آرا خاجادور آرا خاجادور

وداعاً جورج حبش.. يا ربيع الثورة

بعد ساعات قليلة من رحيل المناضل الإنساني العربي الفلسطيني «جورج حبش»، وصلتني تعزية من المناضل أبي نافع من قلب الوطن الجريح العراق؛ العراق المحتل الذي يُقتل فيه العراقيون بالطريقة نفسها التي يُقتل بها أشقاؤهم الفلسطينيون، ومن ذات الجهات وبذات الأدوات، ولذات الأغراض. وهذه هي الرسالة نصاً:

 «ببالغ الحزن وعظيم الكرب تلقينا نبأ رحيل القائد الثوري والمناضل الصلب والعدو الحقيقي للصهيونية والامبريالية الرفيق جورج حبش.

نعزيكم  ونعزي أنفسنا وكل ثوار المعمورة.

 آه كم هي كبيرة لوعتنا نحن أبناء شعب العراق حيث تخلو ساحتنا داخل الوطن اليوم من قائد ثائر بحجم الراحل الكبير.

المجد والخلود والذكر الطيب لحكيم الثورة الفلسطينية».

نقلت رسالة أبي نافع حزني من وضع إلى آخر، فسألت: لماذا يتبادل الشيوعيون العراقيون الحقيقيون التعازي على رحيل مناضل قومي أصيل وماركسي حقيقي؟ وهذا السؤال يعني أننا ربما بدأنا بتلمس جرحنا الذي يؤكد أهمية تعاون التقدميين على اختلاف توجهاتهم السياسية ومنطلقاتهم الفكرية، ويدعو إلى الأخذ بأسلوب الحكيم الثوري، القائم على الثقة الواعية والاحترام المتبادل، لقد كان المناضل الكبير يتعامل بذات الدفء والإخلاص مع كل أطراف حركة التحرر الوطني العربية، وكان يتعامل مع الآخرين كما يتعامل مع نفسه ورفاقه، وقد لمست شخصياً من البطل الفلسطيني التواضع الثوري في القول والعمل، حيث كان يركز في تناوله على الهموم الخاصة بشعبه المناضل، ولا يقدم العظات للآخرين، وقد حافظ الراحل على تواضعه في ذروة المد الثوري، وكان واضحاً للغاية في تحديد هدفه، كما كان يمقت الحذلقة والمساومات، وعاش هموم شعبه عن قرب.

أقول اليوم، وأنا على ثقة تامة من أن دور رجل مثل جورج حبش لا ينتهي بمغادرته هذه الدنيا: سيظل الراحل ملهماً لكل الطامحين إلى العدل والحرية. ولا أجد حرجاً هنا في استعارة بعض ما قاله السيد طلال سلمان عن الحكيم في (السفير) 28/1/2008، حيث قال: «... لم يكن جورج حبش سياسياً، بالمعنى المألوف للكلمة... ربما لهذا لم يتحرج من تبديل الإيديولوجيا، ولكن دائماً بهدف استنقاذ الحلم: تحرير فلسطين... لكنه عاش مناضلاً في مختلف الساحات. وعاش دائماً حيث يفرض عليه النضال». أؤكد، كابن بلد يعيش تحت وطأة الاحتلال، بأن الإخلاص بحد ذاته قوة جبارة في ساحات النضال، والحكيم الراحل كان عصارة إخلاص..

تحياتي وعزائي لعائلة الفقيد، ولكل رفاق دربه، وكل الطامحين إلى حشد القوى الخيرة في معركة العدل ضد الظلم والسيادة ضد الاحتلال.

ستظل فلسطين عموداً باسقاً وعالياً في خيمة الشعوب الحية، المناضلة، والمحبة للكرامة والسلام.

نم قرير العين أيها الأخ والرفيق والصديق الكبير.. ولن تخلو الدنيا من ربيعها.

نثق معاً بأن للشعوب عودتها... والعود أحمد.

المجد لك.. والصبر لعائلتك ورفاقك ومحبيك..

كانت حياتك تستحق كل التقدير، وهل يطمح المناضل إلى أكثر من ذلك؟

آخر تعديل على الخميس, 24 تشرين2/نوفمبر 2016 12:14