من سيرث عرش «العاهل» الأمريكي؟
في الوقت الذي أظهرت فيه أحدث استطلاعات الرأي العام الأمريكية أن ثلاثة من كل خمسة أمريكيين يتمنون رئيساً جديداً يختلف كلياً عن بوش في انتخابات 2008 قال الكاتب الأمريكي جون هيوز في تقديراته: لمن سيتنافس على مقعد الرئاسة الأمريكية إن الرئيس جورج بوش يعيش هذه الأيام صراعاً داخلياً مريراً يدور حول سياساته المختلفة. كما يبدو أن إدارته فقدت بوصلتها وجرفها التيار بعيداً إلى مرحلة من الركود والعجز ميزت أداءها، خصوصا خلال فترة ولايتها الثانية. ومع ذلك تعتبر السنوات الثلاث المتبقية من عمر الإدارة الحالية التي تسبق الانتخابات الرئاسية المقبلة - عام 2008- فترة مديدة في حساب السياسة قد تسفر عن تطورات مهمة تغير من المشهد السياسي الأمريكي قبل الانتخابات وتحدد خيارات الناخبين لمن سيخلف بوش.
ويتابع الكاتب الذي تطرق للتحديات التي تواجه بوش في العراق وفنزويلا وكوبا أنه إذا كان من السابق لأوانه الخروج بتقييم نهائي لحصيلة بوش وهو في سدة الرئاسة، فإن ذلك لا يمنع المرشحين المحتملين لخلافته من الحزبين الجمهوري والديمقراطي على حد سواء من إطلاق العنان لأحلامهم التي ستحلق بهم إلى داخل البيت الأبيض. ويضيف أنه على صعيد الحزب الديمقراطي يبدو أن السيناتور جون كيري مازال يفكر مرة أخرى في ترشيح نفسه لخوض الانتخابات الرئاسية، رغم ما يثار حول انتهازيته وتردده في حسم قراراته التي تلاحقه بعناد شديد. وهناك المرشح لمنصب نائب الرئيس السيناتور جون إدواردز الذي لا يخفي رغبته في منافسة كيري بصرف النظر عما سيقرره هذا الأخير. أما السيناتور جو بيدين ذو الثقافة الواسعة في مجال الشؤون الخارجية، فهو يعتبر مناسباً لمنصب وزير الخارجية في إدارة «ديمقراطية» أكثر من منصب رئيس الولايات المتحدة. أضف إليه حاكم نيو مكسيكو بيل ريتشاردسون الذي يتمتع بشعبية واسعة في أوساط الأمريكيين من أصول لاتينية، إلا أنه إلى حد الساعة لم يعلن عن ترشيحه للانتخابات الرئاسية. ثم تأتي بعد ذلك هيلاري كلينتون التي عملت طيلة الفترة السابقة على تكريس صورتها كـ«ديمقراطية» تتبنى مواقف «الوسط» في محاولة منها للابتعاد عن مظهر السياسة الليبرالية. وتحقيقا لذلك الغرض ساندت مواقف الإدارة الأمريكية في شن الحرب على العراق، ورفض الانسحاب الفوري للقوات الأمريكية من هناك. وبالرغم من حظوظها القوية لنيل تزكية الحزب الديمقراطي لخوض الانتخابات الرئاسية، فإن العديد من المراقبين يستبعدون دخولها البيت الأبيض كأول امرأة تحتل منصب رئيس الولايات المتحدة.
على الجانب «الجمهوري» يبرز السيناتور جون ماكين الذي كان طيلة الفترة السابقة أحد أشد السياسيين تأييداً لسياسات بوش في العراق المتعلقة برفض الانسحاب المبكر والبقاء إلى غاية «استكمال القوات الأمريكية لمهمتها»، بل إنه طالب في فترة من الفترات بإرسال المزيد من الجنود الأمريكيين إلى ساحة الحرب. غير أن شعبية ماكين محدودة في صفوف الحزب الجمهوري ما يصعب حصوله على تزكية حزبه.
وفي نيويورك يظهر عمدتها السابق رودي جولياني الذي جنّد رجال الشرطة وعناصر الدفاع المدني إبان أحداث أيلول ليعزز رصيده لدى الأمريكيين، غير أن ذلك كان قبل أربع سنوات، ومازالت أمامه ثلاث سنوات أخرى قبل موعد الانتخابات الرئاسية ما يطرح تساؤلات حول مدى قدرته على الحفاظ على تألقه إلى غاية 2008. ويتحدث بعض المراقبين عن مرشح آخر يتمثل في وزيرة الخارجية الحالية كوندوليزا رايس التي لم تشغل أي منصب مُنتخب من قبل، ولم يسبق لها أن خاضت غمار السياسة الحزبية، كما أنها لا تملك قاعدة انتخابية، ولا حساباً مصرفياً يقدر بملايين الدولارات التي تتطلبها مصاريف الإنفاق على الحملات الانتخابية باهظة التكاليف. ولكنها يمكن أن تستند إلى نوع من «الكاريزما» تجتذب أصوات الملايين من الناخبين النساء والأمريكيين من أصول أفريقية؟ غير أن الإجابة على هذا السؤال مرتبطة بما ستؤول إليه سياسات بوش في العراق التي دافعت عنها رايس بحماسة كبيرة، إلى جانب مستقبل «السلام» بين «إسرائيل» والسلطة الفلسطينية اللتين سعت رايس للتوسط بينهما..!!؟
وبغض النظر عن هذه التوقعات فإن تجربة الأمريكيين كشعب والعالم كذلك تؤكد أن الحزبين الجمهوري والديمقراطي في الولايات المتحدة هما وجهان لعملة واحدة تتناوب المنصب المحصور بينهما أصلاً ومن هنا فإن هوية الرئيس وانتماءه الحزبي لا يهمان شريطة أن يكون موسعاً وحامياً ومعبراً عن مصالح الاحتكارات التي أوصلته إلى سدة الحكم مع بعض الاختلافات في مصالح أي شريحة احتكارية أمريكية يمثلها.