إلى الأستاذ ميشيل كيلو «مستشار تحت الطلب ولأي كان».

 ما إن أعلن  في دمشق من فندق البلازا يوم 26/11/2005 عن إطلاق «الوثيقة الوطنية» تحت عنوان: «الوطن في خطر... لابد من قيام جبهة شعبية وطنية ديمقراطية للمواجهة»، حتى اشتغلت جوقة بعض الخصوم في الداخل، المندسين بين ظهرانينا، ضد الوثيقة الوطنية جملة وتفصيلاً، متجاهلين كل ما سبق صدورها من جهود توحيدية وليس إقصائية، وحوارات غنية جريئة استمرت لأكثر من سنتين، شارك فيها معظم الطيف السياسي والشخصيات السياسية الوطنية العاملة في الشأن العام، وبينهم الكثير ممن غادروا السرب ووافقوا على ما يسمى «بإعلان دمشق».

ولم يغب عن ذلك الحوار الوطني إلا من استثنى نفسه بنفسه تحت زعم «أن أي حوار يشارك فيه النظام لن يفضي إلى وحدة وطنية» وبذلك وقع هذا «البعض» في منزلق الروح الإقصائية التي طالما اشتكى منها عبر الفضائيات والصحف خارج الحدود – النهار والحياة - نموذجاً.

وكان القائمون على الحوار والذين شاركوا بفعالية في ندوتي الوطن الأولى والثانية بتاريخ نيسان وتشرين الأول 2004، قد انطلقوا من الحاجة الملحة إلى حوار وطني شامل تحت سقف الوطن لا يستثني أحداً على قاعدة: عدم الاستقواء بالخارج على الداخل ورفض التفريط بالثوابت الوطنية»!

وقد توافق المشاركون في ندوة الوطن الثانية على تفعيل العمل من خلال تشكيل «لجنة المبادرة للحوار الوطني» من السادة: قدري جميل، منير الحمش،صابر فلحوط، لمى قنوت، ابراهيم اللوزة، يوسف سلمان، محمد حبش، رجاء الناصر، لإعداد مشروع «الوثيقة الوطنية» وإقرارها في اجتماع وطني عام، يمهد الطريق لعقد مؤتمر وطني للحوار، ليس للوصول إلى برنامج حكم، بل للوصول إلى برنامج للمواجهة والمقاومة، لأننا أمام عدوان يتسارع في زمن يتناقص.

هذا هو الطريق الذي سلكناه في رابعة النهار ونعتز به، ومن داخل الوطن وليس من خلف الحدود. ولكن يبدو أن نجاح هذا المسار وإطلاق الوثيقة الوطنية الجامعة يوم 26/11 من «فندق البلازا»، قد أزعج الروح الإقصائية وبعض المراهنين على نتائج الضغوط الأمريكية – الصهيونية على سورية، ومن بين هؤلاء بعض عرابي «إعلان دمشق» الأساسيين أمثال الأستاذ ميشيل كيلو «الديمقراطي جداً» والمستشار الدائم لأي كان تبعاً لتقديراته لموازين القوى، والذي سارع بالتصريح إلى نشرة «syria news» بأن «الوثيقة الوطنية حديث سخيف عن الإمبريالية، وأنا لم أذهب إلى هذه «الهرجة» لأني أعرف من أوصى بها، وكنت أعرف منذ البداية أن هدفها هو إعلان دمشق للوقوف ضده بحديث سخيف عن الإمبريالية والصهيونية... ».

ويلجأ السيد كيلو في تصريحه لـ «syria news» إلى التزوير الرخيص للحقائق، فيصف الدكتور قدري جميل، الشيوعي المعروف بـ «المليونير الكمبرادوري» و«أن الديمقراطيين يحرصون على سمعهتم، لذلك لم ولن يمدوا إليه أيديهم... وإذا كان السيد جميل يحب الديمقراطية فكيف لم ير في إعلان دمشق برنامجاً تفصيلياً للتغيير الديمقراطي، جمع كل القوى السياسية الفاعلة  (لاحظوا كلمة كل القوى) على الساحة السياسية السورية»!

