دردشات «فضيحة بجلاجل»

أذاعت الأخبار ـ قبل أيام ـ أن شرطة البصرة، اعتقلت بالجرم المشهود جنديين بريطايين متنكرين بزي عربي (كوفية وكلابية وباروكة سوداء، يحملان في سيارتهما المدنية أسلحة كثيرة ومتفجرات، يزرعانها في أماكن حساسة من المدينة، وقادتهما إلى السجن.

فضيحة بجلاجل ـ كما يقول المصريون ـ تطال لا قيادة الجيش الإنكليزي في البصرة وحسب، بل قيادة الجيش الأمريكي والمخابرات الإسرائيلية المتواجدة هناك بكثرة أيضاً.

وخشية من أن تنشر وتذاع تحقيقات واعترافات الجنديين عن مهمتهما القذرة على الملأ، أقدمت قيادة الجيش البريطاني في البصرة، على اقتحام السجن واحتلاله وتخريب جزء منه بالدبابات، وانتزعت الجنديين من الأسر.

إن هذه القضية دليل إثبات دامغ لا يرقى إليه الشك، بأن التفجيرات وأعمال العنف والاعتداءات على الحشود والكنائس والجوامع، التي ذهب ضحيتها آلاف من المدنيين الأبرياء، هي من صنع قوات الاحتلال عن سابق تخطيط وتصميم وهي تهدف إلى:

-1 تشويه سمعة المقاومة العراقية الباسلة، التي مرغت عنجهية العسكرية الأمريكية في وحول الرافدين، بإلصاق هذه التفجيرات المجرمة بها، وصبغها بالإرهابية وتسويد صفحتها، لئلا تنال عطف واحترام الرأي العام العربي والعالمي.

-2 الاستمرار في خلق حالة عدم الاستقرار والأمان المنظمة، مع السعي لتسعير نار الفتن الدينية والقومية والطائفية خاصة بين الشيعة والسنة. وما التصاريح التي نسبت إلى الزرقاوي المشبوه بإعلان الحرب على الشيعة في كل العراق، إلا خطوة في هذا الاتجاه إلا أن وعي الحكماء من الطرفين، كان أكبر من محاولة الانجرار إلى فتنة كبرى وحرب أهلية.

-3 تغطية فشل قوات الاحتلال في استتباب الأمن، وخسائرها الفادحة تحت ضربات المقاومة الباسلة، باتهام سورية وإيران بإرسال الفدائيين للعراق.

-4 تبرير الحملات العسكرية الرهيبة على المدن العراقية بالطائرات والدبابات والقصف العشوائي، وإعمال يد الخراب والدمار فيها، وارتكاب المجازر الوحشية الجماعية ضد مواطنيها.

-5 تبرير استمرار بقاء قوات الاحتلال في العراق، وتهربها من تحديد برنامج زمني لجلائها عنه، بذريعة أن العراقيين قاصرون الآن، عن مواجهة موجة الإرهاب التي يتعرضون لها وعن حماية أنفسهم بأنفسهم، إلى أن تتشكل قوات عسكرية وأمنية عراقية، قادرة على الاضطلاع بهذه المهمة.

لذا فشل مجلس الأمن وجمعيته العمومية حتى بدورتها الأخيرة في التوصل إلى تعريف محدد واضح للإرهاب، يفصله عن النضال الوطني المشروع لمقاومة كل احتلال لأن من شأن ذلك أن يدين جرائم إسرائيل وقوات الاحتلال ضد الشعبين الفلسطيني والعراقي.

-6 وأهم الأهداف التي يسعى إليها المحتلون، هو تقسيم العراق إلى فيدراليات عديدة، وما مطالبة قسم من الشعب العراقي بفيدرالية لهم في الجنوب، أسوة بإقليم كردستان في الشمال، إلا حلقة من المخطط الأمريكي لإجراء تغييرات سياسية واقتصادية وجغرافية في بلدان المنطقة، وتحويل العراق إلى دويلات ضعيفة لا حول لها ولا قوة، تمهيداً لمشروع الشرق الأوسط الكبير.

إنه لمن الخطأ الفادح بمكان، وضع أعمال العنف والتفجيرات والاعتداءات ضد المدنيين، مع البطولات التي تجترحها المقاومة البطلة ضد قوات الاحتلال والمتعاونين معها، في سلة واحدة، وتحميلها للمقاومة بل يجب التمييز بين أفعال هذه وتلك، بين الضارة بالشعب العراقي، والنافعة له، بين الخيرة والشريرة، لئلا تقع فريسة الإعلام الأمريكي الصهيوني المضلل، وتساهم في تنفيذ مخططهما الرهيب في المنطقة.

 

■ عبدي يوسف عابد