 40% في عملية اقتراع شارك فيها ملايين الناخبين البرازيليين الذين يتطلعون إلى نقلة نوعية تنقذ البلاد من حالة الركود الاقتصادي وانهيار عملتها الوطنية المتسارع وتفشي البطالة والفساد الإداري والعنف والجريمة المنظمة والمخدرات وعمالة الأطفال وتنشقهم للبنزين كنوع من الإدمان وذلك ضمن سياسات اعتمدت بشكل رئيسي التبعية لواشنطن ومجموعاتها الاقتصادية الإقليمية.

وبينما يرى بعض المراقبين أن داسيلفا، الرئيس البرازيلي الوحيد الذي تم انتخابه من القواعد العمالية البرازيلية منذ سقوط الديكتاتورية العسكرية قبل اكثر من 20 عاما، التروي في إعلان برامجه كاملة تحسباً لأي ردة فعل عنيفة من جانب واشنطن يُتوقع تماماً أن تمارس واشنطن أشد الضغوط للالتفاف على هذه النتائج وتفريغها والضغط على أي برنامج اقتصادي اجتماعي سياسي اشتراكي التوجه في البرازيل يبعدها عن دائرة النفوذ الأمريكية، لا سيما أن انتخاب لولا كما يعرف الرئيس الجديد شعبياً يشكل صفعة بحد ذاتها في وجه واشنطن التي تبادلت مع الرئيس المنتخب عبارات التهنئة والتحية ولكنها هي ذاتها واشنطن التي تريد أيضا من خلال دورها في التطورات التي تشهدها فنزويلا بالتزامن مع تسلم لولا لمهامه أن توجه له رسالة واضحة حول قدرتها على زعزعة استقرار أي بلد حتى ولو كانت قيادته منتخبة ديمقراطياً إذا ما انتقدت هذه القيادة أو قاومت رغبات البيت الأبيض وسياساته.

 

غير أن الولايات المتحدة لم تتمكن حتى الآن، ورغم كل محاولاتها التآمرية في فنزويلا، من الإطاحة بحكومة هوغو شافيز اليسارية في رابع أكبر بلد منتج للنفط في العالم ولكنها تخشى عملياً من انتقال عدوى السياسات اليسارية الرسمية المناهضة للسياسات الأمريكية في أمريكا اللاتينية من كوبا وفنزويلا إلى البرازيل التي تنشط فيها الأحزاب الشيوعية واليسارية بقوة والتي باتت مدينتها بورتو الليغري تحتضن سنوياً المنتدى الاجتماعي الدولي المناهض لسياسات العولمة الأمريكية والموازي لمنتدى دافوس الاقتصادي والداعي إلى توزيع عادل للثروة المنتجة عالمياً بين الشمال الغني والجنوب الفقير، وهو ما يصعّب من مهمة داسيلفا وحكومته التي قال إنها ستركز على إطعام الجياع في البلاد قبل التفكير في الاتفاقات الموقعة مع البنك الدولي مثلاً، وذلك مع العلم بأن جملة التطورات غير المنتهية في الإكوادور والبيرو والأرجنتين والمكسيك وكولومبيا تشكل مصدر آخر لواشنطن المصرة على إبقاء أمريكا اللاتينية حديقة خلفية لها…