انتخابات غير شرعية... وكذلك الرئيس!
يقال أن حسني مبارك قد حصل على تأييد حوالي 88% من الشعب المصري وحسبما هو مذاع فإن عدد الأصوات التي حصل عليها مبارك كانت حوالي 6 ملايين صوت (دون البحث في صحة الرقم أو دقته) بحساب بسيط يكون تعداد الشعب المصري حوالي 14 مليون نسمة أي أقل بحوالي 4 مليون نسمة عن تعداده في بداية ثورة 6.000.000 = 88 % 100 % = 14.000.000 تبعا لذلك وحيث أن الآرقام لا تكذب مطلوب التأكد مما يلي:
■ فإما أن ما حصل عليه مبارك من أصوات رقم غير صحيح البتة
■ وإما أن من إحتسب النسبة المئوية لم يأخذ فصل أول "حساب النسبة والتناسب"
■ وإما أن تعداد الشعب المصري الحالي هو 14 مليون نسمة فقط ( وليس 77.5 مليون كما يقول موقع وكالة المخابرات المركزية الأميركية)
وحيث أن الرئيس لا يخطئ وكذلك "الماكينة المباحثية" التي طلعت بالرقم هي الأخرى لا تخطئ.
إذن فهناك ضرورة ملحة بإلغاء وجود حوالي 71 مليون مصري حتى لا "ينكسف" سيادته، وفي الحقيقة فإن الطراز الأكثر حداثة من الديمقراطية الأميركية "يلغي" الكثير من الشعوب وهذا ما حصل مع إعلان نتيجة الانتخابات.
وكما بات واضحاً فان مبارك افتقد المشروعية بكل المقاييس القانونية والدستورية، وهو إذ يستمر في الحكم اليوم فليس الا بالقوة الغاشمة لسلطات الدولة التي احتكرها. و قد وصل جنون الاحتفاظ بالسلطة إلى حد تحطيم ما تبقى من استقلال السلطة القضائية.
فالشيطان شخصيا لو تم تكليفه بإعداد المادة 76 من الدستور ما استطاع أن يفعل أكثر من ذلك، لإفساد عملية انتخابات الرئاسة.
ومن أطرف ما حدث أن اللجنة الرئاسية هذه أصدرت قرارا بسرية الفرز – ومن يستطيع أن يعقب عليها – بينما هي لم تهتم بسرية التصويت!! وسرية الفرز تعنى الفصل التام بين عملية التصويت وعملية إعلان النتيجة، لأن الحلقة الوسيطة (الفرز) سرية و دون رقابة من أحد، حتى من مندوبي المرشحين، وبالتالي أصبح بالإمكان إعلان أي نتيجة والسلام. ولا أريد الحديث عن تجاوزات العملية الانتخابية، ولكن أشير بالتحديد الى إهدار ما تبقى من أركان النظام السياسي، وهو ما تبقى من احترام و استقلال وسيادة القضاء. وهذا سينعكس بصورة مؤلمة على الانتخابات التشريعية القادمة، خاصة مع تثبيت أن محاميِ الحكومة والنيابة الإدارية والعامة قضاة، و هم ليسوا بقضاة.
وبالتالي فان المواجهة ستتواصل بين هذا الحاكم غير الشرعي، وقضاة مصر الذين سيصدرون قريبا تقريرهم عن العملية الانتخابية الرئاسية وسيجتمعون فى الشهر القادم لخوض معركة إقرار قانون استقلال القضاء.
وهكذا جاء الحاكم لفترته الخامسة على جثة ما تبقى من مؤسسات الدولة، جاء عاريا من الشرعية، وهدفا سهل المنال للحركة الشعبية المتنامية.
وكل ما سمي إصلاحاً سياسيا لم يكن إلا مجرد تلاعب ومناورات بل عودة إلى الوراء، مع ظهور أساليب قمعية لم تعرف من قبل، وعلى رأسها استخدام البلطجية في الاعتداءات، والاعتداء على النساء، في الطريق العام. إن كل ما نشاهده من حيوية سياسية ليست إلا مكاسب انتزعت من الفك المفترس.
وهكذا فإن عجلة التغيير قد دارت ولن يتمكن أحد من إيقافها عن الدوران، فالحركة الشعبية أكثر قوة وجسارة، والنظام أكثر ضعفا وتآكلا وهزالا.
في ميدان العتبة خلال المظاهرات كان حكم مبارك عاريا، حيث تم استخدام أرباب السوابق والبلطجية حفاة وبملابسهم الداخلية يهاجمون المتظاهرين ضد مبارك، و يضربونهم، ويهتفون بأبذأ الألفاظ..
في مظاهرة تنخرط شرائح جديدة المئات والآلاف ليسوا من محترفي السياسة، أصبحوا نشطاء ويلبون النداء، دفاعا عن شرفهم و كرامتهم، وهذه بداية التحرر الحقيقي، بداية الارتباط بشرائح متزايدة ممن عرف بالأغلبية الصامتة. نعم هناك شرائح جديدة من الشعب بدأت تتحول من السكون إلى النشاط ثم إلى النشاط المنتظم.
لقد دفع مبارك ثمنا غاليا لتنفيذ قرار التمديد، يواصل الحكم بصورة غير مشروعة، وهو مرفوض بالإجماع من النخبة السياسية والمثقفة، يواصل الحكم على جثة استقلال القضاء، و على بيع ما تبقى من أراضي ومصانع وبنوك مصر، ما تبقى من استقلال مصر وسيادتها، إن كان هناك شيء بقي من هذا الاستقلال وتلكم السيادة؟!
إن الحركة الشعبية المتصاعدة منذ قد عبرت المرحلة الأصعب. فنمو الحركة الشعبية سيتصاعد، بعد أن كسرت هيبة الصنم وحطمتها.
المشكلة الرئيسية تكمن في بعض قوى المعارضة الرئيسية التي لم تحزم أمرها على الدخول في مناجزة شاملة مع حكم مبارك وهذا ما يؤخر تنظيم ورص الصفوف المعارضة الحقيقية. إلاّ أن المعركة الرئيسية قادمة في مجلس الشعب وسيكون الميدان الرئيسي لهذه المناجزة بحشد الشعب ضد مرشحي الحزب الفاسد، لخوض معركة قتالية حقيقية.