«حكمة الأمير» تعرف بواطن الأمور
كان شهر أيار الماضي شهراً قطرياً بامتياز، فبعد دور قطر «البارز» في مؤتمر القمة، كان أمير قطر يستقبل ليفني وزيرة خارجية إسرائيل وترافق الاستقبال بالحفاوة البالغة وقدم بصورة استعراضية، لكن لشهر أيار حلاوة تاريخية عند أمير قطر وحكومته، فقد وضعه في مصاف السياسيين الكبار وذوي التأثير والحكمة التي تعمقت بزيارة ليفني.
غريبة بعض الوقائع، فذلك الدور القطري متعدد الوجوه المتناقضة والتي، كما يقولون، تحتاج إلى «مندل» كي يجمعها، لكن الذي يبدو مستغرباً، وهو في جوهره غير مستغرب، أن الجميع هلل وحمد وشكر أمير قطر، الدول العربية وإيران، الدول الأوروبية، وحتى الولايات المتحدة وروسيا، الوطنيون والتقدميون والديمقراطيون والعملاء والمرتبطون و... وكلهم شكروا قطر ورددوا «كيف إذا كان الأمر قطر وليس قطرة».
كل الأحزاب والشخصيات الوطنية والحكومات الوطنية وقفت عاجزة عن تقديم الحلول، وكان سحر أمير قطر وحده البلسم الذي أنقذ لبنان من أتون حرب طائفية. هكذا تبدو الصورة الخارجية التي لا بد أن تلازم قصر النظر السياسي وتحويل العلاقات السياسية بين الدول إلى مكائد شخصية وحسابات صغيرة.
بدل رؤية أبعاد استقبال ليفني ومخاطر التطبيع الزاحف، جرى الأمر وكأن شيئاً لم يكن، وكأن الأمر جد طبيعي وضروري ومتلازم مع توجهات عديدة، «ولم يعد في الميدان غير حديدان» الذي منحته ليفني سر إكسير حل الأزمة اللبنانية، ولم يبق على الآخرين إلا أن يشتركوا في التطبيل والتزمير لإبعاد كل ما من شأنه أن يشير إلى أن الأمور السالكة تطلبت نقل الأزمة اللبنانية إلى مرحلة جديدة، ولم يخب ذكاء أمير قطر عندما أشار بوضوح إلى «أن المقاومة تطلبتها مرحلة مضت وانتهت» ولم تعد ضرورة وطنية أو عربية أو إقليمية.
وهكذا نحن أمام مشهد عنوانه حكمة الأمير تعرف بواطن الأمور.