أوباما و«القوة الذكية» وغسيل الأدمغة..
فيما تروج هيلاري كلينتون وزير الخارجية الأمريكية الجديدة إلى ما تسميه ب«الدبلوماسية الذكية»، وتروج وزارة الحرب الأمريكية والبيت الأبيض لما يسمى ب«القوة الذكية»، بدأت تطرح قيد التداول واحدة من الأدوات القريبة- البعيدة المستخدمة في ذلك والممهدة له عبر اتخاذ خطوات غير مسبوقة في «غسيل الأدمغة»!
ففي «دليل فريد على الشفافية الديمقراطية»، حسب توصيف صحيفة «الغارديان» البريطانية، «انفردت» الصحيفة في عددها الصادر يوم الاثنين، 16/2/2009، بنشر تفاصيل جدُّ دقيقة وخاصة من الرسائل الإلكترونية (الإيميلات) التي تقول إن الرئيس الأمريكي باراك أوباما قد أرسلها مؤخرا عبر جهاز «البلاكبيري» الخاص به إلى أفراد أسرته وأصدقائه ومساعديه!
ووعدت الصحيفة قراءها بأن تعرض لهم على صفحاتها بشكل أسبوعي المزيد من رسائل أوباما الإلكترونية، إذ تتعهد بنشر «باقة منتقاة من الإيميلات التي يكون أوباما قد أرسلها خلال الأيام القليلة التي تسبق النشر»، والتي يُفترض أن تكون غاية في السرية، لكن الرئيس «وافق على أن تقوم الغارديان بنشرها بشكل دوري»(!)
وبينما لا يعرف أحد لماذا خص أوباما صحيفة بريطانية، وليس أمريكية، بهذه «المكرمة»(!)، وماذا بخصوص «مقتضيات الأمن القومي الأمريكي»، و«أمن الرئيس بما فيه معلومات ووثائقه»(!)، يكون أوباما، حسب ترويج الصحيفة، «ليس هو فقط أول رئيس أمريكي يُسمح له باستخدام بريده الإلكتروني أثناء فترة رئاسته، بل يصبح أيضاً أول مسؤول في العالم يكشف تفاصيل مراسلاته الخاصة بهذا الشكل العلني وينشرها أمام العالم أجمع».
وعرضت الصحيفة بالفعل مجموعة من الرسائل الإلكترونية التي قالت إن أوباما كان قد أرسلها في الآونة الأخيرة، والتي تضم مجموعة من الرموز والإشارات المطلوب إيصالها للجمهور عموماً تحبباً بالرئيس «الشفاف الذي لا يوجد لديه ما يخفيه»، ومنها رسالة إلى زوجته ميشال على بريدها الإلكتروني الخاص بالسيدة الأولى في البيت الأبيض، «يتغزل» فيها بزوجته وظهور صورتها على غلاف مجلة «فوغ»، معرباً عن «غيرته» من نائبه جوزيف بايدن الذي يضع الصورة خلفية لجهاز الحاسوب في مكتبه(!). والرسالة الثانية موجهة إلى جون فافرو، المدير المسؤول عن كتابة خطب الرئيس، بخصوص مضمون خطابه خلال زيارة إلى كندا «الصديقة الحيوية لواشنطن» حسب تعبير أوباما الذي برر «طلبه النجدة» بسبب «الجهد غير المتوقع الذي يبذله بخصوص الأزمة المالية». أما الثالثة التي تشكل قمة الابتزاز العاطفي للأمريكيين والناس عموماً فتعزف على وتر الطفولة والعلاقة المميزة المطلوب مع الأطفال، فهي موجهة إلى ابنته الصغرى ساشا، «شاكرا لها مبادرتها النبيلة عندما عرضت عليه مساعدته في اختيار الشخص المناسب لشغل منصب وزير التجارة في إدارته، وذلك بعد أن صعب عليها منظر والدها المنهمك في إيجاد بدائل لعدد من المرشحين الذين اضطروا لسحب ترشيحاتهم بسبب مشاكل تلاحقهم، ليس أقلها تهم التهرب الضريبي»(!). ودعاها عوضاً عن «تسمية أعضاء فرق موسيقية ليسوا بخبراء اقتصاد» «للتفرغ لإنجاز واجباتها المدرسية ووعدها بمكافأت لها في المقابل، من بينها السماح لها بمشاهدة التلفزيون لمدة سبع دقائق بالتمام والكمال مساء اليوم ذاته»!
والرسالة الرابعة فهي موجهة إلى رئيس موظفي البيت الأبيض (الصهيوني) رام إيمانويل، وخامسة إلى القائمين على قسم تكنولوجيا المعلومات لديه!! ومن الطبيعي أن يكون أول «تعليق بريء» يراود أي متلق لهذا الخبر وتفاصيله في «الغارديان» أن يقول «أيه شو هو الأوباما هاد؟»، «ما يبلى»، «يا هيك الديمقراطية، يا بلا»!