تقرير بتراوس - كروكر: مكانك راوح!.

جدد الحاكمان الأمريكيان للعراق الجنرال «ديفد بتراوس» والسفير «ريان كروكر»، تمسك إدارة الرئيس «بوش» باستراتيجية استمرار احتلال العراق وعدم التجاوب مع أية دعوات أمريكية داخلية أو عالمية لتحديد جدول زمني لانسحاب القوات الأمريكية من العراق!
ففي تقريرهما المشترك أمام الكونغرس الأمريكي أكد الحاكمان الفعليان للعراق: «بتراوس ـ كروكر» مقولة «بوش» الدائمة "بأن انسحاباً مبكراً لقواتنا من العراق ستترتب عليه نتائج كارثية على أمننا القومي، وتؤدي إلى تفكيك القوات العراقية البالغ عددها 480 ألفاً، إضافة إلى استعادة «القاعدة» لمواقع كانت قد خسرتها في العراق..."!.

... واللافت للنظر، أن أهم ما جاء به تقرير «بتراوس ـ كركور» من وعود، هو "خطة لخفض الجنود الأمريكيين بنحو 30 ألف جندي في منتصف العام القادم، أي العودة إلى المستوى الذي كان موجوداً قبل أن يأمر «بوش» بزيادة القوات في شباط الماضي، تحت عنوان الاستراتيجية الجديدة للقوات الأمريكية في العراق..!.
كنا قد أكدنا مراراً، أن احتلال العراق هو حلقة في مشروع استعماري كبير لا يقف عند حدود العراق، هدفه تفتيت بنية المنطقة جغرافياً وديموغرافياً، لبسط الهيمنة الشاملة على دول المنطقة وشعوبها، ونهب ثرواتها بالحديد والنار، وعبر تسعير الصراعات الأقليمية والعرقية والمذهبية.
وإذا كان الديمقراطيون في الكونغرس الأمريكي يصبون جام غضبهم على إدارة «بوش»، فهم ينتقدون فشل الإدارة في تحويل الاجتياح العسكري إلى انتصار سياسي ـ اقتصادي، حيث حدد السيناتور الديمقراطي «توم لانتوس»: (إن الإستراتيجية الأميركية فشلت في العراق لعدم تحقيقها أي تقدم على المسار السياسي والاقتصادي... ـ ويضيف ـ إن الإدارة الأمريكية الحالية لم تتعلم من تجربة تسليح حركة طالبان والقاعدة في ثمانينات القرن الماضي واللتين انقلبتا ضدنا فيما بعد. وهاهي إدارة «بوش» تكرر الخطأ نفسه بتسليح بعض المليشيات في غرب العراق..)!.
... وبالعودة إلى تقرير «بتراوس ـ كروكر»، وتحت باب التوصيات بعنوان: (الأمن في الفترة الانتقالية، من القيادة إلى الشراكة فالمراقبة)، نجد أن إدارة «بوش» تحاول إلقاء تبعة كل الجرائم ضد المدنيين والتي فاق عدد ضحاياها المليون قتيل، على إيران وسورية وحزب الله، وبعض اللوم على حكومة المالكي.
لا شك أن إطلاق مثل هذه الذرائع الكاذبة، يخفي النوايا الأمريكية العدوانية المبيتة ضد سورية وإيران وحزب الله، في إطار توسيع رقعة الحرب في المنطقة، بالتعاون مع حليفتها إسرائيل الصهيونية، والدور المريب الذي تلعبه ما يسمى بـ "دول الاعتدال" ومن والاها..
... وفي هذا الإطار، جاءت دعوات التخدير من واشنطن حول ما يسمى؛ باجتماع الخريف الدولي حول الشرق الأوسط، لتكريس التراجع الرسمي العربي عن الحقوق الوطنية الثابتة للشعب الفلسطيني، وفي هذا المناخ الذي يسبق المواجهة جاء الخرق الجوي العدواني الإسرائيلي للأجواء السورية، مع ما رافقه من غموض إسرائيلي ـ أمريكي متعمد في البداية، واعتراف لاحق من واشنطن وتل أبيب ترافق مع صمت مخجل ولكنه غير مستغرب من عواصم الاعتدال العربي، لا بل تبرعت السعودية بإشهار خصومتها أكثر من أي وقت مضى مع سورية، تارة بسبب لبنان وأخرى بسبب مواقفها من القضية الفلسطينية والوضع في العراق!.
... وفي الاستنتاج نقول: بعد تقرير «بتراوس ـ كروكر» الذي يؤكد استمرار الاحتلال في العراق، والاستعدادات لتوسيع رقعة الحرب في المنطقة، وبعد محاولات الكيان الصهيوني للخروج من هزيمة حرب تموز في جنوب لبنان، بات واضحاً أننا أمام مواجهة كبرى مع التحالف الإمبريالي ـ الصهيوني، يجب الاستعداد له جدياً وعلى الأرض، عبر التزام خيار المقاومة الشاملة التي أثبتت أن قوة المحتل ليست قدراً لا مرد له، بل أظهرت أن قوة الشعوب محكومة بالانتصار الأكيد!..