الاعتراضات على الجعفري.. أزمة المأزومين أم بداية التقسيم؟

 يستبعد المحللون السياسيون  نتيجة للخلافات السياسية الكبيرة بين الفرقاء العراقيين تأليف حكومة وحدة وطنية قريباً، هذه الخلافات التي طالما عملت إدارة الاحتلال على تزكيتها، سواء عبر أزلامها الموجودين على رأس العديد من القوى، أو عبر إطلاق الوعود والإغراءات وأحياناً التهديدات لأشخاص أو أحزاب أو تيارات، حيث ساهم كل ذلك في جعل الأجواء السياسية والاجتماعية والاقتصادية شديدة السوء،

الأمر الذي أدى وبشكل خطير إلى تزايد وتصاعد التوترات الطائفية، ليصب هذا في النتيجة في جعبة المحتلين وعملائهم الذين ما انفكوا يسعون لإشعال حرب أهلية من شأنها  تسهيل تقسيم العراق، وتسمح لقوات الاحتلال بالسيطرة الكاملة على مقدراته.

الحكومة المنتظرة

بينما يشتد فيه خطر تقسيم العراق إلى دويلات متنازعة، ما يزال زعماء العراق الجدد مختلفين على منصب رئيس الوزراء بعد مرور نحو ثلاثة أشهر على إجراء الانتخابات.

واستنادا إلى قانون إدارة الدولة الانتقالي الذي رعته الولايات المتحدة والذي مايزال سارياً، لا بد أن ينتخب النواب رئيساً لهم، ثم رئيسا للجمهورية ونائبين له. ويختار رئيس الجمهورية ونائباه بعدها رئيساً للوزراء لتأليف حكومة في غضون أسبوعين، إلا انه ليس ثمة إطار زمني محدد لتولي هذه المناصب، ويتضمن الدستور الجديد الذي أرغم الناخبون للقبول به في العام الماضي، إطارا زمنياً لكن العمل به لن يبدأ إلا بعد تأليف الحكومة.

ويعارض عدد بارز من القوى السياسية والدينية ترشيح رئيس الوزراء إبراهيم الجعفري ويطالبون "الائتلاف العراقي الموحد" بتغييره بلهجة فيها الكثير من الوعيد باعتماد خيارات استراتيجية جديدة.

ماذا يعني كل ذلك؟ إنه يعني دون أدنى شك أن هذا الاستعصاء، إذا استمر فترة أطول، سوف يجعل العراق بلا حكومة مركزية، حتى لو كانت عميلة، وبذلك سيكون هذا الخطوة الأكثر انعطافاً باتجاه تقسيم العراق سياسياً إلى ثلاث مناطق تحكمها فئات مدعومة من قوات الاحتلال، مختلفة مع جيرانها، أشقاء الأمس القريب إلى درجة الاقتتال والنزاع على الحدود والثروات وغيرها!! 

الشرارات الطائفية

إن أعمال العنف الطائفي التي أودت بنحو 1000 شخص على الأقل منذ تفجير المسجد الذهبي في سامراء في 22 شباط ما تزال مستمرة وبشكل مثير جداً للقلق، فكل يوم ثمة انفجار سيارة مفخخة أو أكثر في معظم المدن العراقية، وربما أكثرها في بغداد بأحيائها المختلفة، ورغم أن عدداً من عقلاء رجال الدين من شتى المذاهب والمرجعيات دعوا إلى تجنب الفتنة، إلا أن ما يجري على الأرض أمر مختلف كلياً، فالدماء تسيل بصورة عمياء، وأصابع قوات الاحتلال واضحة في كل جريمة ترتكب بالنسبة للجميع، ماعدا أولئك الذين أعمتهم النزعات التكفيرية والتعصب المدفوع الأجر، وفي حال استمر هذا القتل اليومي المجاني، فإنه سيصل قريباً إلى مرحلة يصعب فيها تجنب حرب أهلية شاملة!! وهذا برسم القوى الوطنية الحقيقية التي تقاوم الاحتلال بشتى السبل العسكرية والسياسية، فهي الخيار الوحيد المتبقي للشعب العراقي ليتجنب الكارثة..

في العراق الآن أكثر من 14 ألف سجين موقوفين دون اتهام أو محاكمة، وعشرات الآلاف من المدنيين صغاراً وكباراً قتلوا في بيوتهم وفي الطرقات، وثمة آخرون ينتظرون مصيرهم الذي سيكون في غاية القسوة إن بقيت الأمور تمضي في الاتجاه الذي يبتغيه المحتلون..                                  

 ■ أعد الشؤون العربية

 

جهاد أسعد محمد