بين مؤيد ومعارض.. شافيز يسعى لتجذير ثورته
على الرغم من أن الاستفتاء في فنزويلا كان شعبياً وديمقراطياً، واعترفت بنتائجه المعارضة قبل غيرها، فقد تباينت ردود الفعل على التعديل الدستوري الذي شهدته البلاد مؤخراً ومنحت الرئيس هوغو شافيز فرصة الترشح لولايات رئاسية عدة.
أعداء شافيز والمناهضون للتحولات التي تشهدها أمريكا اللاتينية، ولاسيما لجهة إلغاء تبعيتها السياسية والاقتصادية لواشنطن وبيتها الأبيض، وجدوا في الأمر نزعة ديكتاتورية وتكريساً للفردية، وهو ما يتناقض مباشرة مع حقيقة نجاح التعديلات الدستورية ذات الصلة عبر موافقة 54% من أبناء فنزويلا عليها، وهو ما يعكس واقعاً ديمقراطياً لم يسع شافيز لتزييفه برفع نسب الموافقين إلى ما دون المئة بالمئة بقليل، تماماً مثلما سبق له هو أن أقر بالهزيمة عندما خسر بفارق طفيف في استفتاء مشابه أجري في كانون الأول 2007 للغرض ذاته.
شافيز وأنصاره يؤكدون أن الفوز سيعزز التفويض الشعبي الممنوح للرئيس لإقامة دولة اشتراكية تتحدى النفوذ الأميركي في أميركا اللاتينية. وصرح بأنه يحتاج إلى عشر سنوات أخرى لترسيخ جذور ثورته، التي سرعت من وتيرة عمليات التأميم وقلصت الديون الخارجية مستفيدة من ارتفاع أسعار النفط سابقاً لتوظف الفائض في زيادة الاعتمادات المالية المكرسة للإنفاق على برامج الرعاية الاجتماعية المتعلقة بالصحة والتعليم ومنافذ توزيع الطعام على الفقراء في المدن والقرى النائية الذين ساندوه بصفة مستمرة، إلى جانب دعم الفقراء في بقية الدول الحليفة في القارة اللاتينية.
وفي أول خطاب رسمي بعد نجاح مشروع تعديل الدستور، وعد الرئيس شافيز بمحاربة الجريمة والفساد وتعزيز السياسة الاشتراكية، مؤكداً أن الشعب الفنزويلي سيكون في وضع أفضل كثيراً ليفتح ابتداءً من العام المقبل آفاقاً جديدة، موضحاً أنه «ما لم تكن للرب مشيئة أخرى، وما لم تكن للشعب مشيئة أخرى، فهذا الجندي بالفعل مرشح مسبق لنيل الرئاسة للجمهورية 2013-2019».
وكان الرئيس الفنزويلي أعلن في وقت سابق أن أجهزة الاستخبارات الفنزويلية أحبطت مؤامرة عسكرية للانقلاب على الدولة واقتحام القصر الرئاسي أعدها عسكريون- أحدهم هارب في الولايات المتحدة- بالتنسيق مع معارضين في مناطق تاشيرا وكارابوبو وزوليا ونويفا أسبارتا.
شافيز الذي أعرب عن ارتياحه لرحيل جورج بوش «الذي ملأ العالم بالإرهاب والعنف»، حسب تأكيد الرئيس الفنزويلي، دعا غداة تنصيب الرئيس الأمريكي الجديد إلى عدم الإفراط في الحماسة تجاه أوباما «الذي يحمل الرائحة الكريهة ذاتها» لسلفه بوش، مشدداً على أن أوباما يتبع أوامر البنتاغون، ومحذراً إياه من أنه «إذا لم يطع أوامر الإمبراطورية (الأميركية) فسيقتلونه».
وفي خطاب آخر له في 17 كانون الثاني اتهم شافيز أوباما بالتدخل في الاستفتاء وبدعم المعارضة وبأنه يرغب في إزالته من منصبه، مشدداً على أن لدى كاركاس معلومات بأن قادة المعارضة توجهوا إلى نيويورك للاجتماع مع مستشارين من الحكومة الأمريكية.
ونصح شافيز أوباما بأنه إذا أراد علاقات جيدة ليس مع فنزويلا وحدها فحسب وإنما مع شعوب وحكومات أميركا اللاتينية، فإن عليه أن يدرس الأمر بتمعن ويأخذ دوره (كرئيس أمريكي) على محمل الجد.
وكانت العلاقات الأميركية الفنزويلية وصلت أدنى مستوياتها في أيلول الماضي عندما طرد شافيز السفير الأميركي من البلاد واستدعى مندوب بلاده من واشنطن. وتبع ذلك الموقف الأسطوري المتمثل في قرار فنزويلا قطع جميع علاقاتها الدبلوماسية مع الكيان الإسرائيلي بعدما طردت يوم 6 كانون الثاني جميع العاملين في السفارة الإسرائيلية بكراكاس، وذلك تضامنا مع الشعب الفلسطيني واحتجاجا على العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.