من حلم بدولة إلى حلم... بمعبر!
السلطة الفلسطينية التي لا تزال تؤمن أن طريق المفاوضات سيوصلها إلى ما يصبو إليه الشعب الفلسطيني، تفرط شيئاً فشيئاً بالحقوق الفلسطينية، ولا تلبث تخرج من مطب حتى تقع في غيره..
وما حدث في معبر رفح مجرد مثال على رضوخ هذه السلطة للعروض التي يطرحها الصهاينة وحلفاؤهم الأمريكيون والتي من شأنها محاولة الإجهاز على الحقوق الوطنية الفلسطينية!! فعلى ماذا تراهن هذه السلطة في هذه الظروف التي أثبت الواقع أنها لا تعترف إلا بالمقاومة وبالمقاومين؟؟
الإسرائيليون عموماً وعلى اختلاف مواقعهم واتجاهاتهم مؤمنون أن الظرف الدولي مؤات جداً لهم، خصوصاً بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، لتحقيق أكبر قدر ممكن من المكاسب الاستراتيجية، وأن الولايات المتحدة ، بتوافق شبه تام مع أوروبا السياسية، ستستمر بالضغط الجدي على العرب ليقدموا المزيد والمزيد من التنازلات. جميع الإسرائيليين سواء كانوا في معسكر اليمين أو في معسكر اليسار، يرفضون أي انسحاب من بقية الأرض الفلسطينية ويؤكدون أنه يجب الاكتفاء بما تم في قطاع غزة، فهم يرون أن كل كيان فلسطيني هو قاعدة للإرهاب. لذلك فإن السماح للسلطة الفلسطينية بإدارة بعض شؤون الفلسطينيين في تجمعاتهم المنعزلة، إحدى أهم غاياتها هو الحد من المقاومة ، أو كما يسمونها هم : الإرهاب، إلا أن ذلك يجب أن يتم حكماً، تحت السيادة الإسرائيلية على المعابر والأجواء ومصادر المياه والاقتصاد والأسواق والتسلح وغيرها...
فمن بنيامين نتنياهو وهو الابن البار لليمين الصهيوني،إلى أرييل شارون مجرم الحرب الخارج عن جميع القوانين الإنسانية التي عرفتها البشرية منذ الأزل ، إلى عمير بيرتس اليهودي الشرقي المؤمن بدور حزب العمل «اليساري» في تلميع صورة إسرائيل لدى بعض العرب ولدى الغرب عموما ًوالذي لا يختلف كثيراً من حيث الجوهر عن كلا الاثنين. الاختلافات بين هؤلاء القادة الصهاينة الثلاثة وما يمثلونه من قوى وأحزاب رغم اتساعها المفترض - على الأقل من وجهة نظر الشارع الإسرائيلي- تكاد لا ترى، فموقفهم من النزاع العربي الإسرائيلي، ورؤيتهم لضرورة الاستفادة من السياسة الأمريكية في المنطقة قدر الإمكان يكاد يكون متطابقاً. جميعهم مصرون على إبقاء العرب في حالة ضعف تحت وطأة أنظمتهم الاستبدادية الوضيعة والذليلة.
إن خريطة الطريق بالنسبة للإسرائيليين هي التي خلقت أفضل علاقة مع أميركا وأوروبا، كما أنها استطاعت أن توفر مناخاً مؤاتياً لقبول رسمي عربي، بما يحصل على الأرض وتحييد دول عربية مركزية وأمنت الظروف للاستمرار في بناء الجدار، وفي الاستيطان، وفي تثبيت الاحتلال في المناطق التي يطلقون عليها صفة«المناطق الأمنية» وفي كل المناطق التي يرونها ضرورية لإحكام الحصار وعزل المناطق الفلسطينية، لذلك هم متمسكون بها إلى أقصى حد، ويعتبرونها بديلاً نهائياً للقرار 242 الصادر عن مجلس الأمن.
إن ما يريدونه هو كيان فلسطيني ضعيف ومنقاد، لا حدود واضحة له ولا صلاحيات، تسهل السيطرة عليه، وإبقاء الاحتلال في القدس والمستوطنات وغيرها، ومنع اللاجئين من العودة، والإمساك بالمعابر وفرض التسوية المحدودة، ولكن المديدة، وللأسف فإن قادة السلطة الفلسطينية مازالوا غارقين في أوهامهم، يفرحون بالانتصارات الصغيرة، حتى لو كانت على مستوى معبر ليس إلا، ولا يدركون أنهم شيئاً فشيئاً يمضون نحو التفريط بالحقوق الوطنية الثابتة للشعب الفلسطيني..
• محرر الشؤون العربية:
■ جهاد أسعد محمد
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.