هل يمضي الصومال نحو حرب أهلية جديدة بمعونة الأمريكيين؟
أكد أحد المسؤولين الأميركيين في أوائل نيسان الجاري أن الولايات المتحدة تقوم بتمويل الميليشيات الصومالية التي تتحارب فيما بينها منذ سنوات طويلة، وقد أتى هذا التصريح الذي يشبه الاعتراف في وقت تبدو فيه الأطراف الصومالية المتقاتلة وكأنها تستعد لمعركة حامية الوطيس، قد تشعل موجة هائلة من العنف في عموم البلاد التي ينهكها الفقر والقحط، وتسيطر فيها المجاعات والأوبئة والنزاعات الأهلية.
المسؤول الأمريكي أكد أن أمريكيين قريبين جداً من البنتاغون والبيت الأبيض بنوا علاقات وطيدة مع فئات مختلفة من الميليشيات الصومالية، وأمدوهم بالدعم المادي والمعنوي، وربما العسكري والسياسي، خلال العقدين الأخيرين..
وتتقاسم الميليشيات المسلحة التي يتزعمها أمراء الحرب معظم الأراضي الصومالية منذ ما يزيد عن 15 عاما.
وأمراء الحرب هؤلاء، متنازعون فيما بينهم، كما أنهم في صراع دائم مع الجماعات الإسلامية المناوئة لهم، وقد سلموا فيما يشبه الصفقة عددا من الإسلاميين المشتبه في تورطهم بقضايا إرهابية إلى واشنطن، وتمكنوا بذلك من نيل رضى الأمم المتحدة وعدد من الدول الغربية وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية، وقد أنشأوا على هذا الأساس تحالفاً مدعوماً على الصعيد الدولي ضم بعض أحزابهم أسموه «تحالف إرساء السلام ومكافحة الإرهاب» ولم يلبث هذا التحالف أن تحول إلى إحدى أقوى الميليشيات المتواجدة حالياً في الصومال.
هذا التحالف جاء ليقف وجهاً لوجه، وبشكل شديد التناحرية مع الإسلاميين المغضوب عليهم دولياً، ولكن الأقل فساداً على الصعيد الشعبي.
وقد حدث في شهر آذار الماضي، أن قام تحالف «اتحاد المحاكم الإسلامية» الذي يضم بعض القوى الإسلامية باستهداف ميليشيا تابعة لأمراء الحرب أولئك، وتمكن من الاستيلاء على مطار صغير وطريق استراتيجية تصل بأحد المرافئ التجارية الحيوية، وأسفر القتال الذي دام نحو أربعة أيام عن أكثر من 80 قتيلا و200 جريح.
ومنذ ذلك الحين، ازدادت وتيرة التسلح بشكل ملحوظ في العاصمة مقديشو الغارقة في الفوضى والخالية من أي حكومة مركزية منذ قسّمتها الحرب الأهلية إلى كانتونات في العام 1991، وأخذ مئات المقاتلين من كلا الجانبين يحصنون مواقعهم القتالية، مهددين بقتل كل من يتعاون مع الطرف الآخر المعادي، وتم في هذه الفوضى اغتيال عدد من المفكرين بتهم مختلفة.
ويؤكد المواطنون الصوماليون أن طرفي القتال أخذوا يتلقون في الآونة الاخيرة كميات ضخمة من السلاح والعتاد، في سعي محموم منهما للاستيلاء على السلطة، بينما يزداد في المقابل اقتراب شبح االجوع الموسمي من البلاد بعد أن أنهكت مظاهر التصحر القاسية وقلة الأمطار جميع فئات الشعب الصومالي الأكثر فقراً على وجه البسيطة، والذي يموت 50% من أطفاله الرضع كل عام!!..