الكوكب في حالة حرجة.. الجنس البشري مهدد
في الخامس والعشرين من تشرين الأول الماضي، أطلق برنامج الأمم المتحدة البيئي تقرير جيو 4، وهو حصيلة لحالة البيئة العالمية. يتألف التقرير من 524 صفحة مقسمة إلى ستة أقسام رئيسية توافق عشرة فصول: في مطلع كل فصل، تضم صفحتان الرسائل الرئيسية الموجهة لحكومات العالم حول السياسات الواجب الترويج لها بهدف استعادة البيئة وإنقاذ الكوكب والبشرية.
جيو.. التحكم بالبيئة
جيو 4 هو الأخير في سلسلة تقارير بعنوان: «مستقبل البيئة العالمية (جيو)» «أطلقها في العام 1995 مجلس إدارة برنامج الأمم المتحدة البيئي لتحقيق إحدى مهام البرنامج، أي متابعة حالة البيئة العالمية. يستند تقرير جيو إلى استشارات عالمية واسعة، وهو يقدم معلومات حول اتخاذ القرارات، ويساهم في منظومة الإنذار السريع ويعزز قدرة التقييم على المستويات العالمية وتحت الإقليمية. كما أنّ جيو عملية تواصل تهدف إلى تحسيس الجمهور حول مسائل البيئة وتقديم خيارات لاتخاذ القرارات.
يقيم تقرير جيو 4 الوضع الحالي لجو الأرض والمياه والتنوع الحيوي، ويصف التغيرات الحاصلة أثناء العقدين الماضيين ويحدد أولويات الأفعال الواجب القيام بها. جيو 4 هو تقرير الأمم المتحدة الأكمل حول البيئة حتى الآن. وقد قام بتحضيره 390 خبيراً وراجعه أكثر من ألف خبير ينتمون إلى كافة الاتجاهات في العالم.
وبالفعل، يقترح جيو 4 حصيلةً للتقدم الحاصل في مكافحة عملية تدهور الأنظمة البرية والبحرية وتدميرها منذ تقديم تقرير برونتلاند إلى الجمعية العمومية للأمم المتحدة في تشرين الأول 1987. وفق البيان الصحفي الذي صدر في تلك المناسبة، تتواصل أخطر مشكلات الكوكب، ولاسيما التغير المناخي ومعدل انقراض الأجناس والتحدي المتمثل في تغذية سكانٍ يتزايد عددهم. هذه التهديدات تمثل بعض المشكلات العديدة التي لم تحل والتي تعرض البشرية للخطر.
«يستعيد جيو 4 إعلان مفوضية برونتلاند الذي نصّ على أنّ العالم لا يواجه أزماتٍ منفصلة.. أزمة التنمية وأزمة الطاقة هما أزمة واحدة. وهذه الأزمة لا تتضمن التغير المناخي ومعدلات الانقراض والجوع وحسب، بل كذلك مشكلات أخرى مرتبطة بنمو عدد السكان وزيادة استهلاك الأثرياء ويأس الفقراء. إليكم بعض الأمثلة الواردة في التقرير:
• تناقص مخزون الأسماك.
• خسارة الأراضي الخصبة عبر التدهور.
• ضغط غير مستدام على الموارد.
• انخفاض كمية المياه العذبة المتوافرة للتقاسم بين البشر وبين الكائنات الأخرى.
• خطر اجتياز التدهور البيئي نقاط اللاعودة.
كما يحذّر جيو 4 أيضاً من أننا نعيش فوق إمكانياتنا. لقد وصل عدد السكان في العالم حداً أصبحت فيه «كمية الموارد اللازمة لإعالتهم تتجاوز الموارد المتاحة.. يبلغ وسطي مساحة الأرض لكل فرد 21.9 هكتاراً، في حين تبلغ القدرة الحيوية لكوكب الأرض وسطياً 15.7 هكتاراً فقط لكل فرد».
