ميخائيل عوض لـ«قاسيون»: المعارضة نجحت في إعادة «كرة النار» إلى حضن الموالاة

• المحلل الاستراتيجي،الأستاذ ميخائل عوض  هناك من يدعي أن ترشيح العماد ميشال سليمان قد أربك المعارضة، فكيف تردون على ذلك؟
الترشيح لم يربك المعارضة،  وإن كان تكتيكاً ذكياً متقناً من فيلتمان ورهطه في لبنان، ولم يربك المعارضة لسببين عمليين أولاً: لأن ميشال سليمان كان من بين المرشحين الأساسيين لدى المعارضة، وفي عودة حلف فريق 14 آذار لترشيحه إقرار بمقدمات لهزيمة لن تقف عند هذا الحد، وهذا يقوي حدود المعارضة وأدواتها، ثانياً: لأن الجنرال عون نجح بإعادة إلقاء كرة النار إلى حضن فريق الموالاة عندما ربط الموافقة والترشيح بمبادرته، وفي مقدمتها ضرورة الاتفاق على مرشح توافقي لرئاسة الحكومة وبرنامجها وتركيبتها، ومشروعها السياسي لقيادة البلاد خلال المرحلة المقبلة.

• من الملاحظ وتأكيداً لكلامك أن فريق الموالاة يريد تمرير الاستحقاق الرئاسي خلسة تحت عنوان «التوافق» ولكن هذا الفريق يتهرب من نقاش مطالب المعارضة حول الاستحقاقات الأخرى، بما فيها الحكومة، والتوجهات السياسية اللاحقة ولاسيما بخصوص سلاح المقاومة؟
بالتأكيد لديه مناورة متقنة يسعى لتحقيق سلسلة أهداف من خلالها. الهدف الأول: هو إرباك المعارضة، ولم يتسن له ذلك. الهدف الثاني: محاولة التأثير على حجم الالتفاف الشعبي المسيحي الكبير جداً حول عون، ولا يستطيع تحقيق هذا الهدف. الهدف الثالث: هو المناورة بمرشح توافقي تحت هذا العنوان ينتزع برنامجه هو. ويقوم بذلك فيما لو قبلت المعارضة بأن يعالج مشكلة الفراغ الرئاسي، فيلقي الكرة في مرمى المعارضة، وتحديداً المعارضة المسيحية، ليمرر قراراته ومخططاته الهادفة إلى الإمساك بالمؤسسة الدستورية عبر الحكومة، وإعادة هيكلة المؤسسة العسكرية، وباقي المؤسسات المدنية ويهدف على نحو مواز إلى إشغال الساحة بسلسلة من المبادرات المفاجئة لإملاء حالة من الفراغ بينما يكون هدفه الحقيقي هو خلق ما يسمى بتكتيك تقادم الأمر الواقع بحيث تحمى هيمنة وتسلط حكومة السنيورة إلى أطول مدى ممكن. أفترض أن كل هذه المحاولات مكشوفة لدى المعارضة ولن تجعلها تمر بتوازن قوى يتعزز يومياً على المستوى الإقليمي والعناصر التي تؤثر في الأزمة اللبنانية وداخل الأزمة اللبنانية لصالح المعارضة.
• ما الأسباب العميقة لتراجع فريق 14 شباط عن خيار النصف +1؟
قوة وصلابة المعارضة، وإنذارها نظرياً وعملياً بأن خطوة من هذا النوع تعني أن هناك رئيساً غاصباً للسلطة (التعبير للسيد حسن نصر الله) والمفهوم بأن رئيساً غاصباً للسلطة يجب مقاومته وإسقاطه بما في ذلك إسقاط النظام وهياكله فيما لو سعى فريق 14 شباط بإرادة أمريكية لوضع يده قسراً عن المؤسسة الدستورية في لبنان. وعندما تبين لفيلتمان ولفريقه/غلمانه إن هذا أمر جدي للمعارضة سحبوا هذه الخطوة وذهبوا إلى إشغال فترة الاستحقاق بمناورة فرنسية عربية وصولاً للفراغ وهو هدفهم الأساسي، وعندما تبين لهم أن الفراغ سوف يكون في غير صالحهم يحاولون الآن إشغال الساحة بمناورة ترشيح قائد الجيش.
• وبهذا المعنى هل يعد هذا التراجع حركة تكتيكية أمريكية، إلى حد ما؟
هو تراجع تكتيكي لكنه يتقدم كإرهاص يشير إلى احتمال قدرة المعارضة على دفعهم إلى المزيد من التراجعات إذا انتظم جهدها وعرفت ما تريد وامتلكت برنامجاً للحكم.
• ما رأيكم بأوهام الموالاة بأن لقاء أنابوليس يحجّم خيار المقاومة في لبنان وبالتالي الوصول إلى ما عجز عنه العدوان الصهيوني في عدوان تموز قبل الماضي؟
بكلمة واحدة، «أمل إبليس بالجنة»، عندما يذهب إبليس إلى الجنة يحققون هذا الحلم.
• وكيف تقيمون تراجع التحالف الأمريكي ـ الصهيوني ـ عن عناوين أنابوليس حول تحديد سقف زمني للمفاوضات الإسرائيلية مع فريق السلطة برام الله؟
الأولوية المطلقة لدى إدارة بوش المتصدعة ومنتهية الصلاحية هي حماية الكيان الصهيوني. وتالياً فإن ما يقوله أولمرت ينفذه بوش تفصيلياً وحرفياً. افترضوا أن المؤتمر سيكون منصة يستندون إليها لإطلاق ديناميات جديدة. عاد أولمرت إلى فلسطين المحتلة ووجد مقاومة حقيقية من اليمين الصهيوني فأدى ذلك إلى تعديل في مشروعهم وخططهم. أولمرت خضع لمطالب اليمين وبوش يعمل «باشكاتب» عند أولمرت فكان أن قُدم مشروع قرار مجلس الأمن وما جرى تحته بطريقة دلت على حجم تهافت إدارة بوش وعملها بأوامر أولمرت.
• هناك تداع آخر، وبعد أنابوليس تجري محاولات تجديد الحصار على إيران، واجتماعات لندن 5+1، فما هي سبل الرد من جانب مجموعة المقاومة الممانعة في المنطقة لتعميق أزمة المشروع المعادي وإلحاق الهزيمة به؟
السؤال المطروح بالفعل أنه هل فعلاً لدى الغرب والإدارة الأمريكية قدرة على الاعتداء على إيران بعد أن بلغت ما بلغته.. وبعد أن صار حلف الممانعة والمقاومة هو العنصر الأساس في توليد الأحداث الجارية في المنطقة وعلى المستوى الإقليمي والعالمي. إذا كانت أمريكا وإسرائيل قادرة على توجيه ضربة لإيران يكون ما هو جار بمثابة تأهيل وتمهيد للطريق وتأمين مسرح العمليات، وإذا كان الجواب من حيث المبدأ أن أمريكا وإسرائيل أعجز من أن تقوم بهذا العمل تكون المحاولة هي الاستثمار في المناخات الإعلامية الافتراضية التي خلقت قبل وأثناء وبعد مؤتمر أنابوليس.
• سؤال أخير ما وضع النظام الرسمي العربي الآن بعد أنابوليس وتداعياته وصمود المقاومة في لبنان وصمودها في فلسطين رغم كل المآسي هناك؟
يكشف (هذا النظام) أنه أجير يعمل عند أجير، هذا التعبير الذي استخدمه الرئيس بشار الأسد وقامت القيامة بعده آنذاك! الآن الوقائع تشير إلى هذا الاتجاه (عبد مأمور عند عبد مأمور).