واشنطن ستبقي على ترسانتها الضخمة من الأسلحة النووية
حذر خبراء عدم انتشار الأسلحة الذرية أن الولايات المتحدة غالباً ما ستبقي على ترسانتها الضخمة من الأسلحة النووية لسنوات عديدة مقبلة، على الرغم من أن الرئيس باراك أوباما قد أكد مراراً وتكراراً التزامه بنزع السلاح النووي وضمان السلام العالمي.
وحذر هانز كريستنسن، مدير مشروع المعلومات النووية باتحاد العلماء الأميركيين في تقرير مشترك مع زميله الباحث روبرت توريس، أن الرئيس أوباما قد يفشل في تنفيذ برنامجه بشأن نزع السلاح النووي جراء عدم تعاون المسؤولين العسكريين والمدنيين في واشنطن.
وأضاف الخبير في معرض تقرير إتحاد العلماء الأمريكيين- وهو مركز البحوث في واشنطن المعني برصد سياسة الولايات المتحدة السياسة النووية- «هناك قلق حول ما إذا كان يمكن تحقيق أهداف أوباما في ظل البيروقراطيات الدائمة، ذات المصلحة في استمرار الوضع القائم».
وشدد كل من كريستنسن ونوريس على الحاجة إلى إجراء «قطيعة جذرية» بغية وضع الولايات المتحدة على مسار جديد قادر على تحقيق تخفيضات كبيرة في الأسلحة الذرية وإمكانية القضاء عليها، ولهذا سيكون على واشنطن التخلي عن مفهوم «القوة المضادة» والمنظور المهيمن الذي يركز على القضاء على أسلحة العدو وبينته التحتية وقدراته على الحرب.
والمعروف أن الولايات المتحدة وروسيا تملكان الغالبية العظميى للأسلحة النووية في العالم بنسبة 93 في المئة من الإجمالي، وفقا لمعهد إستوكهولم الدولي لبحوث السلام الذي يرصد إنتاج الأسلحة وصادراتها على الصعيد العالمي.
كما تملك الصين 400 رأس نووي، وفرنسا 348، وكل من إسرائيل وبريطانيا 200 رأس ذري. ويعتقد أن الهند تحوز أكثر من 80 رأساً نووية وباكستان نحو 40. أما أحدث عضو في «النادي النووي» وهو كوريا الشمالية، فليس لديها أكثر من 10 أسلحة نووية «صغيرة» وفقاً لتقديرات المعهد.
هذا ويعتبر العديد من الخبراء أن الولايات المتحدة هي أكثر أعضاء «النادي النووي» انعداماً للمسؤولية، ليس لفشلها في الوفاء بالتزاماتها بموجب معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية فحسب، ولكن أيضاً لأنها بذلت قصارى جهدها لإفشال الحوار الدولي بشأن نزع السلاح النووي في الماضي.
فعلى سبيل المثال، غضت إدارة رونالد ريغان (1981-1989) النظر عن تطوير باكستان برنامجها النووي غير المشروع في الثمانينيات. وبالمثل، قررت إدارة جورج دبليو بوش (2001- 2009) إبرام اتفاقية تجارة نووية مع الهند، لا تزال خارج حظيرة معاهدة عدم الانتشار النووي.
أما إدارة أوباما فقد وقعت مع روسيا على معاهدة جديدة لخفض الأسلحة الإستراتيجية، لكن هذه المعاهدة تسمح للولايات المتحدة بالحفاظ على ما لا يقل عن 3500 سلاح نووي حتى بعد عام 2020.
وأفاد باحثا إتحاد العلماء الأمريكيين أن مختلف الوزارات والإدارات والبيروقراطيات في واشنطن تنظر حالياً في الخطوط العريضة لسلسلة من السياسات التي ستترجم على شكل خطط مفصلة للغاية «ومدبرة بعناية لتدريب المقاتلين على متى وكيف مهاجمة أهداف بعينها» وهو ما يعتبر«خطة حرب مفصلة تماماً»، وفقا لكريستنسن ونوريس.
وتتضمن أجندة أوباما بشأن نزع السلاح النووي خمسة أهداف رئيسية تشمل منع الانتشار النووي والإرهاب، الحد من دور الأسلحة النووية، الإبقاء على قوة الردع الاستراتيجي، تعزيز التحالفات الإقليمية، والمحافظة على ترسانة نووية آمنة وفعالة.
وقال كريستنسن إنه يتوجب على أوباما إصدار «توجيه سياسي رئاسي» يركز على مفهوم جديد للردع النووي قائم على تدمير البنية التحتية الأساسية للعدو.
وأضاف أن «توجيهات الرئيس عامة جداً مع بعض المبادئ الأساسية»، وأن «الأمر متروك للعسكريين لتفسيرها، كما هناك (عدة) جهات فاعلة أخرى (تشكلت) عقليتها أيام الحرب الباردة، ومن الصعب جدا تغيير هذه العقلية».
وعلق ديفيد كريغر، ناشط السلام المعروف منذ فترة طويلة والمدير التنفيذي لمؤسسة «عصر سلام نووي»، قائلاً إن «وضع حد أدنى للردع سيكون خطوة كبيرة إلى الأمام إذا كان يعني خفض عدد الأسلحة النووية في ترسانتنا لمجرد 20 أو 30 سلاحاً».
وعن نظرية الحفاظ على الحد الأدنى من الردع، قال إنه يعتقد أن الابتعاد عن معادلة الاستهداف قد يكون مفيداً، لكنه ليس كافياً، لأن ذلك قد يقلل بعض الشيء من حجم كارثة استخدام الأسلحة النووية، لكنه لا يزال يحافظ على الاعتماد على مذهب الردع النووي.
ثم أكد أن «التزام الرئيس أوباما بتحديث (السلاح النووي الأمريكي) هو مواصلة لسباق التسلح النووي، ولو على مستوى أدنى، كما أن التزامه بإزالة الأسلحة النووية يبدو أمراً في المستقبل البعيد، وليس أثناء حياتي بالتأكيد».
•)آي بي إس(