الأمريكان «يشترون» الصحف العراقية «الرخيصة»..

أوردت صحيفة «لوس إنجلس تايمز» في يوم الأربعاء 30/11/2005  تقريراً موثقاً يكشف عن قيام قوات الاحتلال الأمريكية في العراق، بدفع الرشاوى للكثير من الصحف العراقية، من أجل نشر عدد كبير من القصص والروايات المختلقة وتوجيهها للرأي العام العراقي في محاولة لإقناعه بأن جهوداً حثيثة تبذلها هذه القوات الغازية في إعادة إعمار العراق ونشر الأمن والاستقرار فيه.

ونقلت الصحيفة ما قاله مسؤولون عسكريون أمريكيون الذين أكدوا أن الكثير من المواضيع التي تنشر يومياً في الصحف العراقية منذ الأيام الأولى لبدء الاحتلال، تحررها «فرقة استخبارات العمليات» التابعة لقوات الاحتلال الأمريكية، التي قامت أيضاً بشراء إحدى الصحف العراقية والاستيلاء على إحدى المحطات الإذاعية بهدف نشر وجهات النظر الأمريكية، ونقل صورة موجهة، مخالفة كلياً لمجرى الأحداث التي تقع يومياً والجرائم المروعة المتصاعدة التي ترتكبها أيدي الإرهاب الأمريكي المستمر، وما يخلقه من مآسٍ يعيشها شعب العراق يومياً.

كما يسعى الأمريكان من وراء ذلك إلى إخفاء الحصيلة الحقيقية للخسائر الكبيرة في صفوف قواتهم المعتدية والتي أصبحت فوق قدرتهم على الاحتمال.

 وأضافت الصحيفة ذاتها أن البنتاغون الأمريكي استأجر شركة «لينكولن غروب» الأمريكية، التي راحت تترجم المواضيع «الموجهة» إلى العربية وتختار أماكن ومواضع مميزة ومناسبة لها في صحف بغداد.

وتشير الوثائق التي حصلت عليها الصحيفة الأمريكية والمقابلات التي أجرتها مع صحافيين عراقيين وعسكريين أمريكيين في العراق، أن صحيفة «المؤتمر» في بغداد، والتي يديرها مساعدو نائب رئيس الوزراء، أحمد الجلبي، قد تقاضت مبلغاً كبيراً لقاء نشر مادة بعنوان «العراقيون يصرون على العيش رغم الإرهاب»، في السادس من آب الماضي. وحول ذلك، قال رئيس تحرير «المؤتمر»، لؤي بلدانوي، إن هذه المواضيع ترد إليه عبر الإنترنت، وبأن «سياسة الصحيفة تنص على نشر كل ما يدعم أميركا».

ومن ضمن الفضائح التي كشفت عنها الصحيفة، هي تلك المتعلقة بجريدة «الدستور» التي تعتبر نفسها «مستقلة»، فقد تقاضت مبلغ «1500 دولار» من أجل نشر موضوع بعنوان«المزيد من المال يذهب إلى تنمية العراق». وقال رئيس تحرير «الدستور»، بسام شيخ، بأنه لا فكرة لديه «من أين أتى الموضوع!!»، وبأنه أضاف ملاحظة «خدمة وكالات الإعلام» في أعلى الموضوع بهدف تمييزه عن المواضيع الأخرى.

وحين سئل وزير الدفاع الأمريكي «دونالد رامسفيلد» عن هذه الفضيحة الجديدة قال: إن «الإعلام الحر هو بمثابة صمام أمان للشعب العراقي للبحث في قضايا ديمقراطيتهم»!!. وفي هذا السياق طلبت لجنة القوات المسلحة في الكونغرس الأمريكي، الاستماع إلى مسؤولين في وزارة الدفاع لاستيضاحهم حول «فضيحة المقالات التي نشرها عسكريون أمريكيون في الصحف العراقية لقاء مبالغ مالية»، في خطوة تشبه ذر الرماد في العيون، وكمحاولة لتبييض صورة الولايات المتحدة لدى الشعب العراقي وشعوب المنطقة عامة.

 

يأتي كل هذا الكم من الفضائح ليفاقم المأزق الأمريكي في المنطقة، وليكشف إلى حد كبير وحشية استراتيجيات صقور البيت الأبيض الذين ما يزالون مصرين على دفع المنطقة إلى مزيد من المآسي والحروب والاختلالات.