حصيلة 1987-2007
منذ العام 1987، ازداد عدد سكان الأرض بنسبة 34 بالمائة. أكثر من نصف هؤلاء السكان يعيش الآن في المدن، وهذا يؤدي إلى إبعادهم المتزايد عن العالم الحقيقي للإنتاج الغذائي الأساسي وعن البيئة الطبيعية. وقد تضاعفت التجارة العالمية ثلاث مرات وازداد الدخل الوسطي للفرد بنسبة 40 بالمائة. في العام 2007، أصبحت التباينات الاقتصادية والاجتماعية أكثر بروزاً؛ إذ يتجاوز الدخل السنوي لمليار شخص يعيشون في البلدان الغنية 15 ضعف الدخل الكلي لـ2.3 مليار شخص هم الأكثر فقراً في العالم. تنضب مصادر الطاقة، وتتفاقم الأضرار الناتجة عن فرط الاستهلاك؛ كما أنّ نهراً من كل عشرة أنهار لا يصل البحر عدة أشهر في السنة؛ وحوض الأمازون يصبح أكثر جفافاً، وهو الحوض الذي يؤوي نصف التنوع الحيوي في الكوكب.
ارتفع متوسط حرارة الكوكب بمقدار 0.7 درجة مئوية منذ العام 1850 وبمقدار 1.4 درجة في أوروبا، ومن المتوقع أن يزداد بمقدار 1.8 إلى 4 درجات ببلوغ العام 2100. تؤدي هذه الزيادة في وسطي درجات الحرارة إلى ذوبان الجبال والكتل الجليدية القارية والمحلية، ويقدر ارتفاع وسطي مستوى البحار ببلوغ العام 2100 بمتر. وقد تسارع ذوبان الكتل الجليدية في القطب الشمالي أثناء الأعوام الماضية مع تناقصٍ قدره مليون كيلومتر مربع، أي نحو 23 بالمائة من مساحته الكلية. ففي أيلول الماضي، لم يعد الجليد يغطي إلا أربعة ملايين كيلومتر مربع من المحيط المتجمد الشمالي، أي بنقصٍ قدره 23 بالمائة مقارنةً مع الرقم السابق البالغ 5.3 كيلومتر مربع المسجل في العام 2005، وفق منظمةٍ بيئية كندية. تعادل مساحة الجليد الذائب تقريباً مساحة مقاطعة أونتاريو أو مساحة بلدٍ مثل إفريقيا الجنوبية.
في حال ذاب جليد غرونلاند القاري بأكمله، سيؤدي ذلك إلى ارتفاعٍ قدره سبعة أمتار في مستوى المحيطات، وستكون لذلك عواقب مأساوية على أكثر من 60 بالمائة من سكان العالم الذين يعيشون على بعدٍ يقل عن 100 كيلومتر من السواحل ومصبات الأنهار.
حتى مع تطبيق بروتوكول كيوتو منذ العام 1988، أصبح ثقب طبقة الأوزون فوق القطب الجنوبي أكبر منه في أي وقتٍ مضى. وترتفع مستويات الأوزون في التربة في كافة أرجاء نصف الكرة الشمالي. إنّ فرط تمركز السكان في المدن الكبرى كمكسيكو وساو باولو والقاهرة وجاكرتا، وكذلك الشروط السائدة في المدن الكبرى شمال شرق الولايات المتحدة الأمريكية، مع الاستخدام المتزايد للسيارات، تساهم في تدهور نوعية الهواء. وهكذا، يموت مليونا شخص قبل أوانهم كل عام بسبب تلوث الهواء الداخلي والخارجي.
تؤدي زيادة حرارة الكوكب إلى زيادة درجة حرارة المياه السطحية في المحيطات، ما يؤدي أيضاً إلى عواقب ضارة على الأنظمة البيئية البحرية، ولاسيما على الشُعُب المرجانية. وفق مجموعة الخبراء الحكومية حول تطور المناخ (GIEC)، مع ارتفاع حرارة المحيطات بمقدار درجتين إلى ثلاث درجات مقارنةً مع العام 1990، ستتعرض الشعب المرجانية إلى (موتٍ على مستوى واسع). يتسارع هذا التدهور، الناتج أساساً عن ظاهرة طبيعية، بسبب النشاطات البشرية التي ربما تضعف أيضاً تلك الشعب، فتجعلها أكثر حساسيةً للظواهر الطبيعية. وفق برنار سالفا، الأستاذ في جامعة بيبينيان والأخصائي في علم البيئة المداري، من أصل مساحة كلية قدرها 600 ألف كيلومتر مربع من الشعب والبحيرات المرجانية، تقدّر نسبة الشعب المرجانية المدمّرة تدميراً نهائياً أو ليس لديها فرصٌ كبيرة للنمو من جديد بنسبة 20 بالمائة، في حين يعيش 25 بالمائة منها وضعاً حرجاً، و25 بالمائة منها مهددة، و30 بالمائة فقط وضعها مرضٍ.
