ترجمة حسين علي/ بوسطن- قاسيون ترجمة حسين علي/ بوسطن- قاسيون

ارتفاع البطالة يقود إلى «تسوية» حول «حزمة التحفيز»

المعدلات المرتفعة للبطالة تدفع مجلس الشيوخ لعقد تسوية عاجلة على حزمة التحفيز الاقتصادي ووزارة المالية إلى وضع خطط إنقاذ مالية أخرى.

سرحت الشركات الأمريكية 600 ألف عامل في شهر كانون الثاني- أخبار قاتمة ألقت بظلالها على فرص معافاة الاقتصاد هذه السنة واستحثت مجلس الشيوخ لكي يعقد صفقة تسوية حول حزمة التحفيز الاقتصادي البالغة 780 بليون دولار.

وفقا لتقرير وزارة العمل الصادر يوم الجمعة، خسر الاقتصاد الأمريكي 3600000 (ثلاثة ملايين وستمائة ألف) وظيفة منذ بداية الركود في كانون أول 2007، كان نصف هذه الخسارة خلال الشهور الثلاثة الأخيرة. بلغ عدد المسجلين ممن فقدوا عملهم في شهر كانون الثاني لوحده 598000 عامل.

قال كريس روبكي كبير اقتصاديي بنك طوكيو- ميتسوبيشي يو اف جي في نيويورك «إن ذلك سيلقي عبئاً ثقيلاً على الاقتصاد المترنح وسيكون من الصعب جداً أن يستعيد توازنه، إنني أحاول أن أهدئ روع الناس لكن بعد رقم اليوم، لن يكون ذلك سهلاً».

في ديتروت، قالت شركة السيارات كرايسلر ال ال سي بأنها ستوقف العمل في مصنعين من مصانع مشيغين لمدة أسبوع على الأقل بدءاً من يوم الاثنين. من المتوقع أن تقوم كرايسلر وجنرال موتور بإغلاق بضعة مصانع كجزء من خططهم الهادفة إلى إثبات قابليتهم للاستمرار التي يتعين عليهما تقديمها إلى الحكومة الأمريكية لاحقا في هذا الشهر. 

خطة وزارة المالية.. مؤشرات مقلقة

وفقا لمصادر مطّلعة، تخطط وزارة المالية بأن تحقن البنوك بمبالغ إضافية، مساعدة مالكي البيوت لكي يتفادوا خسارة بيوتهم المرهونة وتوسيع دور ووظائف الاحتياطي الفدرالي، وفاني ماي، وفريدي ماك (شركتا الرهون العقارية) والمؤسسة الاتحادية لضمان الودائع. لكن يتوقع بعض الاقتصاديين بأن تتضاعف معدلات البطالة لاحقاً في هذه السنة، حيث ضرب الركود أسواق العمل بشدة وسرعة على امتداد مختلف المناطق ومختلف أنواع النشاط الاقتصادي بما فيها قطاع الخدمات الذي عانى من تسريحات كبيرة– علامة مقلقة جداً تعكس التقلص الحاد في الإنفاق. إن قطاع الخدمات، والذي يحتل نسبة 85% تقريباً من الأعمال، قد فقد 279000 فرصة عمل في كانون الثاني. ويوجد أيضاً دليل مقلق آخر، هو أن قطاع المساعدة في التعيين في أعمال مؤقتة، والذي يعتبر إشارة لاتجاه سوق العمل، هو الآخر قد استمر بخسارة الوظائف بما فيها 76000 عمل في كانون الثاني. إن ما يقلق الاقتصاديين هو أنه خلال معظم فترات الركود تميل الأعمال المتصلة بقطاع الخدمات إلى الثبات والاستمرار. ذلك لأن الناس تحجم عن الإنفاق من أجل مشتريات كبيرة كالسيارات أو العقارات، لكنهم بشكل عام يستمرون في الصرف على نفقات أخرى كحلاقة الشعر أو صيانة الكومبيوتر، وهذا ليس هو الحال في هذه الفترة. 

دلائل ضعف

يمثل رقم العاطلين عن العمل فقط أولئك الذين ينشطون في البحث عن عمل، يعتبر هذا الرقم مؤشراً قوياً لأنه يعكس رد فعل الشركات على وضع الاقتصاد. لكن في إشارة إلى اقتصاد أكثر ضعفاً فإن حجم انتشار البطالة هو أكبر مما تنشره تقارير العمل هذا إذا شملنا العاملين الذين أجبروا على العمل بدوام جزئي أو أولئك الذين تركوا أعمالهم طواعية ولا يعتبرون بالتالي في عداد قوة العمل. وفي هذه الحالة ترتفع معدلات البطالة لتصل إلى 13.9% في كانون الثاني.

مايك سباستيان (41 عاماً)، كبير الفنيين ومدير لـ1600 عامل في شركة بناء مقرها في دالاس، ظن بأن عمله كان آمناً نسبياً. بعد عشر سنوات اعتقد بأنه قد تعلم الحيل التي تساعده في الحفاظ على عمله، ولكن تبين له أنه مخطئ: «إن الأشياء التي اعتدت القيام بها لتقوية مركزك في الشركة لن تكون نافعة بعد ذهاب مديرك ومجيء آخر، فكل قواعد اللعبة تتغير». مضت ستة شهور على فقدانه لعمله وهو مايزال يبحث. وقد دعي إلى مقابلات عمل فقط ليتم إخباره بأن الشركة قد قررت بأن تترك الوظيفة شاغرة.

أظهر تقرير العمل الجديد بأن عدد الأعمال قد تناقص في كل مختلف أنواع القطاعات تقريباً باستثناء الصحة و التعليم. لكن لم يشهد هذان القطاعان أية توظيفات جديدة. خسر قطاع تجارة التجزئة أعمالاً بشكل متواتر على مدى أثني عشر شهراً وخفّض 45000 عمل في كانون الثاني. قال لورانس كاتس اقتصادي في جامعة هارفارد «كل تلك المؤشرات تدل على سعة انتشار الانكماش الاقتصادي وعلى مدى عدم ثقة الشركات في المستقبل». 

تراجع الإنفاق والاستعداد لما هو أسوأ

خفضت المصانع، التي تتكدس بضائعها على الرفوف في المخازن مع تقلص الإنفاق، عدد عمالها بمقدار 207000 في كانون الثاني وهذا هو أكبر فقدان للعمل في شهر واحد منذ تشرين الأول عام 1982.  يقول الاقتصاديون إن تسارع فقدان العمل جعلت الأمور أكثر سوءاً وأنه لن يكون هناك أي تحسن للاقتصاد في النصف الثاني من هذه السنة. ينفق المستهلكون أقل بينما تعلن الشركات عن تسريح عشرات الآلاف من عمالها.

مع تراجع الإنفاق، تراهن إدارة أوباما بأن حزمة إنفاق حكومي على مستوى كبير ستستطيع أن تحرك الاقتصاد الراكد و تمنعه من الاستمرار في دوامة الهبوط أكثر فأكثر.. وبعد تخفيض الحكومة معدل الفائدة إلى الصفر تقريباً فإنها تستعد لارتفاعات أكبر في الشهور القادمة في معدلات البطالة حيث اتجهت إلى استخدام وسائل وبرامج غير تقليدية لتزويد المستهلكين وأصحاب العمل بالقروض التي لم يستطيعوا الحصول عليها بسبب انهيار سوق الائتمان. 

■ «وول ستريت جورنال