تأميمات في فنزويلا رفضاً للابتزاز وانتقاص السيادة
صادرت الحكومة الفنزويلية مؤخراً حقولاً نفطية كانت تتولى إدارتها شركتان نفطيتان أوروبيتان كبيرتان هما "توتال" الفرنسية و"إي إن آي" الإيطالية، وذلك بعد أن تجاهلت الشركتان مطلباً حكومياً يقضي بتحويل عقودهما إلى شركات تساهم فيها الدولة بحلول الأول من نيسان الجاري.
وفي تعليقه على ذلك، قال وزير النفط رفاييل راميريز: "هذا البلد لا يسمح لأحد بأن يقوم بابتزازه. لقد رفضت هاتان الشركتان التأقلم مع قوانيننا، ولكن سيادتنا ليست موضوع تفاوض".
وقد وافقت ست عشرة شركة –من بينها شركتا شيفرون وشيل- على الشروط الجديدة التي تحصل بمقتضاها الشركة النفطية المملوكة من الدولة "بي دي في إيس إي" على حصة 60 في المئة على الأقل من أسهم الشركة، وهو نجاح يرى المحللون أن من شأنه تشجيع فنزويلا على المطالبة بحصة الأغلبية في المشروعات الأهم في منطقة "أورينوكو"، التي تزخر بالنفط الثقيل.
وعلى الرغم من أن طابع الكثافة واللزوجة الذي يتميز به النفط الثقيل يجعل عمليات الحفر والتصفية أكثر تكلفة مقارنة مع النفط العادي، إلا أن ارتفاع أسعار النفط في الأسواق العالمية جذب كبريات الشركات العالمية إلى فنزويلا الغنية بالنفط، وهو ما من شأنه رفع احتياطي البلاد وجعلها الأولى عالمياً من حيث أهميته –متقدمة على السعودية.
ويرى المراقبون أن شافيز قد يشكل مصدر إلهام بالنسبة لزعماء يساريين آخرين في المنطقة للقيام بإصلاح وطني في مجال الطاقة، علماً بأنه سبق للرئيس البوليفي إيفو موراليس أن أعلن برنامجاً يقضي بتأميم صناعة الغاز الطبيعي في البلاد، في حين فاز المرشح "أولانتا هومالا" في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية في البيرو ببرنامج وطني يقوم على إعادة التفاوض مع الشركات متعددة الجنسيات بشأن العقود. أما في الإكوادور، فقد وافق الكونغرس في وقت سابق من هذا الشهر على مقترح قانون الهدف منه زيادة حصة الدولة من الأرباح النفطية.
ومنحت وزارة الطاقة الفنزويلية في نيسان من العام الماضي الشركات الخاصة مهلة سنة لإلغاء 32 اتفاقية يتعلق معظمها بحقول هامشية تمثل نحو خمُس ما تنتجه البلاد، هذا مع العلم بأن جميع العقود لن تنتهي صلاحيتها إلا سنة 2012، على أقرب تقدير. وأوضحت الحكومة الفنزويلية أن الاتفاقيات، الموقعة من حكومات سابقة، تمثل تنازلات نفطية تحمل قناع عقود خدمة، وبالتالي فإنها تخرق القانون الفنزويلي الذي يحظُر حصول القطاع الخاص على الأغلبية. وفي ظل الارتفاع الصاروخي لأسعار النفط، قالت الحكومة إنها تتكبد خسائر لأن العقود تنص على أن تدفع شركة "بي دي في إيس إي" المملوكة من الدولة مصاريف التدبير للشركات الخاصة على أساس سعر النفط.
ويرى المحللون أنه من المرجح أن تطالب "بي دي في إيس إي" قريباً بحصة الأغلبية في مشاريع النفط الثقيل الأربعة المربحة والموجودة حاليا قيد التطوير، وهي مشاريع تنتج نحو 550000 برميل يومياً وتديرها شركات نفطية عملاقة مثل "كونوكوفيليبس" و"إيكسونموبيل" و"توتال". وحسب البنك الألماني "دويتش بانك"، تقدر قيمة هذه المشاريع بنحو 20 مليار دولار، أي حوالي ضعف قيمة اتفاقيات خدمة التدبير الاثنتين والثلاثين. ويقول رفاييل كويروس، المدير السابق لـ"بي دي في إيس إي"، إنه على الشركات أن تتعامل مع حق فنزويلا السيادي في التحكم في مخزونها النفطي كما تشاء، مشدداً على أن "المشكلة هي أن تلك الشركات متعددة الجنسيات مثل "إي إن آي" لديها ثقافة وعادة أن تفعل ما تشاء في البلدان المنتجة والمصدرة. ولكنها أخطأت الحساب في حالة فنزويلا".