ساركوزي رئيساً لفرنسا.. فماذا وراء الأكمة؟
أثارت نتيجة الانتخابات الرئاسية الفرنسية الكثير من ردود الأفعال والقراءات التي تراوحت بين استغراب وصول شخصية لا تتمتع برصيد شعبي مثل نيكولا ساركوزي إلى سدة الإليزيه بعد أن انحصرت المنافسة بينه وبين مرشحة الحزب الاشتراكي سيغولين رويال، وبين عدم الاستغراب نتيجة أسباب خارج إرادة الناخب العادي الفرنسي، تتعلق بالدعم الذي يلقاه من اللوبي اليهودي في فرنسا (كون أمه يهودية) ومن واشنطن (التي خصها بالصداقة في خطاب النصر) ومن عدد لا بأس به من كبرى ماكينات الدعاية والإعلام الفرنسية التي يرتبط بها بعلاقات مباشرة.
وبغض النظر عن طريقة التعاطي الرسمي العربي مع نتائج الانتخابات الرئاسية في «عواصم القرار الدولي» بما فيها فرنسا لجهة اعتماد المنطق الانتظاري الاتكالي المتطلب دائماً من الرؤساء المنتخبين في تلك الدول بأن يكونوا «عروبيين أكثر من العرب» بمعنى «الانتصار للقضايا العربية والعمل على خدمتها» فإن اللافت في الانتخابات الفرنسية من منطلق كونها شأناً داخلياً فرنسياً هو انعكاسها على بنية المشهد السياسي الفرنسي بقواه السياسية.
وفي العمق وبغض النظر عن مشروعه الداعي في الداخل لـ«فرنسا لكل الفرنسيين» وفي الخارج لـ«اتحاد متوسطي» يوازي صيغة برشلونة ويضم «إسرائيل» هو الآخر بالطبع، فإن نتائج الانتخابات الفرنسية تبرز مرة أخرى مسألة تغييب الصراع الطبقي في المجتمع الفرنسي لصالح ذاك الصراع بين «يمين» و«يسار» لا تتضح كثيراً الحدود الفاصلة بين برامجه، ودائماً على خلفية ضغوط متعددة المصادر داخلياً وخارجياً، من بينها ضغط الرأسمالية بطابعها الليبرالي الجديد، وضغط الحليف الأمريكي «الكوني»، وضغط غياب قوى اليسار الحقيقي بوضوح برامجها وامتداد وزنها الجماهيري الفاعل والمؤثر الموحد في الرؤية والنضال المشترك.
الملف التالي يعرض «توليفة» من القراءات بأقلام من الداخل الفرنسي تتناول هذا الجانب الإشكالي تحديداً، ويتضح في مادته الأولى كاستهلال «بؤس» خطاب الحزب الشيوعي الفرنسي.