هنية: «نحن الحكومة الشرعية»
استقبل إسماعيل هنية مراسل صحيفة «لوفيغارو» باتريك سان بول في بيته في مخيم اللاجئين في شطي، الذي استهدفه القصف وكان اللقاء التالي.
• يتهم البعض حماس بالقيام بانقلاب في قطاع غزة. بماذا ترد عليهم؟
أرد عليهم بسؤال: انقلابٌ ضد من؟ ضد أنفسنا؟ نحن الشرعية. نحن الحكومة الشرعية المنبثقة من البرلمان المنتخب ديمقراطياً.
• لماذا السيطرة على غزة بالقوة؟
بعد التوقيع على اتفاقات مكة بين الفلسطينيين، والتي سمحت بتشكيل حكومة الوحدة الوطنية، جرى شنّ حرب دعائية ضد حماس. لقد تصرفت فتح مع بعض أجهزة الأمن وكأنّ الأمر يتعلق بميليشيا مرتبطة بها. وبعد أن انتشرت هذه القوات في الشوارع، نصبت الحواجز واعتقلت وقتلت أشخاصاً بسبب انتمائهم إلى حزب ما أو لأنّ لديهم لحى. لقد تصرفت مثل قراصنة. بعد ذلك فتحت النار على مجلس الوزراء وأطلقت صاروخاً على مقر إقامة رئيس الوزراء.
كان لا بد من وضع حدّ لهذه الفوضى الأمنية. سوف يعود الهدوء وأعتقد بأنّ الوضع الأمني سوف يكون أفضل بكثير مما كان عليه في السابق.
اعتباراً من الآن، سيكون هنالك سلاحٌ شرعيٌ واحد. سوف ننشر الانضباط والقانون في غزة. وهكذا، سيصبح إطلاق سراح الصحافي البريطاني آلان جونستون أكثر سهولةً. سيستمع إلينا خاطفوه بصورة أفضل.
• ما هي نواياكم؟
سوف تتابع حكومتي عملها. أما بالنسبة لبرنامجنا، فهو واضح. نحن نتمنى إقامة دولة فلسطينية في حدود العام 1967، أي في غزة والضفة الغربية، وبحيث تكون القدس الشرقية عاصمةً لها. تبقى منظمة التحرير الفلسطينية مكلفة بالمفاوضات حول هذه النقطة. ونلتزم باحترام كافة الاتفاقات الماضية التي أبرمتها السلطة الفلسطينية. نريد تطبيق هدنة متبادلة وشاملة ومتزامنة مع إسرائيل.
• هل ستعلنون دولةً في غزة؟
لا. غزة ملكٌ للشعب الفلسطيني بأكمله وليست ملكاً لحماس فقط. نرفض أية فكرة للفصل بين الأراضي الفلسطينية، بين القدس الشرقية وقطاع غزة والضفة الغربية. الفصل ليس على برنامجنا ولن يكون أبداً.
• لقد أبدى الاتحاد الأوروبي دعمه للرئيس محمود عباس. ما الذي تنتظرونه من الاتحاد؟
نحن نشكر الاتحاد الأوروبي للمساعدة التي يقدمها للشعب الفلسطيني. نتمنى المحافظة على هذه العلاقة وتطويرها. نتمنى أن تواصل أوروبا جهودها لرفع الحصار. لكننا نتمنى خصوصاً أن تساعد الفلسطينيين على بلوغ طموحاتهم الوطنية الشرعية: إقامة دولة مستقلة.
■ لوفيغارو الفرنسية
هل قُدّر على العرب الصراع الداخلي؟
إن ما يجري في أراضي السلطة الفلسطينية، ولاسيما في قطاع غزة، يهدد بإمكانية حدوث السيناريو الأسوأ لتطور الأوضاع هناك (..) وأول ما يهدد به استمرار المواجهات هو قطع حبال التواصل بصورة نهائية بين حركتي فتح وحماس. ونتائج هذه القطيعة لن تكون وخيمة بانتشار الفوضى وفقدان الأمن في الأراضي الفلسطينية فحسب، إذ يشير البعض إلى أن تفكك بنى السلطة الوطنية الفلسطينية قد يؤدي إلى تعميق الانقسام والانفصال بين جزئي الأراضي الواقعة تحت سيطرة السلطة الوطنية الفلسطينية (الضفة الغربية وقطاع غزة)، وصولاً إلى تحولها إلى قسمين مستقلين ذاتياً.
الباحث الروسي يفيم ريزفان قال: «بالنسبة لي كعالم وكإنسان، يؤلمني أن أشاهد ما يجري في منطقة هي مهد الحضارات أساساً، تلك المنطقة التي تتجه نحوها أنظار المؤمنين الروس من الديانتين الإسلامية والمسيحية».
لقد شهد التاريخ العربي، للأسف، مواقف مشابهة لما يجري في غزة، حين تقوم بعض القوى بحل مشاكلها الداخلية عبر العنف في وقت تقع فيه تحت تهديد الخطر الخارجي. واليوم نتذكر أشهر الربيع في عام 1962، في الجزائر عشية إعلان الاستقلال، حين نشبت مواجهات بين مختلف قوى المقاومة الجزائرية، التي خاضت جنباً إلى جنب معركة التحرير من الاحتلال. وفي نهاية المطاف استقرت الأوضاع في الجزائر. لكن هل يعني هذا أنه من قدر الأراضي العربية أن تعيش بعض أجزائها أحداث مواجهات داخلية مشابهة من وقت لآخر؟
واليوم لا يقتصر الرهان على قدرة القوى السياسية القيادية الفلسطينية والنخب السياسية في إيجاد لغة مشتركة والنظرة اليقظة على المشاكل والواقع الحاليين، بل ويشمل الرهان حياة المدنيين، والمصير المستقبلي للدولة الفلسطينية.
إن مفهوم الدولة الحديثة يعني وجود مصلحة قومية جامعة تكون أعلى وأسمى من المصالح الفردية، وأعلى من انتماء الفرد لمنطقة جغرافية محددة من الوطن، أو انتماؤه لتنظيم ما، أو لتيار معين. وقبل أن ينغرس هذا الفهم في عمق الوعي الفلسطيني، ويثبت بخطوات تنظيمية هادفة، لن يتحقق حلم الدولة الفلسطينية التي قُدم من أجلها الكثير من الأرواح.
إن ما يجري حالياً في أراضي السلطة الفلسطينية يعيق للأسف بلورة وعي كهذا، وبالمقابل يصب الماء البارد على أيدي الأطراف الرافضة لفكرة قيام دولة فلسطينية.
• من تعليق كتبه يوري زينين
الخبير السياسي من «ريا نوفوستي»