الخلط المتعمد بين المقاومة والإرهاب بات في أعلى سلطة دولية مفترضة

عندما تم انتخاب محامٍ سريلانكي، هو روحان بيريرا، لرئاسة لجنة الأمم المتحدة الخاصة بالإرهاب، وذلك منذ حوالي ثماني سنوات، قال له أحد الدبلوماسيين الغربيين مازحا إنه سيكون «رئيساً مدى الحياة» لهذه اللجنة؛ لأن الأمم المتحدة لن تتفق على الإطلاق على تعريف قانوني للإرهاب».

وكما توقع، فقد فشلت هذه الهيئة الدولية في المؤتمر الدولي الـ14 – وربما الأخير – ضد الإرهاب، وهذا يرجع في المقام الأول إلى أن الوفود لا زالت متوقفة حول تعريفات تتعلق بـ«الإرهابيين» و«المقاومين» و«إرهاب الدولة».

وقد أحس الأمين العام للأمم المتحدة بالإحباط بسبب عدم الاتفاق، حيث صرح المتحدث باسمه بأن كوفي عنان «شعر بالإحباط عندما علم» بأن اللجنة القانونية التابعة للأمم المتحدة قد فشلت في التوصل لاتفاق بشأن «ميثاق شامل حول الإرهاب الدولي»

والميثاق الـ14 – والذي وُصف بأنه أب لجميع الاتفاقيات - عبارة عن ميثاق شامل يتكون من مقال في 21 صفحة يغطي عناصر من الاتفاقيات الـ13 السابقة ضد الإرهاب. وقد كان المقصود من هذا الميثاق، كما يشير العنوان، أن يكون الميثاق الأكثر شمولا ضد الإرهاب.

ومن بين الاتفاقيات السابقة كانت الثلاث الأخيرة ضد الإرهاب هي: الميثاق الدولي للقضاء على التفجيرات الإرهابية عام 1997، والميثاق الدولي للقضاء على تمويل الإرهاب عام 1999، والميثاق الدولي ضد الإرهاب النووي في 2005.

وتشمل الاتفاقيات الأخرى مواثيق ضد الاستيلاء غير المشروع على الطائرات، والأعمال غير المشروعة من العنف في المطارات، والجرائم ضد الدبلوماسيين، واحتجاز الرهائن، والأعمال غير المشروعة ضد أمن الملاحة البحرية.

ولكن ليس في أي من هذه المواثيق الـ13 تعريف واضح وقاطع للإرهاب.

وقد تبنت اللجنة القانونية مشروع قرار يدعو لجنة الأمم المتحدة الخاصة بالإرهاب إلى الانعقاد من جديد في فبراير للقيام بمحاولة جديدة في الموضوع.

ويُتوقع من اللجنة أن «تستأنف توسيع مشروع ميثاقها الشامل حول الإرهاب الدولي، والتي لقيت اختلافا بين الدول الأعضاء حول قضايا تراوحت من الحرب ضد الاحتلال وحتى الأعمال التي تقوم بها القوات المسلحة النظامية».

وقد صرح دبلوماسي عربي لمحطة آي بي إس قائلا: «إن التفكير الحالي هو أنه لن يكون هناك على الإطلاق تعريف متفق عليه للإرهاب، مادامت القضية الفلسطينية معلقة».

وقد جاءت المواقف المتصلبة حول تعريف الإرهابيين وإرهاب الدولة والمقاومة غالباً من الدول العربية.

وقال عنان إنه ينوي أن يقوم بالتشاور مع رئيس اللجنة وممثلين آخرين للدول الأعضاء «لرؤية ما إذا كانت هناك طرق يمكنه بها مساندة جهودهم من أجل التوصل إلى اتفاق حول الميثاق وإنهائه» خلال الدورة الستين الحالية للجمعية العامة، والتي تنتهي في أيلول من العام المقبل.

