وكالات وكالات

أسوأ هبوط للاقتصاد الأمريكي منذ 1929

مع انخفاض الاستهلاك والتصدير، انخفض إجمالي الناتج القومي الأمريكي بمعدل سنوي 6.2 % في الربع الأخير من عام 2008، وفقا لتقرير وزارة التجارة. كان التقدير الأول لإجمالي الناتج القومي الذي صدر في كانون الثاني قد أعلن عن نسبة انخفاض 3.8 %. إن الأرقام الحديثة الصادرة- والتي تمثل أشد انحدار منذ أعماق الركود الاقتصادي في عام 1929- دفعت الاقتصاديين إلى التشاؤم. حتى وقت قريب، كان يدفع العديد منهم أمل بنهوض الاقتصاد في عام 2009، أما الآن فلايوجد في الأفق دلائل على نهوض الاقتصاد من ركوده في هذه السنة. إضافة إلى البيان الجديد المعدّل لإجمالي الناتج القومي، تدلّ المؤشرات الاقتصادية للشهرين الأولين من هذه السنة على استمرار زيادة حدّة الركود. في كل أسبوع من أسابيع شباط ملأ أكثر من 600000 عامل استمارات بطالة، وارتفع معدل البطالة من 7.2 % في كانون الأول إلى 7.6 % في كانون الثاني.

قالت كريستينا رومير، رئيسة مجلس مستشارين اقتصاديين، في اجتماع اقتصادي الجمعة برعاية جامعة شيكاغو وجامعة برانديس «سيكون الربع الأول من هذه السنة سيئاً» موضحة أن مسؤولي إدارة أوباما يراقبون بقلق عميق ماذا يجري حول العالم. تضررت الولايات المتحدة من التزامن في الانكماش الاقتصادي العالمي الحالي. انخفض التصدير بمعدل سنوي 24 % مقارنة مع 20 % أعلن عنها سابقاً.
خلال ذلك، يبدو أن اقتصاديات العالم الأخرى هبطت بشكل حقيقي في الربع الأخير. فقد أعلنت الهند عن انخفاض نمو إجمالي إنتاجها القومي في الربع الأخير أكثر مما كان متوقعاً، بينما قالت اليابان إن إجمالي دخلها القومي تقلص بأكثر من 12 %.  هبط أيضا النمو في أوروبا بمعدل سنوي 5.9 %. هذه الأرقام تعني بأن الولايات المتحدة لاتستطيع الاعتماد على شركائها التجاريين في شراء بضائعها والمساعدة على إنقاذ وتعويم نشاطات الشركات والأعمال الأمريكية التي تغرق.
انخفض الاستثمار الخاص في كل المجالات بمعدل سنوي 21 % في الربع الأخير. إن هذا مؤشر سيء بالنسبة للربع الأول من هذه السنة، حيث أن تقليص النفقات في شركة ما قد يؤدي إلى أن تفعل الشيء نفسه شركة أخرى. من خلال حزمة التحفيز المالي الاتحادية. عرضت إدارة أوباما في ميزانيتها خططاً أكثر ورديّة من معظم تنبؤات القطاع الخاص الذي يقول إن أفضل ماتستطيع أن تفعله التحفيزات الاقتصادية هو أن تمنع تحول الركود إلى انهيار تام وكامل في الاقتصاد على غرار ماحدث في الانهيار الاقتصادي الكبير في مطلع ثلاثينيات القرن الماضي. يقول جوشوا شابيرو، وهو مدير اقتصادي في مؤسسة البحوث «ام اف آر، آي ان سي»: «لاتوجد طريقة نتمكن بها من تفادي ركود اقتصادي عميق وطويل». وبالمثل يتنبأ غونراد ديكادروس، الاقتصادي الأول في «آر دي كيو ايكونوميكس» في نيويورك، بأن «معافاة بطيئة ضعيفة للاقتصاد ستكون عام 2010».
خفف مسؤولو البنك الفدرالي في الأيام القليلة الماضية من تفاؤلهم السابق بنهوض الاقتصاد هذه السنة، قائلين بأنهم ما زالوا يتوقعون النهوض، لكن هذا يعتمد بشكل حيوي على نجاح المسؤولين في إصلاح النظام المالي المعطوب.
عانت المتاجر بقسوة وبشكل خاص في الربع الأخير حيث انخفض الاستهلاك خلال موسم الأعياد الفترة الحاسمة بالنسبة لها. أظهر تقرير إجمالي الناتج القومي الصادر عن وزارة التجارة بأن الانفاق الاستهلاكي على البضائع غير المعمرة، كالإنفاق على الطعام واللباس، قد انخفض بمعدل سنوي 9.2 %.  كانت الأرقام السابقة التي أعلنتها الوزارة هي 7.1 %. رد التجار على هذا الانخفاض الكبير بتسريح العمال وإغلاق المتاجر وتخفيض النفقات مما أدى إلى إضعاف أكثر للاقتصاد.
ساعد الإنفاق الاتحادي على تخفيف حدة انخفاض إجمالي الناتج القومي، لكن ذلك الإنفاق كان معادلاً لانخفاضه على مستوى الولايات والمدن التي أرهقها انخفاض ضرائب المبيعات وضرائب الدخل والملكية  وحمّل ميزانياتها أسوأ عجز منذ أجيال وأجبرها على تسريح عمالها وموظفيها والقيام بتخفيض النفقات وإلغاء البرامج التي كانت في أحوال طبيعية غير قابلة للمس كالنفقات والبرامج المتعلقة بالمدارس وقوات الشرطة.

ترجمة حسين علي - بوسطن