فقاعة العقارات تنفجر في لندن، فهل من مُعتبر؟
تشكل أزمة بنك «نورثرن روك» البريطاني مثالاً فاقعاً لمن أراد أن يعتبر من الاعتماد على فورة الأسواق العقارية ضمن نظام رأسمالي عولمي متضخم تحت تأثير العامل الأمريكي الضاغط والمأزوم في دولاره وأسواقه المالية والاستهلاكية والعقارية على حد سواء، مثلما هو الحال مع سياساته الحربية.
«نورثرن روك»، وهو خامس مؤسسة مصرفية بريطانية في قطاع الإقراض العقاري البريطاني، بات يعاني من أسوأ أزمة مالية يشهدها الاقتصاد البريطاني خلال العقد الحالي، وقد هوت أسهمه فجأة في التعاملات الصباحية الاثنين الماضي بنسبة بلغت حوالي 34 في المائة، مما زاد من الضغوط على إدارة البنك الذي سبق له أن أصدر تحذيراً من أنه يتوقع أن تتأثر الأرباح بالمشاكل الائتمانية التي تواجهها الصناعة المصرفية.
ودفعت هذه الأزمة بالسلطات المالية البريطانية، إلى التدخل مباشرة بلسان وزير ماليتها أليستير دارلينغ الذي أكد أنها (أي الحكومة البريطانية) سوف تضمن الأموال المودعة كافة في البنك المذكور الذي تدافع عليه عملاؤه بطوابير طويلة لسحب أموالهم، بعدما هوت أسهمه.
وسارع الوزير البريطاني لإجراء محادثات مع نظيره الأمريكي هانك بولسون في العاصمة البريطانية لمناقشة كيفية التعامل مع حالة عدم الاستقرار السائدة في الأسواق المالية نجمت عن أزمة الائتمان العقاري في الولايات المتحدة، حيث أعرب الطرفان عما وصفاه «بثقتهما في قوة الاقتصاد العالمي» رغم توقع الأخير بأن «اضطرابات السواق سوف تستمر لفترة من الوقت» ولكنهما حاولا طمأنة المودعين بالقول إن «كثيرا من المؤسسات المالية حول العالم تمر بصعوبات»، علماً بأن المبالغ المسحوبة من البنك بلغت عدة مليارات دولار منذ بدء تأثره بأزمة الائتمان، بعد أن كان إجمالي الودائع لديه 48 مليار دولار.
غير أن المصرف العقاري لجأ لاقتراض ملياري دولار من بنك انجلترا لحل مشاكله في السيولة.
وكان الوزير دارلينغ، زعم قبل ذلك في مقر الحكومة البريطانية «أن الاقتصاد البريطاني قوي بما يكفي بتحمل مثل هذه العاصفة»، وأن الحكومة البريطانية ستبحث «كافة الخيارات» في سعيها لحل أزمة بنك نورثرن روك،.
أما في تجليات الأزمة على الطرف الآخر من الأطلسي فقد اعترف بولسون في مؤتمر صحفي مشترك مع وزيرة الاقتصاد الفرنسي، كريستين لاغارد، أن ممارسات الإقراض هي السبب في الاضطرابات التي شهدتها أسواق المال في الآونة الأخيرة.
وكان بولسون، قد أوحى خلال لقاء عقده أواخر الأسبوع الماضي مع عدد من كبار المساهمين في القطاع العقاري، بأن «عدداً من الأسواق التي عاشت فترات عصيبة مؤخراً بدأت تتعافى، غير أن الأضرار الأكبر تبقى في قطاع الرهن العقاري الثانوي، حيث ستزداد الأقساط على المستفيدين من القروض خلال العامين المقبلين».
وتشير التقديرات الأولية إلى أن أكثر من مليوني شخص في الولايات المتحدة سيعاني جراء ارتفاع أقساط تمويلهم العقاري، مع وجود احتمال كبير بأن يفقد معظمهم منازلهم...!
أما السؤال الذي يطرح نفسه فهو: إذا كانت فقاعة العقارات تنفجر في لندن وتقترب من الانفجار في واشنطن فماذا عن الاقتصادات الأضعف منها بكثير، والتي تحذو حذوهما؟