هل تنجح واشنطن في استصدار قرار دولي ضد طهران؟

وسط تواصل لعبة شد الحبل النووي بين طهران وواشنطن وحلفائها ارتفعت أسعار النفط العالمية بما فيها داخل الولايات المتحدة إثر تلميح إيران باستخدام سلاح النفط في حال تعرضها لعدوان أمريكي، وذلك على الرغم من مسحات التودد الترغيبي الغربي تجاه إيران من خلال ما سمي بمجموعة الحوافز التشجيعية الغربية البديلة التي قدمها الممثل الأعلى للسياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي خافيير سولانا خلال زيارته الخاطفة مؤخراً إلى طهران التي جددت في المقابل تمسكها بحقها في تخصيب اليورانيوم.

وبينما اتفقت الدول الخمس دائمة العضوية بمجلس الأمن الدولي (الولايات المتحدة ضمناً) وألمانيا على عرض مقترحات جديدة على إيران قيل إنها تتضمن عرض تكنولوجيا المفاعلات النووية وإعطاء ضمانات أمنية ورفع العقوبات الأمريكية عنها، من باب مطالبتها بتعليق أنشطة التخصيب لإفساح المجال أمام إجراء مفاوضات جديدة حول ملفها النووي، قللت وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس من شأن التهديدات التي أطلقتها طهران بشأن تعطيل إمدادات النفط عبر الخليج إذا اتخذت الولايات المتحدة "خطوة خاطئة" تجاه إيران. وعزت رايس استخفافها هذا إلى أن طهران تعتمد كثيراً على مداخيلها النفطية، علماً بأنه سبق للرئيس الإيراني أحمدي نجاد أن أشار إلى أن النفط لا يشكل أكثر من 12% من إجمالي موارد الدولة الإيرانية.

وكان المرشد الأعلى للثورة الإيرانية علي خامنئي حذر من أزمة طاقة عالمية تلحق الضرر بمصالح الغرب وحلفائه في المنطقة في حال قامت واشنطن بالاعتداء على إيران، التي تعد رابع أكبر مصدر للنفط في العالم، وتطل على مضيق هرمز في الخليج الذي يمر عبره خمسي صادرات العالم النفطية.

بوش يقول إن إدارته ستلعب دورا رئيسيا في حل الأزمة النووية الإيرانية.. ولكنه يضيف أنه يجب تشكيل جبهة دولية موحدة في مواجهة إيران، ورايس تتحول عن السياسة الأمريكية القائمة تجاه إيران منذ أزمة الرهائن الأمريكيين قبل 26 عاماً وتعرض حواراً مباشراً على طهران شريطة قيامها بتعليق عمليات التخصيب ولكنها تستدرك أن الخيار العسكري ما زال مطروحاً، وبين بوش ووزير خارجيته يقول جون نيغروبونتي مدير المخابرات الأمريكية إن إيران قد تملك قنبلة نووية بحلول عام  2010ويصفها بالدولة الرئيسية  الراعية للإرهاب في العالم... فما الذي يكمن خلف هذه الأكمة من الرسائل والإشارات المتناقضة؟

يبدو جلياً أن واشنطن المتورطة حالياً في سلسلة جديدة من فضائح احتلالها العراق وسط تصاعد حجم الخسائر في صفوفها هناك إلى جانب تفجر الجبهة الأفغانية في وجهها مجدداً غير قادرة في اللحظة الراهنة على اتخاذ إجراء عسكري مباشر ضد إيران ولذلك قالت إنها ستنضم للحكومات الأوربية في محادثات نووية مباشرة مع طهران إذا أوقفت برنامجها النووي فيما ذكر مسؤول أمريكي كبير انه حاز على موافقة روسيا والصين لفرض عقوبات على طهران اذا فشل عرض إجراء المحادثات. وقال هذا المسؤول إن "ما تم الاتفاق عليه هو أنه إذا لم تقبل إيران بعرض إجراء مفاوضات أو إذا قبلت ولم تتفاوض بحسن نية فإننا سنعود إلى مجلس الأمن وسنحصل على قرار".

وهكذا فإن كل ما فعلته واشنطن وسط استمرار تصعيدها المبطن حيناً والسافر أحياناً ضد طهران هو إطلاق سلسلة من الأحداث التي تسعى في محصلتها إلى أن تؤدي إلى قرار من الأمم المتحدة حول فرض عقوبات على إيران مع اقتراب الشهر المقبل.

ويقول بعض المراقبين الغربيين إن التغيير في السياسة الأمريكية بدأ في أواخر نيسان الماضي، بعد عودة رايس من بغداد مقررة إثارة القضية عبر إيصالها إلى مرحلة أزمة بما يعني التقرب من الحل على الطريقة الأمريكية تحت غطاء الشرعية الدولية لتنفيذ العدوان المبيت على إيران دون حساب العواقب والنتائج.. ولم لا طالما أن ذلك كفيل حسب النظرة المأزومة لدى الإدارة لأمريكية باستمرار آلية تصدير أزماتها عبر توسيع رقعة الحروب الكفيلة بدورها بتشغيل المجمع الصناعي العسكري الأمريكي من جهة وتنفيذ مرحلة أخرى من مخطط إعادة رسم خارطة المنطقة من جهة أخرى، ولكن مرة ثانية دون حساب منعكسات تورطها في مستنقع آخر..