كولومبيا… وصراع الاستقلال عن واشنطن

مع إعلان القوات المسلحة الثورية الكولومبية /فارك/ عن مقتل زعيمها، خوسيه أرور يافي، في أحدث موجة من المواجهات الدامية داخل العاصمة بوغوتا وخارجها بين قوات الحكومة الكولومبية الجديدة برئاسة ألفارو أوريبي المدعوم من واشنطن بقوة وبين فصائل المعارضة اليسارية المسلحة التي تتواجه أيضاً في نزاع شبه عسكري مع الفصائل اليمينية المسلحة المدعومة بدورها من الحكومة، تدخل الحرب الأهلية المستعرة في البلاد منذ 38 عاماً منعطفاً جديداً بعد أن أودت مسبقاً بحياة عشرات الآلاف من الكولومبيين. 

وتتمثل ملامح هذا المنعطف في أنه يأتي عقب إجراء جولة أخرى من مفاوضات سلام غير مجدية بين الطرفين وإثر إعلان الرئيس الذي وصل إلى سدة الحكم في السابع من آب الماضي عن هجوم شامل على فصائل المعارضة المسلحة ولكن بدعم أمريكي أيضاً كما كان الحال مع سلفه جوزيف باسترانا الذي انتزع من هذه الفصائل الجيب منزوع السلاح الذي مُنح لهم سابقاً.

ومع استمرار الحرب الأهلية الكولومبية على خلفية الفقر المدقع الذي تعيشه الأطراف بالمقارنة مع أجزاء من مراكز المدن الكبرى لا يزال عدد ضحاياها في ارتفاع في وقت تشكل فيه قوات التدخل العسكري الأمريكي وضباطه الطرف الضالع في تسعير هذه الحرب والاستفادة منها للوقوف على تجارة المخدرات المزدهرة في كولومبيا ولعب دور سماسرة تسويقها إلى الأمريكيتين والعالم، ودائماً في ظل إجراء عمليات عسكرية مشتركة مع الجيش الكولومبي ضد معاقل الحركات الثورية المسلحة، وكذلك في ظل إعلان حالات الطوارئ إثر العمليات المضادة والتي كان أبرزها مؤخراً مهاجمة محيط القصر الرئاسي بالصواريخ والقيام بمحاولة لمهاجمة العاصمة بوغوتا والسفارة الأمريكية فيها بعد خمسة أيام من تولي الرئيس الجديد لمنصبه.

وفي نهاية المطاف فإن الصراع الدائر في كولومبيا يشكل مثالاً صارخاً عن التطورات التي تشهدها البلدان المضطربة منذ أن رفعت منظمة الأمم المتحدة يدها عن التدخل فيها أمام سطوة النفوذ الأمريكي فيما تعده واشنطن خاصرة لها.

 

■ محرر الشؤون الدولية: عبادة بوظو