من أجل إنقاص التأثيرات الناجمة عن التغيرات المناخية، يؤكد جيو 4 على ضرورة إنقاص إصدار الغازات الناتجة عن استهلاك الطاقة في وسائل النقل وقطاعات الإنتاج الزراعي والغابي. ويشير التقرير إلى قلة الجهود المبذولة في هذا الاتجاه منذ العام 1987، ما أدى إلى زيادة الإصدارات بوتيرةٍ مستمرة تظهر رداً خجولاً على الالتزامات المتخذة في إطار بروتوكول كيوتو. ويخلص التقرير إلى أنّ استهلاك الطاقة الناتجة عن مكامن النفط والغاز والفحم تزداد باستمرار بسبب نمو عدد سكان الأرض الذين يستهلكون مقداراً أكبر من الخيرات والمنتجات ويسافرون أبعد فأبعد ويميلون إلى مزيدٍ من استخدام السيارات الشخصية. وبالفعل، فإنّ عدد السيارات في العالم قد تضاعف تقريباً في العقدين الأخيرين، متجاوزاً في العام 2005 ثمانمائة مليون وحدة، أي سيارة لكل ثمانية من سكان الأرض، وازداد عدد الكيلومترات التي يحلقها الطيران المدني بنسبة 76 بالمائة بين العامين 1990 و2000، في حين ارتفعت الحمولات البحرية من 4 إلى 7 مليار طن بين العامين 1990 و2005 وفق ما ذكره التقرير. ومن المناسب أن نضيف إلى هذه المعطيات معطيات الطيران العسكري ذات الاستهلاك الكبير للوقود.
المياه. التوترات تتفاقم
في تقرير برنامج الأمم المتحدة البيئي للعام 1992، أشار في نهاية تحليله لحالة الموارد المائية في العالم إلى أنّ مسألة المياه ستكون في قلب انشغالات سكان العالم في العقود الأولى من القرن الحادي والعشرين، مثلما كانت عليه حالة الطاقة في السبعينات (تولبا، م.ك. ومعاونوه، 1992).
وبالفعل، وفق جيو 4، «لا تتوافر لدى 2.6 مليار نسمة حتى الآن، في العام 2007، تجهيزات تنقية ملائمة. فضلاً عن ذلك، يشير التقرير إلى أنّ 1.8 مليار نسمة سيواجهون ببلوغ العام 2025 نقصاً في المياه على الرغم من ارتفاع التوصل إلى تزودٍ أفضل بالمياه من 78 إلى 82 بالمائة من سكان العالم بين العامين 1990 و2000 ومن ارتفاع مستوى الحصول على تنقيتها من 51 إلى 61 بالمائة... سوف يتواصل ارتفاع استهلاك الماء، ما سيؤدي ببلوغ العام 2025 إلى استخراج 50 بالمائة في العالم النامي و18 بالمائة في العالم المتطور».
تتأثر بعض المناطق بنقص المياه تأثراً شديداً، وهذه هي بصورة خاصة الحال في حوض المتوسط وجنوب إفريقيا وجنوب شرق آسيا، تلك المناطق التي تشهد فترات جفافٍ أطول زمناً. في مجمل العالم النامي، يموت ثلاثة ملايين نسمة كل عام بسبب استخدام مياه ملوثة.
وفق تقرير لجامعة الأمم المتحدة نشر في حزيران الماضي، «يمثل التصحر الذي تفاقمه التغيرات المناخية أكبر تحدٍ بيئي في عصرنا»... ويحذّر هذا التقرير من أنّه سيتوجب على الحكومات مواجهة هجرات سكانية كبيرة في حال لم تتخذ سياساتٍ لمكافحة هذا التصحر.
إنّ ثلث سكان الكوكب، أي نحو ملياري نسمة، هم ضحايا محتملون لتأثيرات التصحر. يحذّر التقرير من أنّ نحو 50 مليون نسمة ربما يهاجرون من مناطقهم بسبب ذلك في السنوات العشر القادمة.
