د. ميخائيل عوض (لبنان): «مؤتمر السلام» هو مناورة عدوانية لحلف المهزومين..

• الأستاذ ميخائيل عوض، ما الوظيفة الحقيقية لمؤتمر السلام المزمع عقده في هذا الخريف الحار؟

يبدو من خلال دراسة الدوافع والأسباب، والزمان والمكان، أثر هذه الخطوة ومن خلال تحليل كل المتغيرات والبيئة الاستراتيجية للصراع العربي الإسرائيلي..

ويمكن القول بناءً على كل ذلك، إن المؤتمر تظاهرة إعلامية تهدف من خلالها الولايات المتحدة الأمريكية لتحقيق سلسلة أهداف تكتيكية عابرة لم تترك تأثيرها وهويتها على الصراع العربي الإسرائيلي، والهدف الأول لبوش هو محاولة تلميع وجه وصورة أمريكا في الشرق الأوسط ولدى العرب والمسلمين والشعوب الحرة، بالقول إنه لم يتوقف، بل مازال يبذل جهداً ما من أجل البحث عن تسوية أو التفاوض من أجل حل الصراع العربي الإسرائيلي.

الجهات الداعية والمدعوة إلى المؤتمر وآماله قادرة فقط على إنجاز مجموعة من العلاقات العامة، لأن جميع الحاضرين لا يملكون مفاتيح لدفع الأمر باتجاه مفاوضات جدية، أو البحث عن آليات لتسوية سلمية لهذا الصراع، والجهات الأربع ليس باستطاعتها فعل شيء أو كما يقال إن أربع ضفاف عرجاء ليست بإمكانها إنشاء ضفة سليمة.

الآن أولمرت يعاني من أزمة، هناك تخبط، وهو مطعون بقدراته، على يمينه مجموعة صغيرة صلبة قادرة على إملاء أي شيء على حكومته إذا تجرأ وتفوه أو التزم بتقديم أية تنازلات، وأبو مازن وفياض هم من الضعف بحيث يعجزون عن تمرير أية صيغة للاتفاق تجاوز ما كان قد رفضه عرفات في كامب ديفيد والعرض الذي قدمه باراك آنذاك.

وإدارة بوش تسمى البطة العرجاء، وبعد بضعة أسابيع ستدخل الولايات المتحدة الأمريكية لعبة الانتخابات الرئاسية، حيث تنكفئ وتترك فراغاً.

في خلافاتهما الدبلوماسية أو ما تشبه الدبلوماسية، الموقف المصري والأردني لا يصلح حتى أن يكون مترجماً بين الإسرائيليين والقوى الأخرى، وهم لا يملكون أية إمكانية لذلك.

 • في ظل جولة رايس الأخيرة، وفي ظل النشاط الأمريكي المحموم على أكثر من صعيد وفي أكثر من مكان في المنطقة، هل هناك ترتيب لإعادة خارطة التحالفات بالمنطقة؟

كنت أقصد أن أحد الأهداف المحورية والمركزية لهذا اللقاء هو الاستجابة لاقتراح كان قد تحدث به ما يسمى بالحلف الرباعي أو بالحلف السباعي والذي سمي خطأً بالمعتدلين، لأنه في الحقيقة حلف المهزومين، أو حلف الذين هزموا في حرب تموز، أولئك الذين لم يستطيعوا أن يعلنوا حلفاً ضد سورية وإيران والمقاومات العربية، ما لم يوجد حراك ما على مستوى الصراع العربي الإسرائيلي.

بوش الآن يسحب من يدهم هذه الذريعة، ويدعو إلى تلك الحفلة من العلاقات العامة التي ذكرناها سابقاً، وسبقها التمهيد بعدة خطوات كان أولها تصحيح المسار السعودي وإعلان حلف للتغطية على المشاريع والمخططات العدوانية للولايات المتحدة.

 • إذا كان الأمر كذلك، ونحن نوافقك الرأي، ما المطلوب من قوى الممانعة والمقاومة خصوصاً من سورية وإيران وحزب الله والشارع العربي بوجه عام؟

أولاً رفض حضور المؤتمر والتعامل معه، ثم كشف زيف الدعوة وأهدافها الحقيقية.

ثانياً التوضيح لكل من يسهل أو يشارك في هذا المؤتمر على أنه مؤتمر عدواني.

ثالثاً استنهاض الشارع العربي وتأليبه، والقيام بتحركات افتراضية في وجهه.

رابعاً تصليب حلف المقاومة والممانعة ورفع وتيرته وسقفه كي يكون أيضاً حلفاً معلناً لا يخجل أصحابه من أنهم في معركة للدفاع عن الحق، لا الدفاع عن الإرهاب كما يدعي الأمريكيون والصهاينة.

 • هل هو خيارنا الوحيد؟

ليست هناك خيارات أخرى، فتجربة المائة عام الماضية وخاصة الثلاثين عاماً الأخيرة تؤكد ذلك، فاللاهثون وراء التسويات واستجداء الإسرائيلي والأمريكي لم يحصلوا إلا على المزيد من الإذلال، وحصدوا ضياع الأرض والسيادة والمسجد الأقصى، بينما الرهان على المقاومة الذي بجب أن يصبح نهجاً استراتيجياً أبدياً، هو الذي أنتج تحريراًً غير مسبوق للبنان، وتمكنت المقاومة من إلحاق الهزيمة هي الأولى في درجة قيمتها الاستراتيجية لعدوان عالمي تم بالتعاون بين أمريكا وإسرائيل.

الشعوب العاقلة هي من تتعلم من تجارب غيرها، وأمتنا باتت ملزمة أن تتعلم من تجربتها التي أصبحت تجربة معممة، تجربة المقاومة الشاملة، فالمقاومة هي الخيار الوحيد الذي يعيد الحقوق ويحقق الانتصارات..