نحو ممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني..
«الشعوب زهقت من العنف».. بهذه العبارة ومن واشنطن أمام «مضيفه» باراك أوباما، أدلى حسني مبارك بدلوه في محاولات «سلق» القضية، والسعي، حسب دعوته للمحتلين الإسرائيليين، لحلها «نهائياً.. وبعيداً عن الحلول المؤقتة»، معرباً «باسم العرب» عن «استعدادهم للسلام في حال تقدم المسار الفلسطيني- الإسرائيلي»..!
و«للمصادفة» استبق قادة الاحتلال على زيارة مبارك ودعوته «للحلول النهائية» التي يفترض أن تكون شاملة، باستبعادهم احتمالات «استئناف الوساطة التركية على المسار السوري-الإسرائيلي»، مثلما «تكرموا» و«بالمصادفة أيضاً» على مبارك وأوباما و«الأمة العربية والإسلامية وسائر الشعوب المناضلة» بطرح «تجميد الإعلان عن مناقصات جديدة لبناء وحدات استيطانية جديدة حتى مطلع العام المقبل»، ولكن مع «الاكتفاء بالتوسع الشاقولي في المستوطنات القائمة»! وكل ذلك في «لعبة تمرير كرات» مع أوباما ومبارك من أجل الترويج لمبادرات وخطط «سلام أوباماوية» جديدة تتجاوز في سوئها «مبادرة السلام العربية»!
وحسب هذه «المبادرة/ المنطق» اكتشف صاحبها أوباما أن «هناك تقدماً مشجعاً في الجهود الأمريكية الرامية إلى استئناف محادثات السلام في الشرق الأوسط»، مشيداً بالإجراءات الإسرائيلية الأخيرة المتعلقة «بإزالة حواجز» في الضفة الغربية، داعياً الفلسطينيين والعرب «إلى مد اليد لها» بعد حديثه «عن بوادر على تراجع حدة المعارضة الإسرائيلية لتجميد المستوطنات في ضوء حديث إسرائيل عن تجميد المناقصات» المذكور أعلاه.
خطة السلام الأمريكية الشاملة التي أعرب أوباما عن أمله في تقديمها خلال دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة الشهر المقبل، والتي نفى علمه بوجودها المتحدث باسم بيته الأبيض روبرت غيبس، تقوم إذاً على تجميد الاستيطان وإزالة بعض الحواجز، ليس فقط مقابل كل الحقوق العربية والفلسطينية، وإنما تريد واشنطن من القاهرة أن «تلعب دورها» إقناع الدول العربية لإطلاق «مبادرات حسن نية» (كالسماح بعبور طائرات إسرائيل المدنية في مجالها الجوي، وفتح ممثليات تجارية إسرائيلية في العواصم العربية والإسلامية).. (يا سلام، وخلصت، خلصنا لأن الشعوب تعبت من العنف)، والعنف هنا يساوي بين صواريخ «القسام» الفلسطينية التي «تصيب المستوطنين بالذعر» وقذائف الفوسفور الأبيض الإسرائيلية التي تقضي على مئات الفلسطينيين في كل دفعة منها..!!
ولأن مبارك يقبل ويروج لهذه «المساواة»، فقد «تفضل» عليه أوباما بمناقشة موضوعات كثيرة معه حسب تعبير الرئيس المصري ذاته: «ناقشنا موضوعات كثيرة في مقدمتها قضية الشرق الأوسط، إضافة إلى العلاقات الثنائية والوضع في إيران والعراق والصومال والقرن الأفريقي».. ولكن يبدو أن الرئيس الأمريكي استغنى عن خدمات مبارك في المسائل التي تتجاوز حدود مصر الإقليمية نحو ساحات «العمل الأمريكية» الدولية الأخرى، مثل أفغانستان وباكستان والقوقاز وشبه الجزيرة الكورية.
وبغض النظر عن «هذا التحجيم»، فقد جاءت زيارة مبارك للبيت الأبيض، و«للمصادفة أيضاً وأيضاً»، بعد مؤتمر «فتح» الذي حولها إلى «حزب سلطة»، أو بالأحرى إلى حزب «مخترة» في رام الله لتستقوي بكل الوسائل والقنوات في المقابل على «مخترة سلطوية» أخرى تقوم في غزة، ليتبادل الطرفان الاتهامات بجدوى التفاوض، وبالمسؤولية عن انتشار وتمويل التنظيمات المتشددة، المندرجة ضمن «القوة الذكية الأوباماوية» التي تأخذ الكيانات من الداخل أيضاً، ويحصران نشاطاتهما «الدبلوماسية-الأمنية» في صفقات تبادل «المعتقلين» في سجون كل منهما، في وقت يقبع فيه أكثر من 11 ألف أسير فلسطيني وعربي في سجون الاحتلال!!
وعلى اعتبار أن «فتح» هي أكبر تنظيمات منظمة التحرير الفلسطينية، وهي المسؤولة عن تلقي أموال المنظمة وتوزيعها، وليس فقط أموال السلطة»، فسوف تطبع بشكل مباشر أو غير مباشر بقية التنظيمات بسياستها المعبر عنها في خطاب محمود عباس في المؤتمر، وإلا أغلقت صنبور التمويل الوارد منها إلى هذه التنظيمات، وهو ما يهدد من باب الاحتمال على الأقل، ثبات موقف الفصائل من جملة القضايا الفلسطينية، الداخلية منها أو المتعلقة بالصراع العربي الصهيوني.
وبناءً عليه، لا يبقى في نهاية المطاف سوى استنتاج وحيد:
..حسناً فليبق المخاتير في مختراتهم، ولكن يبدو أن أمام الشعب العربي الفلسطيني الآن مهمة رئيسية كبرى تتمثل في ضرورة أن يعيد إنتاج «منظمة تحريره» بعيداً عن البنى القائمة لتكون بحق «ممثلته الشرعية والوحيدة» التي تعيد الاعتبار أولاً لكل الحقوق المشروعة للفلسطينيين، بما فيها حق المقاومة والكفاح المسلح، بوصفه رداً نوعياً وحيداً على جرائم الاحتلال من جهة، والتشرذم الداخلي من جهة ثانية، وقبل هذا وذاك، على مؤامرات المتخاذلين وتسوياتهم وتسولهم.
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.