ما العمل الآن
في حين أنّ أكثر من 26 مليون من الفرنسيات والفرنسيين البالغين يقيّمون الرأسمالية سلبياً (أكثر من ستة أعشار هؤلاء البالغين)، وأنّ أقل من 12 مليون من ناخبي ساركوزي يؤيدون أطروحاته (أكثر من ربع البالغين بقليل)، وأنّ الحملة الانتخابية عرفت عدداً لم يسبق له مثيل من المضربين، فإنّ انتخاب ساركوزي يشير إلى الطلاق بين الشعب الفرنسي وبين «نخبه الطبقة السياسية اليسارية».
لم تكتف هذه «النخب السياسية اليسارية» بقيادة الشعب إلى مأزق بسبب رغبتها في إحلال التعارض بين اليسار واليمين محلّ التناقض الأساسي في المجتمع الفرنسي، بين رأس المال والعمل، بل إنّها أسقطت نفسها من اللعبة بنفسها.
لابدّ أنها ازدرت أولئك الذين يطالبون بزيادة القدرة الشرائية كي تدعوهم للتصويت من أجل مرشحة ترفض مبلغ 1500 يورو فورية كحد أدنى للأجور في حين أنّ مؤشر البورصة CAC 40 يصل إلى حدود قياسية. لابدّ أنها اعتقدت أنّ ذاكرتهم ضعيفة، أولئك الفرنسيات والفرنسيين، كي تدّعي الدفاع عن الخدمات العامة في حين أنّ حكومة الاشتراكي جوسبان- مع وزرائه الشيوعيين- قد خصخصت أكثر مما فعلت حكومة اليمين السابقة. كان لابد من التجرؤ على التباهي برفض اتفاق الدستور الأوروبي رغبةً في البقاء ضمن أوروبا ماستريخت.
إن انتخاب ساركوزي ليس نهاية التاريخ. أليس هناك في أمريكا اللاتينية ما يمكن أن يضيء أفقنا؟ هناك، في قارة الإمبريالية الأمريكية التي تزرع الموت والتعذيب في كل القارات، تتجرأ شعوبٌ على تحدي رأس المال وجعل البؤس يتراجع، وعلى قول «لا» لصندوق النقد الدولي.
علينا أن نتذكّر أنّ ستة قرون لزمت البرجوازية الفرنسية كي تطيح بالحكم الملكي وتقيم الرأسمالية، وأنّ عمر البيان الشيوعي لم يصل بعد إلى 170 عاماً، وأنّ عمر الكومونة لم يبلغ 140 عاماً، وأنّ ثورة أكتوبر سوف تبلغ بالكاد 90 عاماً من عمرها. وفي حين يضم معسكر الخاضعين للاستغلال 90 بالمائة من السكان الفرنسيين في سن العمل، فهذا ليس وقت التباكي بل وقت بناء حزب شيوعي للقرن الحادي والعشرين، لا يضحي بالتناقض بين رأس المال والعمل لصالح التعارض بين اليسار واليمين.
في مواجهة فشل «النخب»، آن أوان القيام بمبادرات في القاعدة كي يبدأ الثوريون في التجمع والتطوير: إنّ بناء هذا الحزب الذي نفتقد وجوده بشدة متوقفٌ علينا.
■ جان فرانسوا أوتيه