إفريقيا والإنزال الأمريكي

لم يتم إنزال القيادة العسكرية الأمريكية لإفريقيا، الأفريكوم، بعد. لديها الآن موقع إلكتروني يشرح أنّها ستتمتع ابتداءً من تشرين الأول 2007 بقدرة عملياتية أساسية، وبأنها ستكون في تشرين الأول 2008 عملياتيةً بالكامل. في بداية الأمر، سوف يقع مقر «الفريق الانتقالي» للأفريكوم في مقر قيادة الولايات المتحدة في أوروبا (يوكوم)، في ألمانيا، بانتظار إيجاد بلدانٍ إفريقية توافق على استقباله. نحن نعلم أنّ الأمريكيين متواجدون الآن في جيبوتي وإثيوبيا، التي درّعها الأمريكيون بوصفها حليفاً في «الحرب الشاملة» والتي كلفت باجتثاث الإسلاميين من الصومال. ليبريا هي البلد الإفريقي الوحيد الذي أعلن استعداده لاستقبال الأفريكوم، بعضها تتمنى ذلك لكنها لا تجرؤ على قوله بعد.

 

لكن بصورة شاملة، تلاحظ البلدان الإفريقية أنّ الأمريكيين لديهم ميل مؤسف لأن يحضروا على أثرهم الإرهاب الذي يفترض بهم مكافحته وهي معادية للأفريكوم. هذا العداء الحقيقي هو الذي أدى بالأمريكيين إلى «تخفيف» مشروعهم. لم يعد الأمر يتعلق بقواعد عسكرية، بل بعاملين موزعين بين عدة بلدان إفريقية. لكن هذه النسخة المرنة لا تطمئن البلدان الإفريقية، إذ إنها تخشى أن تجد نفسها، رغماً عنها وعلى عكس ما تقتضيه مصالحها، تنجر إلى حملاتٍ مدمرة.

تظهر حالة العراق، حيث يتجرأ الكونغرس الأمريكي بوقاحة على منح نفسه حق التصويت على تقسيم العراق، أنّ الأمور قد تمضي بعيداً جداً، إذ تتحدى مصالح الإمبراطورية القانون والتاريخ معاً. فلا أحد في إفريقيا يشك حقاً في أنّ النوايا الأمريكية بعيدة كل البعد عن محبة البشر. كما أنّ السيطرة على موارد الطاقة، الهدف الحقيقي لاحتلال العراق، هي أيضاً في خلفية مشروع تأسيس الأفريكوم. كما أنّ الرئيس الأمريكي اختار الإعلان رسمياً عن المشروع يوم السادس من شباط 2006، في اللحظة التي أنهى فيها الرئيس الصيني جولةً متميزة في إفريقيا. كانت الرسالة مباشرة: التصدي للصين التي أصبحت أكثر نشاطاً مما ينبغي في إفريقيا، ولاسيما في قطاعي الطاقة والمناجم. نحن نعرف الخطاب الغربي السيئ النية حول «تصيين» إفريقيا، وهو خطاب أولئك الذين لا يقبلون نهاية المطاردة ودخول الصين في المنافسة الاقتصادية.

نحن نعرف الثمار المرة لـ«الحرب الشاملة على الإرهاب» وآثارها الرهيبة في مجال حقوق الإنسان والشعوب. «الأخطر هو أن تغطي الدول الإفريقية هذه الحملة»، هذا ما قاله لنا مؤخراً السيد عبد الحميد المهري. يمكن ملاحظة أنّ ميل البلدان الإفريقية لا يزال شديد التحفظ، حتى إذا لم تعبر عنه صراحة.

ليس هنالك ما يفاجئ في أن يأتي أكثر المواقف صرامةً من إفريقيا جنوبي خط الاستواء، حيث يعتبر الوزن السياسي والمعنوي لإفريقيا الجنوبية حاسماً. فمؤخراً، عاد موسيوا ليكوتا، وزير الدفاع في جمهورية إفريقيا الجنوبية، لتأكيد معارضة البلدان الإفريقية لتمركز قيادة أمريكية في القارة. وقد أعلن قائلاً: إنه «موقف قاري». ينبغي على الأقل أن نتمنى ذلك.

آخر تعديل على الإثنين, 24 تشرين1/أكتوير 2016 17:17