منتدى دافوس في مصر: أثرياء العالم يلتقون في شرم الشيخ لمناقشة مستقبل المنطقة

ثلاثة أيام كارثية جديدة ستعيشها اقتصادات المنطقة العربية عموماً والاقتصاد المصري خصوصاً في الفترة الممتدة من 20-22 أيار المقبل، حيث سيجتمع "المنتدى الاقتصادي العالمي لإقليم الشرق الأوسط"، الشهير "بمنتدى دافوس"، في منتجعات شرم الشيخ في سيناء، هذه البقعة المصرية التي تعيش تحت الوصاية أو بالأحرى السيادة الصهيونية منذ إبرام اتفاقية كامب ديفيد..

الهدف الأساسي الذي لا يخفيه المجتمعون عرباً كانوا أم أجانب، هو دفع وتسريع عملية دمج اقتصاد المنطقة في الاقتصاد العالمي، وتكمن خطورة "منتدى دافوس" في الحجم الكبير للنفوذ السياسي والمالي للمشاركين فيه، فهو بمثابة اجتماع تنسيقي عام توقع فيه الاتفاقيات وتفرض فيه الشروط وتحبك السياسات الاقتصادية والمالية، حيث يجمع مدراء وأصحاب كبرى الشركات العالمية، الأوربية والأمريكية واليابانية، مع مندوبي الحكومات والشخصيات السياسية والاقتصادية الحليفة للمشروع النيوليبرالي الامبريالي العالمي في الشرق الأوسط والعالم العربي على وجه الخصوص، وذلك لتحديد مسار الاقتصادات المحلية، فيما يخدم بلا أدنى شك مصالح تلك الشركات، ومصالح البرجوازية الطفيلية في كل بلد، بغض النظر عن مصالح الشعوب..

عضوية هذا المنتدى تتكون بالأساس من عدة مئات من المؤسسات والشركات الامبريالية العالمية العملاقة التي يتجاوز دخلها السنوي المليار دولار، وتلعب هذه المداخيل الخيالية التي ترتكز أصلاً إلى رساميل ضخمة دوراً مؤثراً وضاغطاً على السياسات العالمية ليس في الدول الفقيرة وحسب، بل حتى في الدول الغنية والقوية، حيث تستطيع أن تملي على الحكومات شروطها، ورغم أن أعضاء المنتدى يصفون منتداهم بأنه يسعى لرفع السوية المعيشية للفقراء من خلال دمقرطة الاقتصادات وفتح باب المنافسة المشروعة فيها من أجل الوصول إلى أفضل وأرخص السلع، إلا أن الواقع يؤكد عكس ذلك تماماً، إذ لم تحقق النظريات والممارسات النيوليبرالية التي يسوقها هذا المنتدى أية نتائج إيجابية في البلدان التي عملت في هديها، بل إن الجوع والديون والأزمات الاقتصادية والاجتماعية الخانقة كانت دائماً أولى نتائج هذه التطبيقات، ولعل الشروط المفروضة حتى على بعض أعضاء المنتدى والتي أقل ما يقال عنها إنها غير ديمقراطية، وخاصة فيما يتعلق بوضع برامج الاجتماعات السنوية أو الإقليمية، هي خير دليل على جشع وتعسف عمالقة المنتدى، فمن المعروف أنه لا يحق لأي شركة عضو أن تشارك في تحضير الأجندات إلا بعد أن تدفع ما يقرب من 320 ألف دولار سنويا!

إن التئام اجتماع الشركات العملاقة وحكومات الشرق الأوسط هذه السنة في مصر بدعوى بحث مشاكل وأزمات ومستقبل المنطقة الاقتصادي والسياسي، هو دون أدنى شك استخفاف واستهانة بالشعب المصري الذي يعاني الأمرين على أيدي حكومته، كما أنه اعتداء سافر على إرادة شعوب المنطقة الفقراء الذين لم يعطوا الإذن لأحد من هؤلاء الأغنياء القادمين من وراء المحيطات لحل مشاكلهم وتقرير مصائرهم ومستقبلهم الاقتصادي والسياسي، خاصة وأن هذه الشركات هي من يدعم كل قرارات التجويع التي تنتهجها حكوماتهم المحلية المفرطة في الاضطهاد والقمع والغارقة في الفساد.

إن مشروع "الشرق الأوسط الكبير" السياسي والاقتصادي والاجتماعي والفكري والثقافي يحتاج إلى ممهدات وحوامل كثيرة من أجل دمج اقتصاد إسرائيل في اقتصادات المنطقة العربية، وتسويق مفاهيم الاستسلام، وتفتيت بنى الدول والمجتمعات وتجزيء المجزأ، وإشعال النزاعات العرقية والطائفية والدينية، وخصخصة الخدمات الأساسية من التعليم والصحة والمواصلات وغيرها، ولعل منتدى دافوس هذا هو أحد أدواته لتمرير كل ذلك..

■ أعد الشؤون العربية جهاد أسعد محمد

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.