هزم في مارون الراس.. فأطل من «العربية»!
إذا كان انهيار النظام الرسمي العربي لا يحتاج إلى إثباتات جديدة، فإن الحذر واجب على جميع القوى الوطنية في هذا الشرق من مخاطر استخدام بقايا هذا النظام في أدوار وظيفية جديدة خدمة للمشروع الأمريكي الصهيوني في المنطقة.
عندما انعقدت القمة العربية في الرياض وفتحت دفاترها العتيقة، ولم تجد فيها إلا المبادرة المستهلكة منذ قمة بيروت عام 2002، جرى قرار تشكيل الوفود العربية لإقناع عواصم القرار في العالم بفضائل المبادرة العربية «وأن العرب مع السلام كخيار استراتيجي..» وجرى تكليف مصر والأردن بإقناع الكيان الصهيوني بأهمية تحريك عملية السلام، ولكن بعد تحديد موعد زيارة أبو الغيط والخطيب للقاء أولمرت في تل أبيب جاء «الرفض المهذب» من الأخير يطل علينا ذلك المهزوم في حرب تموز 2006 من قناة العربية الفضائية المملوكة للعائلة السعودية الحاكمة على مدى ساعة كاملة ليقنع مشاهديها، بأن السلام لا يمر عبر وساطة واشنطن بل عبر مجيء الحكام العرب إلى تل أبيب كما فعلها السادات ويفعلها الآن عباس وعبد الله الثاني. وغيرهما، وهذا ما يطيب لرئيس القمة العربية، خصوصاً وأن الحكومة السعودية لم ترد لا سلباً ولا إيجاباً على تأكيد تلفزيون العدو بأن ظهور إيهود أولمرت على «شاشة العربية» جاء بموافقة القصر السعودي الملكي بالذات، وهو الذي سبق له أن وصف المقاومة بالمغامرة، وهاهو الآن يستعيض عن حرج اللقاء العلني بين مسؤولين سعوديين وإسرائيليين، بأن يسمح لأولمرت المهزوم في مارون الراس بالظهور على الشاشة السعودية عله يستطيع إقناع الرأي العام العربي بأن الكيان الصهيوني لا يحتل أرضاً ويهودها، ولا يقتل أحداً من العرب، ولا يأسر بشراً مسالمين، ولا يحفر تحت أساسات المسجد الأقصى، توأم الحرمين الشريفين، ولا يقيم مناورات عسكرية على مساحة النقب والجولان، بالاشتراك مع الجيش الأمريكي وبدونه(!)، ولا يهدد بضرب إيران المتوقع أن تصبح دولة نووية منافسة لتل أبيب في المنطقة...
... توقع أولمرت عدم قيام المصالحة بين حماس وفتح، فسارع محمود عباس وفريقه «الحاكم» بالتأكيد على استحالة حتى الحوار «مع الانقلابيين على الشرعية»، وبذات الوقت بدأ التقارب يتسارع بين حكومة فياض ـ عباس وحكومة أولمرت عبر سلسلة لقاءات فياض ـ ليفني، باراك ـ فياض دون أن يتوقف مسلسل القتل لكوادر المقاومة من كل الفصائل سواء في الضفة أو القطاع.. ويزيد محمود عباس من كرم الضيافة لرئيس وزراء إيطاليا رومانو برودي في رام الله بأن طلب بشكل عاجل نشر قوات دولية في غزة بعد أن رفض دعوات الجامعة العربية الخجولة حول ضرورة الحوار الفلسطيني ـ الفلسطيني الكفيل بتعزيز الوحدة الوطنية الفلسطينية وحماية خيار المقاومة حتى استعادة الحقوق الوطنية الفلسطينية الثابتة وتحرير الأرض من الاحتلال الصهيوني.
... ترافق ظهور أولمرت على «قناة العربية ـ العبرية» مع الإعلان عن قرب وصول حاملة طائرات أمريكية جديدة إلى مياه الخليج، والإعلان عن مشاورات في مجلس الأمن حول نشر قوات دولية على الحدود السورية ـ اللبنانية، وظهور السفير الأمريكي في بيروت فيلتمان ـ مايسترو حكومة السنيورة ـ على شاشة المؤسسة اللبنانية للإرسال لمدة ساعتين اعتبر فيها المقاومة اللبنانية إرهاباً، ورسم الخطوط اللاحقة للاستحقاق الرئاسي في لبنان بعيداً عن مبادرة عمرو موسى وزياراته الأخيرة للرياض ودمشق، وكذلك مع تصريحات وزير خارجية العراق زيباري الذي هدد بقيام حرب أهلية وتقسيم العراق في حال انسحاب القوات الأمريكية على عجل من العراق أو في حال عدم إقرار البرلمان العراقي لقانون النفط بعد أن أقرته حكومة المالكي.
... وجواباً على سؤال ما العمل والحالة هذه، نقول: طالما دخل المشروع الأمريكي في المنطقة مرحلة الفشل المؤكد، والدلائل على ذلك كثيرة ليس أقلها فشل التجييش العسكري والإعلامي والنفسي، الأمريكي ـ الصهيوني، والرجعي العربي ضد المقاومة، فنحن محكومون بالانتصار. وإن ما فعلته المقاومة اللبنانية وانتصارها المشهود في حرب تموز وما يفعله أبطال العراق ضد المحتل الأمريكي وجرائمه ضد المدنيين، وما تفعله المقاومة الفلسطينية ضد العدو الصهيوني وما تستبطنه مشاعر الشارع العربي من كره للتحالف الامبريالي ـ الصهيوني ومن والاه من الحكام العرب، كفيل بأن يجعل لشعوب هذا الشرق العظيم شرف المساهمة الجدية في انهيار الامبراطورية الأمريكية المتوحشة بعد أن وصلت إلى ذروة جبروتها...