تأملات كاسترو «المرشح الجمهوري»

يعقد البرلمان الكوبي الجديد جلسة أواخر الشهر الحالي لمناقشة ما إذا كان فيدل كاسترو الغائب عن السلطة منذ تموز 2006 لأسباب صحية، سينتخب لولاية جديدة ليبقى على رأس المشهد السياسي الكوبي أم أنه سيخلي الساحة لغيره من القادة الكوبيين الذين يتقدمهم الرئيس بالوكالة، شقيقه راؤول كاسترو.

وقد استهل الزعيم الكوبي الجزء الأول من أحدث تأملاته بخصوص الانتخابات الأمريكية والتي نشرت في العاشر من الشهر الجاري بعبارة «هذه التأملات تشرح نفسها بنفسها». ومضى يتابع: 

في يوم الثلاثاء العظيم الذي أصبح شهيراً، وهو أحد أيام الأسبوع الذي كان العديد من ولايات الاتحاد يختار فيه مرشحه المفضل لرئاسة الولايات المتحدة، من ضمن مجموعة من المرشحين؛ أمكن لأحد المرشحين المحتملين لشغل مكان جورج دبليو بوش أن يكون جون ماكاين، نظراً لصورته كبطل، وهي صورة مصممة سلفاً، ولتحالفه مع مرشحين أقوياء أمثال حاكم نيويورك السابق، رودي جيولياني، وغيره من المرشحين الذين تنازلوا له عن الدعم بطيبة خاطر. الدعاية المكثفة التي لعبت دوراً هاماً فيها عوامل اجتماعية واقتصادية وسياسية ذات وزن كبير في بلده، وطريقته في التمثيل، تحولانه مجتمعةًُ إلى المرشح الأوفر حظاً(..)

خلافاًُ لذلك، الصراع على المرشح هو صراع حامي الوطيس في الحزب الديمقراطي. مع أن جزءاً نشيطاً من مواطني الولايات المتحدة، كالعادة، أصحاب الحق بالتصويت يكون في العادة ضئيلاً، تصل إلى المسامع آراء وتكهنات من كل نوع حول ما سينم عن النتيجة النهائية للمعركة الانتخابية بالنسبة للبلاد وللعالم المعولَم، حالما نجا العالم بريشه من مغامرة بوش الحربية.

لست أنا المخوَّل للحديث عن تاريخ مرشحٍ لرئاسة الولايات المتحدة. لم أفعل ذلك أبداً من قبل، وما كان لي أن أفعله أبداً بعد ذلك، ولكن، لماذا أقوم به الآن؟

أكد ماكاين أن بعضاً من رفاقه قد تعرض للتعذيب على يد عناصر كوبيين في فيتنام. والمدافعون عنه والخبراء في الإعلام يؤكدون في العادة بأن ماكاين نفسه قد تعرض لهذا التعذيب من جانب الكوبيين.

آمل أن يتفهم مواطنو الولايات المتحدة أن أجد نفسي مضطراً للتحليل المفصَّل لهذا المرشح الجمهوري وأن أرد عليه. وسأفعل ذلك انطلاقاً من اعتبارات أخلاقية.

يرد في ملف ماكاين أنه وقع أسيراً في حرب فيتنام اعتباراً من السادس والعشرين من تشرين الأول 1967.

وكما يروي هو نفسه، كان عمره آنذاك 31 سنة وكان يقوم بتنفيذ المهمة الهجومية رقم 23. طائرته، وهي من طراز «إي 4-سكايهوك» اعترضها فوق هانوي صاروخ مضاد للطائرات. ونتيجة الضربة التي تلقتها الطائرة، فقد هو السيطرة وسقط بمظلته فوق بحيرة تروك باتش، في وسط المدينة، وقد أصيب بعدة كسور في ذراعيه وفي إحدى ركبتيه. حشد من الجمهور الوطني، وبعدما شاهد سقوط أحد المعتدين، استقبله بحسٍّ عدائي.(..)

وأكد ماكاين في وقت لاحق بأنه كون والده مشيراً وقائداً عاماً للقوات الأمريكية في المحيط الهادئ، جعل المقاومة الفيتنامية تعرض عليه إطلاق سراحه قبل الأوان في حال اعترافه بارتكاب جرائم حرب، وهو أمر رفضه مدعياً بأن القانون العسكري ينص بأن الأسرى يتم إطلاق سراحهم حسب الترتيب الزمني لوقوعهم في الأسر، وهذا يعني خمس سنوات إضافية من السجن والضرب والتعذيب في جناح من السجن أطلق عليه الأمريكيون اسم «هانوي هيلتون»(..)

أسوأ ما أكده (ماكاين) بشأن بلدنا هو أن محققين كوبيين قد عذّبوا أسرى أمريكيين بشكل منتظَم.

أردت أن أعرف مصدر هذه الخرافة الغريبة. طلبت البحث عن سوابق ومستندات مثل هذا الاتهام؛ فقيل لي بأنه كتاب يحظى بترويج واسع، وتم تحويله إلى فيلم، وكتبه كل من ماكاين ومستشاره الإداري في مجلس الشيوخ، مارك سالتر، الذي يواصل العمل والكتابة معه. طلبت ترجمته حرفياً. وقد تم القيام بذلك من طاقم ماهر خلال فترة قياسية. عنوان الكتاب: «Faith of My Father»، 349 صفحة، ونُشر عام 1999.

اتهامه للثوار الأمميين الكوبيين، مستخدماً الاسم المستعار «فيدل» للتعريف بأحدهم قادراً على «التعذيب حتى الموت» هو اتهام يفتقد للحد الأدنى من الخلقية.(..)

إنكم تتهمون الثوار الكوبيين بأنهم جلادون. أدعوكم بجديّة لإظهار واحد فقط من بين الأكثر من ألف أسير الذين تم اعتقالهم خلال معارك (خليج الخنازير) تعرض للتعذيب. (..) تعترفون بأنكم مع الحكم بالإعدام بحق مرتكبي أخطر الجرائم. ما الموقف الذي كان من شأنكم أن تتخذوه أمام مثل هذه الأعمال؟ كم هو عدد الذين كان يمكنهم أن تحكموا عليهم بهذا الحكم؟(..)

لقد زرت جموع أسرى خليج الخنازير، كما تسمون أنتم غزو شاطئ خيرون، في أكثر من مناسبة، وتحدثت إليهم. وكانوا يبدون الدهشة ويعبّرون عن تقديرهم للاحترام الشخصي الذي تم التعامل معهم به.

لا بد وأنكم تعرفون أنه في الوقت الذي كان يجري فيه التفاوض على إطلاق سراح الأسرى مقابل مواد غذائية للأطفال وأدوية، كانت حكومة الولايات المتحدة تعدد خططاً لاغتيالي. ويرد ذلك في كتابات أشخاص شاركوا في تلك المفاوضات.

لن أذكر القائمة الطويلة المكونة من مئات المحاولات لاغتيالي شخصياً. ولا يتعلق الأمر باختراعات. إنه ما يرد في وثائق رسمية نشرتها حكومة الولايات المتحدة.

أي خلقية تكمن في مثل هذه الأعمال، التي تدافعون عنه بحمية كقضية مبدئية؟

سأحاول التعمُّق في هذه المسائل.