ويخلص تقرير جيو 4 إلى أنّ «رفاه السكان وصحة الأنظمة البيئية يتأثران تأثراً كبيراً بالتغيرات المناخية الملاحظة في دورة المياه في عدة أماكن، وذلك بصورة رئيسية بسبب الضغط الذي تمارسه النشاطات البشرية». وفق التقرير، تتأثر دورة المياه على مستوى القارات أو الأقاليم أو المحيطات تأثراً شديداً بالتغيرات المناخية الجارية على مدى طويل، مهددةً بذلك أمن البشر. تؤثر هذه التغيرات على درجات الحرارة في القطب الشمالي والكتل الجليدية، بما في ذلك المحلية منها، كما تؤثر على معدل ملوحة وحموضة مياه المحيطات، وعلى معدل مستواها، ونماذج توزع الهطولات، والظواهر المناخية الأكثر تركزاً وربما حتى على التنقل العام لمياه المحيطات.
تضاف إلى ظواهر الندرة المتزايدة للمياه في بعض مناطق الكوكب المذكورة أعلاه مظاهر تتسم بأحداث مناخية قصوى كما هي حال الأعاصير المدارية أو الزوابع أو العواصف التي تتضمن هطولات كبيرة في حوضٍ مائي، أو على سفحٍ جبلي أو في منطقة قليلة الامتداد غير مزودة بغطاء حماية من الغابات. لقد أصبح حدوث هذه الأحداث قاعدةً بحيث أصبح صعباً القيام بتنبؤات جوية جديرة بالثقة.
التنوع الحيوي. معدل انقراض مرتفع
على الرغم من توصيف مليوني نوعٍ حتى الآن، يعتقد أنّه يوجد 5 إلى 30 مليون نوع على الأرض. إنّ تغيرات التنوع الحيوي الحالية هي الأسرع في تاريخ البشرية بسبب التأثير المتعاظم للنشاطات البشرية على مناطق الحياة، ولاسيما على الغابات الرطبة المدارية ومناطق الغابات الأخرى التي يجري تحويلها إلى حقول للزراعة والسهول الساحلية والأنظمة البيئية الساحلية. تؤدي هذه الظاهرة إلى زيادة سريعة في معدل انقراض الأنواع يبلغ اليوم سرعة أكبر مئة مرة من تلك التي تشير إليها الأحفورات.
ربما تصل معدلات الانقراض 1000 إلى 10000 ضعف ما عرفناه في الماضي. يعتبر أكثر من 16000 نوع مهدداً. ومن بين مختلف مجموعات الفقاريات التي قيمت بصورة شمولية، 30 % من الضفدعيات و23 % من الثدييات و12 % من الطيور مهددة بالانقراض.
تزايد الاستهلاك أكثر من ثلاثة أضعاف بين العامين 1961 و2001. وقد ركد الصيد الفردي أو انخفض انخفاضاً بسيطاً منذ الثمانينات. أدى الدعم إلى نشوء طاقات صيدٍ مفرطة، تزيد وفق التقديرات بنسبة 250 % عن القدرة اللازمة لإجراء توازن مستدام في المحيطات.
الخلاصة
منذ مؤتمر البيئة البشرية المنعقد في ستوكهولم في العام 1972، تطورت حركة عالمية تهدف إلى كبح عملية تدهور وتراجع وتدمير مناطق الحياة والجماعات البشرية المعتمدة عليها لضمان بقائها. نحو أربعة عقود لإدراكٍ أقوى فأقوى في ما يخص التهديدات التي تفرضها الصناعة وأسلوب الحياة المستهلك للطاقة الذي تفرضه البلدان الغنية على القدرات الداخلية لإعادة تجدد موارد الحياة. أكثر من أربعين عاماً لتعيين استراتيجيات وخطط ولاستخلاص وتطبيق تفاهمات شاملة ولا يزال لدينا الانطباع بأننا لم نفهم جيداً بعد مدى التهديدات الجاثمة على مستقبل المحيط الجوي والبشرية.
نجد في الخلاصة الحالية رسماً لأربعة أشكال ممكنة من مستقبل التنمية للكوكب والبشرية ببلوغ العام 2050. فإما أن يتحسن وضعهما أو سيتدهور وفق الخيار الذي تقوم به القوى السياسية والاقتصادية المسيطرة المتحكمة بحكومات العالم. هذه الخيارات الأساسية الأربعة، السيناريوهات أو أشكال المستقبل الممكنة هي التالية:
1) تبني نموذج مجتمع ملبرل، مبني على السوق أولاً؛ في هذا السيناريو، كثيرون هم الذين «يقدرون أنّ أشكال الخلل الملاحظة في الأنظمة الاجتماعية والبيئية والمناخية تنذر بانهيارات مستقبلية أشد وأكثر اتساعاً».
