د. أشرف بيومي (مصر): «مؤتمر السلام» فخ جديد للأنظمة العربية!

• الأستاذ أشرف بيومي، ما رأيك بما يسمى «مؤتمر السلام» المزمع عقده في الخريف الحالي، هل هو تخدير دبلوماسي للمسار العدواني الإمبريالي؟؟.. وما برأيكم الوظيفة الحقيقية للمؤتمر؟

الحقيقة إن هذا المؤتمر يمثل فخاً للدول العربية، والفاو لا علاقة لها بإقامة دولة فلسطينية لا من قريب ولا من بعيد، وبدايةً، هذا المؤتمر ليس مؤتمراً دولياً، إنه اجتماع بعض وزراء العرب الذين سيحضرون، ونحن حتى الآن غير متأكدين من سيحضر ومن سيغيب، لاسيما أمام احتمال تأجيل المؤتمر. باختصار هو اجتماع بعض وزراء عرب مع وزيرتي الخارجية الإسرائيلية والأمريكية.

إنه اجتماع عجيب الشأن وشديد الغموض، إذ ليس هناك حتى الآن تحديد لجدول أعماله أو من هي الأطراف التي ستحضره، أما إعلان بوش في خطابه في 16 يوليو بإقامة المؤتمر، بهدف إقامة دولتين مستقلتين، فلسطينية وإسرائيلية تعيشان في سلام جنباً إلى جنب، فهو جزء من الخداع الذي اعتدناه في كل مناسبة والذي فاق كل وصف في عهد الإدارة الأمريكية الحالية. أما الأهداف الحقيقية التي تقف وراء عقد هذا المؤتمر في نظري هي:

 أولاً: صرف النظر عن المستنقع الذي تغوص به الإدارة الأمريكية والجيش الأمريكي في العراق، وأيضاً صرف النظر داخلياً (في الولايات المتحدة الأمريكية) عن الفشل الذريع للدبلوماسية الأمريكية، ومحاولة إعلامية لا أكثر لإعطاء إيحاء بأن قيادة الإمبريالية العالمية لا زالت بخير، وبأنها تستطيع أن تحضر وزراء من دول عربية ومن إسرائيل وفلسطين لعقد شبه مؤتمر دولي أو اجتماع من هذا القبيل، الهدف منه إعلامي وأخذ الصور وخلافه...

ثانياً: تعميق الهوة بين فتح وحماس، لأنه إذا تم عقد هذا المؤتمر وصدر عنه بعض المقررات الهامشية التي تفيد محمود عباس، عبر إعطائه ربع تفاحة أو شيء من هذا القبيل فإنها ستدعم موقفه ضد حماس، وبالتالي تعميق الهوة وعزل حماس.

ثالثاً: حشد دول عربية، وكأنها متحالفة، استعداداً للمناوشات القادمة، ولحصار إيران.

رابعاً، وربما الأهم: خفض وتيرة التوقعات السلبية للشعب العربي والجماهير الفلسطينية، إذ كلما يعقد مؤتمر من هذا النوع تتراجع القضية الفلسطينية خطوة إلى الوراء، فالآن يجري الحديث عن الضفة الغربية وغزة، ولكن تبادل بعض الأراضي التي تقع بها المستوطنات الكبيرة، في مقابل إعطاء أراضي صحراوية للفلسطينيين.. الهدف هو الاستمرار في التفاوض، أي أن التفاوض أصبح هدفاً في حد ذاته، وليس وسيلة لتحقيق السلام المزعوم...

• هل نحن أمام تفريط جديد بالحقوق؟ أي هل يمضي بعض القادة الفلسطينيين نحو تقديم المزيد من التنازلات، ربما تكون أخطر مما أفرزته اتفاقيات أوسلو ووادي عربة وخارطة الطريق وما إلى هنالك؟

نعم، المعروف أننا نجد أنفسنا أمام تنازلات جديدة كلما عقدت مثل هذه الاجتماعات، لأن الوضع العربي شديد التردي، كما أن الأوضاع في غاية السوء بالنسبة للحكومات والأنظمة العربية. إن مستوى توازن القوى يرتفع إلى حدوده القصوى عندما يكون هناك مقاومة، وتصبح جميع الأمور في صالح المقاومة، أما بالنسبة للتفاوض، فمن الواضح أن وضع العرب السيئ للغاية سيؤدي حتماً إلى نتيجة سلبية تجاه مصالحهم. ولكن هذا لا يمنع من التأكيد أن هناك أيضاً مشاكل في الطرف الصهيوني، فرئيس الوزراء الصهيوني أولمرت وضعه ضعيف، ويجري التحقيق معه اليوم في قضايا فساد، وهناك هزيمة في يوليو الماضي.. الخ، لكنها مسألة نسبية، لأن الصهيونية بالأساس مدعومة من الإمبريالية الأمريكية، وبالتالي لا يمكن للعرب بأي حال من الأحوال الخروج من المؤتمر المزمع عقده بنتائج إيجابية، بل بالتأكيد سيكون هناك تنازل وتراجع للوراء بالنسبة لقضايا كثيرة مثل اللاجئين وقضية القدس وطبيعة الدولة والأرض التي يتم الحديث عنها والعلاقة مع الدول الأوربية.. الخ. إن إسرائيل تتحدث فقط عن دولة منقوصة السيادة، محاصرة تماماً (شرقاً وغرباً) من الكيان الصهيوني العنصري، وليس هناك سيادة على الأرض أو المياه أو الأجواء أو البحار.. وستكون مصيبة لو حضر وزير الخارجية السعودي إلى هذا المؤتمر لأن ذلك سيكون مكسباً كبيراً لإسرائيل وخطوةً كبيرة في إطار التطبيع...

إننا نناشد الدول العربية بما في ذلك سورية عدم حضور هذا المؤتمر، لأنها ستخسر كثيراً في حال الحضور، لأن أحد الأهداف المنتظرة منه هو أن يكون خطوة باتجاه الفصل بين سورية وإيران..