ديفيد غولدمان ديفيد غولدمان

اليابان: لا نريد استبعاد الولايات المتحدة، لكن...

الرسالة الإخبارية التالية تشير إلى ورطة اليابان. اليابان لا تريد «استبعاد الولايات المتحدة أو الدولار من المجموعة الآسيوية أو الترتيب النقدي الجديد، لكنّ الخطر يكمن في أنّ إخفاق السياسة الأمريكية على الجبهات كافةً سيكره بقية العالم على العمل لنفسه. لهذا، كما كتبت في وقتٍ سابقٍ، يواصل سعر الذهب ارتفاعه».

 

رويترز- طوكيو- أعلن رئيس الوزراء الياباني يوكيو هاتوياما أنّ رؤيته للجماعة الآسيوية لا تعني رغبته في بخس الدولار أو استبعاد نفوذ الولايات المتحدة في المنطقة.

قد تفعل ملاحظة هاتوياما القليل حيال مخاوف السوق من الحكومة اليابانية الجديدة، وموقفها من الدولار بعد ملاحظاتٍ أطلقها وزير المالية المعيّن حديثاً هيروهيسا فوجي وتسببت في وثوب الين لأعلى قيمةٍ خلال سبعة أشهر تجاه العملة الخضراء (الدولار).
«أعتقد أنّها (المجموعة) تمثل ميلاً جديراٌ بالاعتبار في آسيا، في شرق آسيا خصوصاً، في المدى المتوسط إلى المدى البعيد»، هذا ما قاله هاتوياما للمراسلين بعد أن سيطر حزبه الديمقراطي على الحكومة.
«لا يستهدف ذلك استبعاد الدولار أو الولايات المتحدة، بالأحرى أنا أتخيل جماعةً آسيوية- باسيفيكية وراء ذلك».

هبط الدولار إلى 90.12 ين، أخفض قيمة منذ شباط، بعد أن صرّح فوجي أنّه لا يعتقد أنّ الزيادة الراهنة للين مقابل الدولار كانت سريعةً وأنّ ينّاً قوياً سيكون في مصلحة اليابان... لاحقاً عادل الدولار 90.35 ين.
أحد مشرّعي الحزب الديمقراطي الآخرين أبدى ملاحظةً أيضاً، مقترحاً أنّهم سيدعون الين يتعزز لمصلحة الأسر وأنّ اليابان ستنتج مزيداً من العائدات من احتياطاتها النقدية البالغة ألف مليار دولار، الكتلة التي يعتقد أنها محفوظةٌ بالدولار.
الاهتمام خاصةً يتعلق بإفادة الأسر من خلال السماح بتعزيز الين.

وكما جادلتُ في الماضي، يعتمد المسنون اعتماداً متزايداً على مدخراتٍ مستثمرة في دخلٍ ثابت. يمثّل التضخّم عموماً انتقالاً للثروة بين الأجيال لأنّه يفيد المدينين (وعادةً ما يكونون صغار السن) على حساب الدائنين (وغالباً ما يكونون مسنين).
للمجتمع المعمّر دائرة انتخابية تميل بقوةٍ للانكماش. ففي الماضي، اعترضت صناعات التصدير اليابانية (وعمالها) بحزمٍ على ارتفاع الين، الذي يحدد بالطبع أسعار بعض صادرات اليابان خارج السوق.
حين تصبح اليابان أمةً من المتقاعدين وأصحاب الدخول، قد تسود الدائرة الانتخابية لأصحاب القسائم الذين يحبّذون الانكماش.
على نحوٍ واسع، فالعالم في أعقاب أول هجمات أوباما على العالم الكبير يستدعي إلى الذاكرة فعل نادي روبن وليامز في السبعينات. يذيع انطباعٌ عن الرئيس جيمي كارتر مخاطباً الأمة عشية حربٍ عالميةٍ ثالثة، ويقول: «هذا كل شيء، طابت ليلتكم».
لا يعلم أحدٌ بما يدور في ذهن أوباما.

هل يندفع إلى أفغانستان أم ينطلق خارجاً منها؟
هل يتزلّف إلى الإيرانيين أم يقصفهم؟
هل يسترضي الباكستانيين أم يقولبهم؟
هل يستهلّ حرباً تجاريةً مع الصين أم يجعل منها حليفاً اقتصادياً؟
وما الذي ستؤول إليه سياسته الاقتصادية الجديدة؟

على ذكر السياسة الاقتصادية، فمن الواضح أنّ من يدير الأمور في واشنطن... لاري سامرز، الذي يتأبط غروره ويكسب لنفسه إقامةً طويلةً في وجار الكلب بإصغائه إلى الرئيس في جلسات آخر الليل.
انطباع تيموكي غيثنر عن لوريل يتواصل ولا يقنع أحداً... لكل النوايا والأهداف، يدير بن برنانكي السياسة الاقتصادية الأمريكية لكنّ هيئته أكثر انقساماً من انقسام هيئة الاحتياطي الفدرالي منذ الثمانينات. فالسياسة الاقتصادية الأمريكية خارج أي حساب.
لا يريد أحدٌ أن تختفي الولايات المتحدة من المشهد: لا يريد أحدٌ أن يتحمّل عبء كونه شرطيّ العالم إضافةً إلى دور الوسيط في تقديم عملة الاحتياط العالمية وإرسال حاملات الطائرات لإيقاف الأشرار عند حدهم.
جلس سياسيٌ أسترالي ذو باعٍ طويلٍ في السياسة الخارجية قربي في حفل عشاء ملبورن مؤخراً، واشتكى بمرارةٍ من اضطرار أستراليا لإنفاق مبالغ طائلة على شؤون الدفاع لتعويض غياب الولايات المتحدة.
لا أحد يريد مشاهدة الولايات المتحدة وهي تذهب، لكنّ الجميع مشغولون بتهيئة ترتيباتٍ بديلة.