2) البديل الثاني (السياسة أولاً): هو أن تقوم الدول المجهزة بمؤسسات قادرة على أن تأخذ على المدى الطويل بالحسبان الكلف البيئية والاجتماعية في تعريف سياسات تنمية اقتصادية، أن تقوم بتطبيق نموذج حوكمة مسؤول.
3) الطريق الثالث: هو طريق تصورٍ للعالم يحابي مبادئ السوق والأمن (الأمن أولاً)، ويبدو أنه الطريق الذي يتحكم حالياً بمجمل النشاطات البشرية. مثله مثل السيناريو الأول، هذا الطريق هو طريق نظام تسلطي تقيمه على المستوى العالمي القوة والعنف المسلح بهدف حماية أكثر الأسواق قوةً وثراءً، مع الإبقاء على التمييز بين الشمال والجنوب.
4) الخيار الرابع هو خيار الاستدامة (الاستدامة أولاً). إنّ هذا النموذج الذي جرى رسمه في الاستراتيجية العالمية للبقاء في العام 1980 ثم في تقرير برونتلاند في العام 1987، وبعد ذلك أثناء القمم العالمية في السنوات العشرين الماضية، يفرض تصوراً أكثر رؤيويةً للمستقبل نفسه، حيث تشجع التغيرات الجذرية في طريقة تواصل البشر مع بعضهم ومع العالم المحيط بهم (مزيد من الود والتضامن). تشجع على تبني الشركات الكبرى لسياسات تنمية مستدامة وسلوك مسؤول. هنالك تعاون أكثر ثراءً بين الحكومات والمواطنين والأطراف الأخرى المعنية في القرارات المتخذة حول المسائل ذات الاهتمام المشترك. يظهر توافق حول ما ينبغي فعله لتلبية الحاجات الأساسية وتحقيق الأهداف الفردية دون تأثير على مستقبل الآخرين، ولا على آفاق الازدهار».
سيسمح تطبيق السيناريوهين 2 و4 بلجم عملية التدمير المتسارعة وتصور حلول قادرة على أن تحيد على المدى الطويل النشاطات أو المشاريع التنموية التي لا تمضي في مصلحة الجماعات البشرية في مجملها. يتمثل تحدي القرن الحادي والعشرين في وضع نهاية للتمييز بين الشمال والجنوب، وبالتالي لعملية المركزة المفرطة للثروة الجماعية في بضعة أيدٍ. إذا لم يفعل شيء للمضي في هذا الاتجاه، يصعب تصور مجيء نظام اقتصادي عالمي عادل، وأمن جماعي أكبر، وبناء السلام بين الأمم ورؤية مجمل السياسي مكرساً من الآن فصاعداً للتطور الاقتصادي والاجتماعي.
على سبيل الاستدلال، يشير التقرير إلى أنّ 13% من كافة الأنواع الأصلية ستختفي بين العامين 2000 و2050 مع سيناريو السوق أولاً، في حين أنّ سيناريو الاستدامة أولاً سيشهد انقراضاً أقل بنسبة 8 بالمائة. سوف يصل تركيز إصدارات غاز ثاني أوكسيد الكربون في الغلاف الجوي إلى 560 جزيء في الألف في العام 2050 مع سيناريو السوق أولاً، في حين سيصل إلى 460 جزيء في الألف مع سيناريو الاستدامة.
يخلص برنامج جيو 4 إلى أنّه «إذا كان يتوجب على الحكومات أن تكون في الصف الأول، فالفاعلون الآخرون لا يقلون أهميةً للنجاح في الوصول إلى التنمية المستدامة. سوف نفهم بصورةٍ أفضل التحديات الحالية، وقد آن أوان العمل بسرعة لإنقاذ بقائنا وبقاء الأجيال المقبلة.
أخيراً، من الهام التذكير بالشروط اللازمة لضمان أمن الفضاء الجوي. العمل دون هوادة في نزع السلاح الشامل والكامل. التثقيف في مجال البيئة وفي مجال الحل السلمي للنزاعات. إصلاح البيئة وحماية التنوع اليبيولوجي في مكانه. اجتثاث الفقر، وأخيراً، حماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية.
جول دوفور:
حاصل على شهادة الدكتوراه، أستاذ ذو كرسي في جامعة كيبيك، رئيس لجنة تنسيق الحديقة البحرية في ساغناي سان لوران وعضو مفوضية المناطق المحمية في الاتحاد الدولي للطبيعة.