يوسف البني يوسف البني

التعرفة الجديدة للكهرباء..همّ وبلاء

لا ندري بماذا نشبّه لعبة «الشدّ و الرخي» التي تلعبها الحكومة منذ مدة، حول رفع الدعم عن المحروقات، وعن بعض المواد الاستهلاكية ( كالخبز والرز والسكر). هل نشبهها بلعبة القط الذي يطارد فأراً؟ فيحاصره مرة، ويتركه قليلاً ليعود ويحاصره أخرى، وقد يداعبه بين يديه دون أن يؤذيه لفترة، ثم يعود ويلاحقه مرة أخرى، حتى إذا وقع متهالكاً، فعل به ما يريد. أو نشبهها بما قاله أحد الخلفاء يوماً، حيث قال:(إن بيني وبين الناس شعرة وددت ألا تنقطع، فإن شدوا أرخيت، وإن أرخوا شددت). كذلك تجاذبتنا لعبة التصريحات حول رفع الدعم، فتارةً نجد في تصريح رسمي أن الحكومة قد صرفت النظر عن رفع الدعم، وهذا موضوع غير قابل للنقاش، ومرة أخرى ومن المصدر نفسه أن الحكومة جادة وماضية في طريق رفع الدعم. حتى بات المواطن مشوشاً مضطرباً، يحمل كل هموم الدنيا فوق كتفيه، ووقع منهكاً من ثقل عبء الحياة اليومية، وأسلم أمره وقال:(فليفعلوا ما يشاؤون، ويا مصفاية ما يعيبك بخش).

 وفي غمرة انشغال المواطن السوري بهمه الكبير المقبل، وتفكيره بما سيجره عليه رفع الدعم عن المحروقات من غلاء فوق غلاء، عبء فوق عبء، مررت الحكومة، متمثلة هذه المرة في وزارة الكهرباء، خلسةً، التعرفة الجديدة للكهرباء، مفترضةً أن متوسط الاستهلاك المنزلي هو/1000/ كيلو واط ساعي لكل دورة (شهرين). فتكون الفاتورة حسب التعرفة القديمة/1310/ل.س. حيث كانت التعرفة كما يلي:
من 1  إلى   100 ك.و.س. بسعر25 ق.س.
من 101 إلى 200 ك.و.س. بسعر35 ق.س.
من 201 إلى 400 ك.و.س. بسعر50 ق.س.
من 401 إلى 600 ك.و.س. بسعر75 ق.س.
من 600 ك.و.س. وما فوق بسعر250 ق.س.
ولما كانت الحكومة تعلم علم اليقين، أن متوسط الاستهلاك المنزلي لن يقف على استهلاك 600 ك.و.س. ولن تكفيه حتى الـ1000 ك.و.س. فقد لعبت لعبتها على هذه الشرائح العليا، وأضافت التعرفة الجديدة التالية:
من 600 إلى 800 ك.و.س. بسعر150 ق.س.
من 800 إلى1000 ك.و.س. بسعر250 ق.س.
أي أنها وفرت على المواطن (وهذه الصورة هي التي تريد الحكومة أن تظهر بها)، 200 ل.س.في الشريحة من 600 إلى 800 ك.و.س. ثم عادت وضربت ضربتها القاضية في الشريحة من 1000 إلى 1200 ك.و.س. بسعر700 ق.س. أي أن سعر هذه الشريحة مكونة من200 ك.و.س. يساوي أكثر من قيمة استهلاك دورة كاملة من 1000 ك.و.س. على التعرفة القديمة.
في النتيجة هذه التعرفة تشكل همّاً جديداً وعبئاً إضافياً على كاهل هذا المواطن، فمع أنه صحيح على استهلاك 1000 ك.و.س. تكون الفاتورة 1110 ل.س. بدلاً من1310 ل.س. ولكن إذا زاد الاستهلاك حتى 1200 ك.و.س. (وهذا شيء طبيعي جداً، لأن 1000 ك.و.س.لا تكفي الاستهلاك المنزلي)، فإنه سيدفع 2510 ل.س. بدلاً من 1810 ل.س. أي أن الزيادة في شريحة واحدة (200 ك.و.س.)، تشكل 40% من سعر مجموع الاستهلاك البالغ 1200 ك.و.س. وأما الطامّة الكبرى، وهذا أيضاً وارد الحدوث، إذا زاد الاستهلاك حتى1500 ك.و.س.فإن الفاتورة ستصبح 4610 ل.س. بدلاً من 2560 ل.س. أي أن الزيادة في شريحة واحدة تشكل 80% من قيمة مجموع الاستهلاك البالغ 1500 ك.و.س. والحبل على الجرار.
هنا تعاودنا أسئلة كثيرة، كنا قد طرحناها بيننا وبين أنفسنا سراً، لنتجرأ ونطرحها علناً: هل هذا مؤشر لنمو اقتصادي سليم؟ أم هي خطوة على طريق تحسين الوضع المعيشي للمواطن؟ أم.......؟ لا ندري.