وقد تعهد قادة العالم بإنهاء هذه الاتفاقية خلال هذا العام أو على الأقل مع أواسط 2006، وقد جاء هذا التعهد في لقاء القمة لقادة العالم في نيويورك في أيلول الماضي.

وتقول اللجنة إن هذا يمنع الأمم المتحدة من بذل سلطتها الأخلاقية ومن إرسال رسالة واضحة بأن الإرهاب لن يكون وسيلة مقبولة، حتى لو لصالح أكثر القضايا التي يكون من المبرر الدفاع عنها».

كما أوضح التقرير أيضا أن البحث عن تعريف متفق عليه يتعثر في قضيتين.

أولاهما هي الحجة القائلة بأن أي تعريف ينبغي أن يشمل استخدام الدولة للقوات المسلحة ضد المدنيين، وكانت بعض الدول مثل سورية ولبنان قد أثارت هذه القضية المحددة ضد إرهاب الدولة الذي تمارسه إسرائيل.

وفي أعقاب الغزو الأمريكي للعراق صار مفهوم إرهاب الدولة مستخدماً الآن أيضا في وصف احتلال الجيش الأمريكي لهذا البلد.

ولكن هذه اللجنة العليا لديها في تقريرها تناول مختلف حول إرهاب الدولة حيث تقول في التقرير: «إننا نعتقد أن الإطار القانوني والقياسي ضد انتهاكات الدولة أقوى بكثير من حالة أطراف غير ممثلين للدولة، ونحن لا نجد هذا اعتراضاً مهماً».

وبحسب اللجنة فإن الاعتراض الثاني هو أن الشعوب في ظل الاحتلال الأجنبي لها الحق في المقاومة، وينبغي ألا يتجاهل تعريف الإرهاب هذا الحق.

حيث قالت اللجنة: «إن البعض يناقش مسألة الحق في المقاومة، ولكن هذه ليست القضية المركزية؛ فالقضية المركزية هي أنه لا يوجد شيء في حقيقة الاحتلال يبرر استهداف المدنيين وقتلهم».

وقد اتخذت سورية موقفاً قالت فيه إنها ضد كل أشكال الإرهاب، سواء ارتُكب من جانب الأفراد أو الجماعات أو الدول.

كما أكد السوريون أيضا أنهم سوف يستمرون في الإصرار على الحاجة إلى تعريف قانوني للإرهاب، يتميز عن الأعمال المشروعة للتصدي للاحتلال الأجنبي. كما ساندت سورية، بالإضافة إلى هذا، الدعوات لعقد مؤتمر عالمي لتوضيح وتحليل تعريف مقبول للإرهاب.

(وعوضاً عن ذلك وفي محاولة مكشوفة للتنصل من ذاك الاستحقاق) دعا عنان كل الدول الأعضاء التي لم تشارك حتى الآن أن تصبح أعضاء، وأن تقوم بتنفيذ الاتفاقيات الـ13 الموجودة حول الأنواع المختلفة للإرهاب.

كما عبر أيضا عن أمله في أن تقوم الجمعية العامة بالإسراع في عملها حول تبني وتنفيذ إستراتيجية من أجل تعزيز إيجاد استجابات شاملة ومتناسقة ومتسقة لمقاومة الإرهاب (!!؟)

وأكد عنان أنه مستعد لتوسيع وتنقيح هذه العناصر إذا طلبت منه الجمعية العامة ذلك.

كما قال المتحدث باسم الأمم المتحدة (في محاولة لذر الرماد في العيون وخلط الأوراق إن عنان واثق في الوقت نفسه من أن مجلس الأمن مستعد لاتخاذ أية إجراءات إضافية تكون ضرورية للتعامل مع تهديدات الإرهاب الدولي، والتي تستمر بالتسبب في الموت والمعاناة لأشخاص أبرياء في أجزاء عديدة ومختلفة من العالم.

■ ثالف دين

 

بتصرف عن موقع إيكاوس