من أنت يا سيد كيلو، وما هو تاريخك وما هي إثباتاتك لتتشدق بهذا الكلام؟

لو كنا فعلاً – نحن في اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين- أصحاب الدعوة أو المتفردين بها لما قمنا بتوجيه دعوة لحضرتك لمعرفتنا الأكيدة بأنك أحد عرابي «إعلان دمشق»، وبأنك ستحاول تحويل الاجتماع الوطني لإقرار الوثيقة الوطنية إلى «هرجة»، ولكن توافقاً مع بعض من رغب بدعوتك وافقنا، وها أنت أفصحت عما أنت فيه فعلاً:

■كنت يا سيد كيلو أحد العرابين الأساسيين للأستاذ رياض الترك منذ أوائل السبعينات، وها هو قد غير اسم حزبه وغادر ضفاف الماركسية، ويرفض كل كلمة ضد الإمبريالية الأمريكية في أية وثيقة بما فيها «إعلان دمشق»!؟

■ ركبت موجة مؤسسات المجتمع المدني في سورية واختلفت مع أفضل العناصر المشاركة فيها التي رفضت الاستقواء بالخارج على الداخل.

■ ترفض يا سيد كيلو اللقاء مع مطلقي «الوثيقة الوطنية» في دمشق، لكنك ذهبت إلى قبرص ومالطا وتركيا وهولندا وفرنسا للقاء «مجموعات بحثية» أمريكية وأوروبية تحت عنوان «حوار مفتوح حول قضايا المنطقة». وقد نصحك البروفيسور كمال خلف الطويل برمزية لها دلالة بالغة عليك من الولايات المتحدة الأمريكية قائلاً «والثابت أنني تلمست بيقين متعاظم في العامين الأخيرين كيف أوصلتك قراءة خطلة للمشهد الجيواستراتيجي في الإقليم والعالم إلى منظومة تحليلية بعدت بك –في ظني – عن سكة السلامة».

■هل تنكر يا سيد كيلو أنه بعد عودتك من الحوار في «لاهاي» في تموز 2004 أنك شرحت وبحماسة شديدة للدكتور كمال خلف الطويل وآخرين في مقهى الروضة «مشروعكم الذي طرحتموه والذي ينص على إنشاء قوات طوارئ دولية تحت أمرة مجلس الأمن لإنقاذ حقوق الإنسان على اتساع العالم ولردع أو عقاب أي دولة مخالفة لها» وعندما قال لك الدكتور كمال: «تشرعن إلغاء السيادات الدولتية وتفرض الوصاية الدولية – أي الأطلسية – على كل دول العالم، أجبت يا سيد كيلو:  لكن ذلك سينطبق على إسرائيل..».

بعد هذه الجردة المخففة لما نعرف عن مواقف وسلوك السيد كيلو الملتبسة والواضحة نقول إن الكمبرادوري الحقيقي، هو من يقول على شاشة التلفزيون السوري أنه «يبصم بالعشرة» للنظام في سورية، ويقول كلاماً نقيضاً على شاشة أخرى، وتكون حصيلة سفرياته المتعددة إلى دول العالم (وبالتأكيد ليس من تمويله الشخصي)، وتكون حصيلة حواراته مع مجموعات بحثية أمريكية وأوربية ومؤسسات نشر ألمانية، التسليم لمجلس الأمن الذي أصدر القرار 1636 ضد سورية، بأن يكون بقيادة واشنطن حامياً لحقوق الإنسان ووصياً على دول العالم!! وبذلك لا يحق له إطلاقاً توزيع شهادات بالوطنية على أحد ممن يرفعون شعار «كرامة الوطن والمواطن فوق كل اعتبار» بعكس العرابين الذين ينتقلون من ضفة إلى الضفة النقيضة حسب اتجاه الريح المسمومة!

 

■ حمزة منذر